السيمر / الجمعة 28 . 12 . 2018
محمد جواد الميالي
تختلف الأفكار التي تحتويها مختلف النظريات، وربما تتداخل مع بعضها الآخر، لكنها ربما تشترك في الأسم فقط..ففكرة الإزاحة في الرياضيات، تختلف عن الإزاحة الجيلية في علم الإجتماع. الأولى تناقش إختصار المسافة، والأخرى تعنى بإستثمار الزمن المترابط مع عمر الأجيال المجتمعية، لكنهما باسم واحد. لفهم سوء الإدارة السياسية الحاصل في الحكومة العراقية، يجب علينا أولاً أن ندرس النسيج المجتمعي، الضابط لعلاقات المواطنين فيما بينهم من جهة، وبين المواطن والحكومة من جهة اخرى، وعلاقة الإزاحة الجيلية بينهما، لنقف ونشخص مَواطن الخلل، وسبل إصلاحها وبنائها.. بعيداً عن فندق بابل والرشيد. خمسة عشر عاماً هي فترة تجربتنا الديمقراطية، والتي مازالت تحبو داخل أروقة المؤسسات الحكومية، يرافقها سوء الإدارة والفساد، ومع أنتهاء كل دورة وبداية الأخرى تعود الخطابات التسويفية المعتادة (سنبدأ بالعمل لإعمار المدن، والنهوض بها أقتصادياً، وسنغير الواقع المخزي للعمل الإداري في مختلف مفاصل الدولة)..ولا جديد. مضت تلك السنوات ولم يرى النور ذلك التغيير المنشود، ولازالت مجرد شعارات لكل من يعتلي منصة.. ومن منظور مجتمعي وسياسي، الكل مشترك بهذا الفشل، الذي يراوح بين الشوارع العراقية، وينبض داخل أزقة العمل السياسي، والرابط بينهما هو جيل عاصر نظام حكم الطاغية صدام، وعاد لمسك زمام الأمور الأدارية والسياسية في المنظومة الديمقراطية في اروقة وزوايا المواقع المفصلية، ففكر الدكتاتورية مازال يخفق داخل العقل البشري لجيل يمسك بزمام الأمور، ويدفعها باتجاهين : الأول يختص بعلاقة المواطنين فيما بينهم، وهي تتعلق بعمل المؤسسات الحكومية، بما فيها الصحة والتعليم وغيرها، فنجد أن أغلب موظفيها هم من ضمن جيل الدكتاتورية، ولا يفقهون معنى المرونة في العمل، ومبدأ الرشى الذي ساد في حقبة المقبور، مازال ينبض في صدورهم إلا القلة القليلة، وهذا الجيل متواجد في كل مفاصل الدولة، من.. لأعلى هرم الحكومة. الثاني بين المواطن والحكومة، وهي كالبرهان الرياضي، لأن نتيجة النوع الأول، تخلق فجوة كبيرة بين الدولة والمواطن، بين الحاكم والمحكوم، فسوء الأدارة والفشل السياسي، يعود بالضرر على المصلحة العامة، ويهدم كل أواصر الترابط بين المواطن والسياسي. نظرية الإزاحة الجيلية، هي التي تشخص الخلل الواقع في سوء العملية السياسية والإجتماعية، وللأنتقال من الفشل إلى النجاح، يجب أن نعرف أن ما يحدث اليوم، هو نتيجة جيل كامل لايصلح لإدارة العملية الديمقراطية، بمفصليها السياسي والإجتماعي، والحل الوحيد هو إزاحة الجيل المتواجد في كافة مؤسسات الدولة، وكل مايرتبط بها حكومياً، بالشباب الذين عاصروا العملية الديمقراطية. رسالة إلى عادل عبد المهدي “كن فاعل ولا تكون مفعول به.. أعمل على سن قانون التقاعد الإجباري، لكل من عاصر نظام الحكم السابق، فهو الطريق الأنجح للنهوض بالوطن إدارياً، والحل الأمثل لإنتشال الشباب من بؤرة البطالة”..فهم مرض مزمن يجب استئصاله.