السيمر / الجمعة 24 . 03 . 2017
عبد الحمزة النبهاني
النجم هو جسم يولد ضوء وحرارة, بالتفاعلات النووية, كالشمس التي هي أقرب النجوم عن الأرض, عندما نسمع كلمة نجم, تشخص الأبصار للسماء, وتشير لما يزينها من كواكب ونجوم نراها من مواقعنا على الأرض, وبالقدر الذي يحدده إدراك عقولنا, وتفاوت النظر من شخص لآخر, حسب مستواه العلمي, وإلهام الباري, هذا من جانب ما ننظر نحن للسماء .
ينظر أهل السماء للأرض فماذا يرون ؟ قد تعكس أشعة الشمس من خلال الطبقات الجوية المحيطة بها, وتمتص ما ينفذ من خلالها, شاء الباري أن يزين الأرض بأجمل خلقه وأقربهم إليه, يشع نورهم وأعمالهم, كل عمل خير تتقد شمعة, يشع نورها ككوكب أو نجم, يراها أهل السماء .
إستشهاد الإمام علي (عليه السلام ) في المحراب, إتقد نجم في السماء, يحمل روحه الطاهرة, وشعاع علمه ومعرفته, ينير طريق المسلمين, وإستمر النهج الإسلامي, والشهادة في سبيل الباري, لتكون كربلاء أشد مدرسة, وطريق النور, بعد أن هوت على تربة العراق, كواكب وأقمار لتعيد للبشرية أمجادها وكرامتها, وترسخ مبادئ الدين الإسلامي, ورسالة الرسول الأعظم .
تستمر التضحيات لسلف آل بيت الرسول, بسقوط كثير من علماء الدين, ورجال المبادئ, الذين لا يبالون بأنفسهم, ولا بغال أو نفيس, أمام العقيدة والرسالة السماوية .
رجال يشهد لهم التاريخ ومواقفهم, بالدفاع عن الإسلام أمام الجبابرة والطغاة, ورغم الهول والعذاب والتضحيات, وضنك العيش الذي أصابهم, بغية المبدأ والعقيدة, هي هدفهم الأساسي وسماتهم, كانت الشهادة في سبيل الباري غايتهم يتسابقون إليها .
بعد إحتلال العراق من قبل أمريكا, حيث تم فتح صفحة جديدة لبناء العراق الجديد, وترسيخ العقيدة الإسلامية في قلوب أبناء الشعب, وإزالة مخلفات ثلاثين عام, عاد من كان في المهجر لموطنهم الأصلي, وإستقبلتهم القلوب المتلهفة, من شدة فراقهم الذي طال سنين .
دخلوا العراق يحيط بهم الشعب الصابر, على أشد حالات الويلات لثلاثين سنة, تجرد خلالها من كل معاني الحرية والتعبير الحر لإرادته, كان تكميم الأفواه النجاة لبرالأمان, تعالت الأصوات بصرخة الخلاص من الطاغية, وعودة الغياب لوطنهم من المهجر, ليتم إعادة مبادئ الإنسانية, وما فقدت من روح البشرية, وإنحراف العادات والتقاليد .
إكتمل الجمع المؤمن, وإنطلقت بداية لبرنامج إسلامي حضاري جديد, يجمع العراقيين ويوحد الصفوف, بخطوات ثابتة أثارت الرعب في نفوس أعداء الإنسانية, والمجرمين, والوهابيين, وأعدوا عدتهم ومكرهم, لتمزيق العراق, وتشتيت الشمل من جديد .
يوم الجمعة الأول من رجب المصادف 29/8/2003, وبعد إنتهاء صلاة الجمعة الموحدة, للإمام السيد الآية العظمى محمد باقر الحكيم (قدس), إهتزت النجف الأشرف, وتصدعت أركان جدار الصحن الحيدري الشريف, بالإنفجار المرعب, الذي أعده أعداء الإنسانية, شاء الباري أن ينال السيد الشهادة, بجوار مرقد جده الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) .
إختطفت السماء هذا النجم من بين أيدينا, تاركا لنا نهجا ومبادئ,يسير عليها مواليه ومحبيه, ليكون لهم الملهم الفكري للعقيدة, ومبادئ الدين الإسلامي, رغم معاناة العراقيين لواقعهم المرير, تبقى الذكرى تؤلمنا, وتتجدد لمن نقتدي بهم, ونتعلم من دروس مدرستهم, ورحلات عمرهم, الذي إبتدأ وإنتهى بخدمة الإنسانية, ومبادئ الدين الإسلامي, والرسالة المحمدية .
السيد شهيد المحراب الآية العظمى محمد باقر الحكيم (قدس), ولد عام 1939 في النجف الأشرف, وكان عمره (12) سنة بدأ تحصيله للعلوم الحوزوية, وتدرج ونال درجة الإجتهاد عام 1965, وبدأ التدريس وعمره (25) سنة, فتتلمذ على يده عدد من العلماء الأفاضل, وله عدد من المؤلفات, بعد إستشهاد السيد محمد باقر الصدر (قدس), نجاه الباري من عدة محاولات إغتيال من قبل النظام السابق, وإستمر نضاله من أجل الإنسانية, وهاجر إلى جمهورية إيران الإسلامية عام 1980 .
عاد إلى العراق بعد نهاية النظام, يحمل معاناة عشرين عام, تجسدت وفق برنامج إسلامي علمي حضاري جديد, فباشر من اليوم الأول لعودته لأرض الوطن, بإقامة صلاة الجمعة في الصحن الحيدري الشريف, بجوار الإمام علي (عليه السلام),بالإرشاد والتوعية , وشاء الباري بعد هذه الرحلة الطويلة أن يكرمه بنيل الشهادة, ليلتحق بركب الشهداء والمجاهدين في الأول من رجب, ليكون هذا اليوم التاريخي يوما للشهيد العراقي, يستقبله العراقيون بذكرى ألم فراق شهدائهم, الذين يدافعون عن الكرامة والمبادئ والإنسانية, وتتزامن هذه الذكرى مع نهاية عصابات الكفر والإرهاب, التي دنست أرض البلد, وتحرير الموصل والعراق من أعداء الإنسانية, والفاشلين والفاسدين والخونة, الذين يتحملون كل ما أصاب العراق من ويلات, والدماء التي سالت لتحرير الأرض برقابهم, وإن يوم حسابهم لقريب .