السيمر / الاثنين 28 . 08 . 2017
معمر حبار / الجزائر
من الملاحظات التي لفتت انتباه المتتبع وهو يقف على المناسبات كالحج وعيد الأضحى هي:
المبالغة الشديدة في مسألة التشبه بالحاج كعدم قصّ الشعر والأظافر تشبها بالحاج حتّى أمست للبعض في منزلة الأضحية والحج، بينما هي في الحقيقة من المستحبات التي يقوم بها المرء بيسر وهدوء وسلاسة دون إرهاق ولا تكليف.
تركيز الأئمة وباستمرار على أنّ سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى بـ “كبشين أملحين أقرنين” دون اتباعها بمن استطاع، حتّى ساد الاعتقاد أن الأضحية دون الكبش لاتحق وتمسّ الرجولة مادفعهم للاستدانة وإرهاق أنفسهم من أجل التضحية بالكبش الكبير وكان يكفيهم الصغير والنعجة.
كلّما حلّ عيد الأضحى أو مناسبة تتطلب البذل والعطاء إلا وكتب البعض أن فقراء ومساكين المسلمين أولى بالمال من الحج والأضحية، وعليه نقول: الحج والأضحية لايمنعان أبدا تقديم المساعدة للفقراء والمساكين والشعيرة لا تمنع الشعيرة بل تعضدها وتقويها، فلزم الإبقاء والتمسك بالحج والأضحية في حدود القدرة والاستطاعة وفي نفس الوقت حثّ المجتمع على المساعدة وتقديم العون فيرتفع حينها المجتمع ويتحسن وضع الفقراء والمساكين ويظلّ المرء متمسكا بالشعائر الدينية.
وأنا أخط هذه الأسطر أقرأ في نفس الوقت وبالصدفة جدولا لأسعار الأضاحي في الدول العربية، فتحتل الجزائر المرتبة الأولى في سعر الأضاحي، ودون الدخول في التفاصيل الخاصة بالسعر المناسب لحجم الكبش باعتبار الجزائر تضم أفضل أنواع الكباش وما يطلق عليه في الجزائر بـ “الڤبلي” وهو الأطيب لحما والأقوى بنية والأحسن والأفضل، إلا أنّ إرتفاع أسعار الأضاحي بسبب تدهور قيمة الدينار أساءت كثيرا للعيد وللقدرة الاستهلاكية مما يستوجب إعادة النظر في الرفع من مستوى تربية الحيوانات ومنها البقر والأغنام وما يناسبها من جانب علمي ومادي متطور ومناسب ليسهل على المجتمع استهلاكه بسعر مقبول للجميع دون استدانة ولا إرهاق صاحب العائلة.
من الملاحظات التي لفتت انتباه المتتبع وبشكل مستمر بارز: يركب المرء المستحيل لكي لايشتري كبش العيد ولا كبش العقيقة، ويقدّم في سبيل المنع قائمة من التبريرات ، كـ: صنع السيارة، وأدوات المدرسة، والحج، والبناء، والسفر، والبحر، والمحمول، وتجهيز البنت، والضيافة، وتغيير الأثاث وغيرها . والمرء مطالب أن يضع مثل هذه الشعائر النبيلة ضمن أولوياته ويفضلها على تبريراته، حتّى إذا عجز تكفيه حينها نيته وقد يأتيه الفرج من حيث لايدري. وأجدادنا رحمة الله عليهم جميعا كانوا أفقه وأعلم حين قالوا “المهم يسيل الدم” أي لايشترط الكبش الكبير ويكفي الصغير والنعجة الصغيرة كما قال سادتنا الفقهاء رضوان الله عليهم . والمجتمع بحاجة إلى غرس ثقافة البذل والعطاء وكبش العيد وكبش العقيقة إحدى المظاهر البارزة الحسنة لمن استطاع التخلص من التبريرات الواهية، والمجتمع السليم لايأخذ بمن بخل ومنع ويأخذ ممن ضحى وتكرّم وجعله قدوة يقتدى به في اليد العليا.
عيد الأضحى لهذا العام سيكون يوم الجمعة وسنصلي صلاة العيد وصلاة الجمعة كما صلى سادتنا سلفنا الصالح وأوصى بذلك سادتنا الفقهاء رضوان الله عليهم جميعا، وهذا فضل عظيم وهنيئا لكل من شهد الصلاتين. وتمسّك بهما.