السيمر / فيينا / الاحد 19 . 05 . 2019
اسعد عبد الله عبد علي
احاول في هذه السطور تبيان رؤية للصراع القائم بين ايران وامريكا, لكن من جهات اخرى يمكن تعريفها بالطرف الاخر في الصراع, حيث تتمظهر بين حين واخر مواقف وتفسيرات للحدث السياسي, الشاغل الاكبر حاليا في الشرق الاوسط, والترقب الحذر ما بين اندلاع حرب جديدة, ام انها مجرد تصريحات اعلامية لتبادل الضغط, وكما عبر السيد الخامنئي ( لا حرب ولن نفاوض), مفسرا بجملة مختصرة واقع ما يجري, لكن اغلب خيوط القصة تتحدث عن لعبة شطرنج كبيرة, يديرها الكبار بحثا عن الربح.
طبيعة الصراع واطرافه ستنكشف لكم بعد قراءة السطور اللاحقة, فكن صبورا واقرأها بعناية:
· بريطانيا حليف وشريك ورغبة
بريطانيا تتابع عن كثب ما يجري في الشرق الاوسط, وتحاول ان تكون دوما حاضرة, فهي حليف رئيسي للأمريكان, لذلك رؤيتها مهمة وفيها تفسير لما قد يحدث, ففي افتتاحية صحيفة الايكونوميست جاء ما يلي: ” أنّ الولايات المتحدة الأميركية وإيران أصبحتا على مسار تصادمي”، منطلقةً من إعلان الرئيس الإيراني حسن روحاني حيث صرح: “أنّ إيران ستعلّق بعض تعهداتها في الاتفاق النووي, بعد إرسال الولايات المتحدة الأميركية حاملة طائرات وقوة من القاذفات إلى الشرق الأوسط”, فتكشف الصحيفة في تحليلها عن تصادم قريب قادم سيحصل, والمسؤول الاساسي عنه ليس ايران بل هي امريكا, حيث تحاول الدفع نحو الحرب, ايران تحاول فقط الحفاظ على مكاسبها المتحققة بجهودها فقط, وهذه الاشارات البريطانية واضحة.
امريكا بعقلية مضطربة وتتمثل في “ترامب التاجر” الذي يبحث عن ارباح سياسية سريعة, كما كان يعيش دوما باحثا عن الربح السريع, وهنا سيكون على حساب من؟ بالتأكيد على حساب العرب! هكذا تم له الامر سابقا, فلا يمكن نسيان كيف اجبر ترامب مشايخ الخليج لدفع فاتورة, بمئات المليارات للبيت الابيض, فقط لأنه اراد ذلك, فكانت مكاسب ضخمة بقرار عنتري من ترامب, لم تكلفه شن حربا وما تحمله معها من كلفة كبيرة.
بريطانيا ترى الخطوة التي اعلنت عنها ايران, من انها ستخفض من التزاماتها في اطار الاتفاق النووي, ثم الاقتراب نحو خيار صناعة قنبلة نووية, خطوة متوقعة كرد طبيعي للضغوطات الامريكية, وهذا عمل دبلوماسي لمصلحة ايران, هدفه تقليل الضغط, والانتقال لمرحلة جديدة في اللعب الكبيرة, وقد يكون بعدها الدفع بترامب للقاء الرئيس الايراني, وتشير الاخبار الى محاولات عديدة من قبل ترامب للحصول على فرصة لقاء الرئيس الايراني, كما فعلها مع كوريا الشمالية, لكن كل جهوده فشلت لحد الان.
· اسرائيل الطرف الخفي في الصراع
الصحيفة البريطانية تشير الى امكانية دخول طرف ثالث للحرب, الا وهو الكيان الصهيوني, حيث تشير الصحيفة الى ان “اسرائيل” تدرس وبشكل جدي الخيار العسكري ضد طهران, عبر ضربات جوية صاروخية لمواقع حساسة, واسرائيل سعت بشكل جدي للدفع بأمريكا لضرب الحشد الشعبي داخل الارض العراقية بذريعة معلومة اسرائيلية عن تحركات مخيفة لقوات الحشد, واسرائيل ترغب بدور اكبر وعلني في الشرق الاوسط, لذلك هي طرف مهم في كل ما يجري حاليا, والاخبار كثيرة عن سعيا لحرب جديدة في المنطقة.
لكن انا اختلف مع رؤية سعي اسرائيل لحرب مباشرة, ف”اسرائيل” تخشى كثيرا خيار الحرب ضد ايران لأنه سيفتح عليها ابواب جهنم من كل صوب, فالصحيفة البريطانية هنا تحاول التشويش, او ان تكون ضمن سرب نشر الرعب في الداخل الايراني, والنفخ في البعبع الصهيوني “اسرائيل”, ضمن الحرب الاعلامية الغربية المستعرة ضد ايران.
لكن لا يمكن تجاهل الدور “الاسرائيلي” الخبيث, في ما يجري حاليا من صراع ومصاعب.
· محاولة توريط غربية
اسرعت الالة الاعلامية الامريكية بدعم صهيوني, نحو توريط قوات الحشد الشعبي في الصراع الحالي, لكن جاء التصريح الهام لعدد كبير من ساسة العراق وخصوصا التصريح الذي اتى على لسان قائد منظمة بدر السيد هادي العامري, كما نقلت ذلك قناة الحرة,: ” لن نسمح بأن يصبح العراق ساحة معركة تصفّي فيها البلدان الأخرى حساباتها” ليشكل مفاجأة للغرب, حيث ابعد الحشد عن المخطط الغربي الخبيث.
فلا احد في الداخل العراقي يرغب بحرب جديدة, وتكون منسجمة مع الارادة الغربية, الطامحة بحرق المنطقة, والتي من خلالها تحقق منافعها فقط, فكان المسؤول العراقي مدركا لطبيعة الصراع الحالي, الذي لا يعد اكبر من صخب اعلامي ضاغط.
· ماذا يريد بومبيو ؟
التساؤلات الكثيرة التي طرحت بعد الزيارة المفاجئة لوزير الخارجية بومبيو للعراق, والتي جاءت بعد انفتاح عراقي كبير نحو اللمانيا وفرنسا والسعودية وايران , ففي الزيارة الأخيرة للوفد الحكومي إلى ألمانيا، وقّع العراق مذكرة تفاهم مع الشركة الصناعية الألمانية العملاقة “سيمنز” لتطوير شبكة الكهرباء في العراق، في إطار عقد قيمته 14.5 مليار دولار. وتقضي هذه الصفقة على الجهد الأميركي لضَم شركة “جنرال إلكتريك! فكانت الزيارة البومبيومية تمثل حركة شطرنجية ضاغطة لمنع العراق من الانطلاق خارج القفص, الذي وضعته امريكا له, حيث يرى البيت الابيض ان هنالك صفقات تجارية تجري بين العراق واخرين بعيدا عنها, وهذا ما لا تسمح به, ويجب ان تكون لها حصة ويد في كل اتفاق.
لذلك اختلق فجأة التهديدات لأمريكا داخل الارض العراقية, للضغط كي تعود الصورة كما كانت, باعتبار العراق تحت الوصاية الامريكية, ولا يمكنه التصرف كبلد حر. وتشير التسريبات الاعلامية ان وزير الخارجية الامريكي حث العراق بدلا من اتفاقا اللمانيا على عقد صفقة تُطوّر بموجبها شركة “إكسون موبيل” البنية التحتية لقطاع النفط والغاز في جنوب العراق، وهو عقد يُقال إن قيمته تبلغ 53 مليار دولار.
وكان بومبيو يشير للتهديدات الجدية الخطيرة, والتي تتعرض لها القوات الامريكية والعاملين في العراق, مستخدما اسلوب الحلو والمر في طرحه, وان امريكا مع استمرار اعفاء العراق من العقوبات ضد طهران, لكن عاد بعدها ليهدد ويرعد ضد تهديدات لبعض فصائل الحشد, والتي يقول عنها انها تسعى لضرب المصالح والقوات الامريكية في العراق.
· صورة متداخلة
صراعات سياسية اقتصادية وتحالفات ومحاور, كلها تدفعنا للتشكيك بوجود حرب قريبة, لكن لنقل انه صدام سياسي, وضغوطات لتحقيق مكاسب اقتصادية, ورغبات لأدوار اكبر, مع طغيان امريكية لفرض ارادته على المنطقة, واقول اخيرا كما قالها السيد الخامنئي ( لا حرب ولن نتفاوض) والعاقل يفهم الاشارات.