الرئيسية / تقارير صحفية وسياسية / على غرار أبيه وعمه.. هل يسعى الحكيم لـ”مأسسة” التحالف وإحكام القبضة عليه؟

على غرار أبيه وعمه.. هل يسعى الحكيم لـ”مأسسة” التحالف وإحكام القبضة عليه؟

السيمر / الأربعاء 30 . 11 . 2016 — عمل التحالف الوطني خلال اجتماعاته الأخيرة على مأسسة التحالف، وتنظيم عمله عبر عدة خطوات لعل أهمها التصويت على النظام الداخلي له، والمصادقة عليه، في الاجتماع الأخير الذي عقده التحالف، يوم الأحد الماضي، وذلك ضمن مشروع كبير يلوح في الأفق، يبدأ بالتحالف وينتهي ببقية الأطراف السياسية عبر “تسوية” سياسية من شأنها ان تؤدي الى إعادة النظر بالعملية السياسية برمتها.
سعي التحالف هذا، برئاسته الجديدة المتمثلة بعمار الحكيم، شملَ ايضاً وضع عشرَ لجانٍ من داخل التحالف، موازية للجان البرلمان، تأخذ على عاتقها مهام رقابية، وترشيح بدلاء لمناصب التحالف من وكلاء وزراء ومدراء عامين أو حتى وزراء، وقد شرعت بعملها منذ الاجتماع الأخير، بعد ان تم الاتفاق على تشكيلها “11 تشرين الثاني 2016”.
ويقول النائب عن التحالف الوطني عبد الهادي موحان، بهذا الخصوص، كان هناك عشرة ملفات اهمها الملف التشريعي وكذلك الاقتصادي والسياسي والعلاقات والاعلام وملفات تخص المحافظات واخرى داخلية وخارجية”، مشيرا الى ان “اللجان العشر التي شكلها التحالف تعمل على تلك الملفات ولكن أبرزها الملف التشريعي ودور النواب في الكتل السياسية داخل التحالف بممارسة عملها لمناقشة القوانين المهمة والمعطلة منذ ثمانية اعوام داخل مجلس النواب”.
واضاف موحان في تصريح صحفي، أمس الاثنين، ان “المقصود بأن يكون التحالف مؤسسة ان لا يمثل برموز معينة حتى يستطيع القيام بدوره على مختلف الصعد خاصة في الملفات الحاسمة”، متابعا ان “التحالف يهدف بممارسة عمله كأحد مؤسسات الدولة، التي لديها اقسام وشعب وفروع ولجان لتكون مطبخا سياسيا متكاملا”.

آل الحكيم ومأسسة العمل السياسي
وفكرة مأسسة التحالف التي عمل عليها مؤخراً، لم تكن وليدة اليوم، اذ سبقتها بذلك مبادرة لجمع الأطراف المعارضة في زمن النظام البائد برعاية إيرانية، ضمت عدة أطراف يشارك بعضها في العملية السياسية الموجودة في العراق الآن.
ففي العام 1982 أعلن رجل الدين الشيعي، المقيم في إيران آنذاك، محمد باقر الحكيم، عن تشكيل المجلس الإسلامي الأعلى للمقاومة في العراق، وقد تم الاتفاق على ان تكون رئاسته بادئ الأمر لرجل دين آخر بارز في احداث الثورة الإيرانية 1979، وهو محمد الهاشمي، لكن الحكيم تسلم الرئاسة في العام 1986، وبقيت في حيازته حتى اغتياله آب 2003.
وتحول المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، الى مؤسسة تمتلك رئاسة، “وعشرة نواب”، تعقد اجتماعاً دورياً كل ستة أشهر، قبل ان يتحول الى العمل السياسي بعد سقوط صدام، وتوكل مهمة التمثيل السياسي في “مجلس الحكم” للراحل عبد العزيز الحكيم، وهو شقيق مؤسس المجلس، ووالد رئيس التحالف الوطني الحالي، والمجلس الأعلى، عمار الحكيم، وصولاً الى تحويل المجلس برمته الى “المجلس الأعلى الإسلامي العراقي”، الموجود بشكله الحالي.

ترميم التحالف
وبقي التحالف الوطني، الممثل للبيت الشيعي في العراق، لمدة طويلة بلا رئيس، خصوصاً بعد وفاة رئيسه عبد العزيز الحكيم، قبل ان تأتي فترة رئاسة وزير الخارجية إبراهيم الجعفري له، والتي وصفها مراقبون بأنها “الأسوأ في تاريخ التحالف”، قبل ان تعود سدته الى آل الحكيم ممثلة بعمار الحكيم.
وبعد انتخابه رئيساً للتحالف، حاول الحكيم لملمة شمل الأطراف الشيعية، من أجل إعادة التحالف الوطني الى وضعه السابق، حيث تواصل مع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، في ظل العلاقة المتذبذبة بين الصدر والتحالف، وعمل على وضع مشروع تسير وفقه الأطراف الشيعية.
ولم يتحرك الحكيم بالمنصب بكامل حريته على غرار أبيه وعمه، حيث وجد مشروعاً آخر قدمه الصدر بعد ان شابت أطراف البيت الشيعي ذاتها خلافات سياسية، وابتعاد وجهات النظر عن بعضها البعض، ولعل أبرز هذه الخلافات هي حالة كتلة الاحرار (الجناح السياسي للتيار الصدري)، مع حزب الدعوة في ظل توتر العلاقة بين نوري المالكي والصدر، أو حتى انقاس حزب الدعوة الى جناحين، متمثلين بالمالكي ورئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي.
وعلى الرغم من الاهتمام الذي أولاه رئيس التحالف الحكيم، لما يتعلق بوضع الصدريين داخل التحالف، الا ان الوجه السياسي للتيار (كتلة الأحرار)، ظل متمسكاً بمقاطعته لجلسات التحالف واجتماعاته، ليسدد بذلك الضربة الأولى لمشروع “تحالف واحد يضم كافة الأطراف”، خصوصاً وإن الحديث عن الصدريين يعني أكثر من 30 مقعداً في البرلمان، وقاعدة جماهيرية كبيرة.

“التسوية التاريخية”
وعلى الجبهة الخارجية من التحالف، والمتعلقة بالأطراف السياسية الأخرى، قدم الحكيم مشروعاً شاملاً ضم بين دفتيه العناية بالشأن السياسي والاقتصادي والاجتماعي في العراق، يكون من اساسياته الاتفاق بين كافة الأطراف، وتصفير الخلافات والأزمات السياسية، على ان يطلق المشروع بشكل رسمي بعد التخلص من تنظيم داعش.
المشروع الذي سمي بثلاثة أسماء، أكثرها شيوعاً هو “التسوية التاريخية”، يمثل رؤية الحكيم التي حاول أكثر من مرة تطبيقها، بداية من العام 2012. وجد فرصته لرؤية النور بعد تولي الحكيم لرئاسة التحالف الوطني، ليجسد بذلك المنطلق الأول له، حتى وإن كانت مدة رئاسته لن تدوم أكثر من سنة، بحسب اتفاق أطراف التحالف فيما يتعلق بالرئاسة الدورية له.
ولقيت التسوية أصداءً واسعة في الوسط السياسي، لكنها لقيت معارضة مساوية، وجدت فيها “مصالحة مع من تلطخت أيديهم بدماء العراقيين”، برغم كون هذه النقطة هي شرط منصوص على عدم امكانيته بشكل مباشر في التسوية، لتؤجل كافة التخمينات الى ما بعد مرحلة داعش.
وفي غضون ذلك، يرى مراقبون ان محاولة تنظيم عمل التحالف، وتحويله الى مؤسسة سياسية، هي عمليات إنعاش للبيت الذي فقد عدداً من أبنائه، بين “جبهة اصلاح”، وابتعاد الصدريين، وصولاً الى انقسام حزب الدعوة بين رئيسين. لكنها تبقى ضمن المشاريع صعبة التنفيذ، بالنظر الى طبيعة العملية السياسية القائمة على النظام البرلماني، أو حتى اختلاف وجهات النظر داخل التحالف نفسه، وعدم اتساقها في كثير من مفاصل السياسة والتوجهات الأخرى.

وان نيوز

اترك تعليقاً