الرئيسية / مقالات / بين المرجعية والمرجع

بين المرجعية والمرجع

السيمر / فيينا / الاثنين 19 . 07 . 2021 

لم يرتقِ الخطاب النخبوي إلى مستوى الإعتدال والواقعية في تناوله فكرة المرجعية.
– ورغم الزمن العصيب الذي نحن فيه وما يستلزمه من تذويب للخلافات حفاظاً على وجودنا وعقيدتنا.
– فقد أصبح هذا العنوانُ موضوعا للنزاع والتباين – بين مُفرِطٍ ومفَرّطٍ.
– وهو ما إستلزم توضيح بعض الحقائق :
١. المرجعية وجود محترم عند الشيعة ، ساهم في حفظ الدين على مدى قرون ، ينبغي صيانته من الإساءة.
وهو يستمد قدسيته من تلك الأهمية ، ومن تقوى مراجع الدين وقربهم من الصورة الرمزية للمعصوم عليه السلام.
٢. المرجعية ليست مطابقةَ للإمامة – ليس في العصمة وحدود صلاحياتها فحسب – بل في نقاط أساسية أخرى – من أهمها:
(تعدد مراجع التقليد في وقت واحد) بخلاف الإمامة.
٣. معلوم أن من يتبع مرجعا جامعا للشرائط فذلك مبرئ لذمته ، ويعفيه من الإلتزام بفتوى مرجع تقليد آخر – وإن كان (المرجع الأعلى).
٤. (الأعلى) عنوان تشريفي مستحدَث تم إصطلاحه في القرن العشرين .
– وليس له أثر شرعي على الإطلاق. فمن يقلد غير المرجع الأعلى لن يدخل النار بالتأكيد .
٥. المرجع الذي يتصدى بشكل صريح لقيادة الأمة في الأزمات تترتب له ولاية من نوع خاص – يمكن تأطيرها قانونيا ودستورياً – كما حصل في الجمهورية الإسلامية قبل ٤ عقود.
٦. أما المرجع الذي يقرر عدم التصدي للقيادة فيبقى دوره منحصرا في الشؤون العلمية وبقية الوظائف المعروفة لمراجع التقليد زمنَ الغيبة.
٧. لا تمتلك الأمة الحق في أن (تفرض) على المرجع فعل ما تريد.
– لكن يحق لها (المطالبة) بما تحتاجه من زعيمها – فهذا ليس حراما ولا يُعدُّ تشكيكا بسلطته الروحية.
– كما يحق للمقلِدين توجيهُ تساؤلات للمرجع – مثلما صنع المؤمنون مع المعصوم.
٨. أن توجيه النقد لشخص المرجع وللمنظومة التنفيذية له – ليس كُفرا ولا خروجا عن الملة .. بل يُعدّ ظاهرةً صحية – شرط الإلتزام بالحدود الأخلاقية للنقد.
٩. من حق الأفراد إختيار من يقلدونه من المراجع وفق قناعاتهم . وكذا الانتقال من مرجع لآخر – تبعاً لآلية التقليد والانتقال التي تطرحها الرسائل العملية.
١٠. يجب على الخطاب النخبوي توخي الدقة في استعمال مفهومي (المرجع) و(المرجعية).
– فالاول هو وجود واضح وعنوان مشخص.
– اما الثاني فهو عنوان عام متعدد المصاديق .. يتسع ليشمل كل منظومة السلطة الدينية.
– كما يتوسع ليشمل اشخاصا مقربين من المرجع لكنهم ليسوا ثابتين في مواقعهم ولا مقدسين ، بل هم معاونون له وأدوات تنفيذية ، يستمدون صلاحياتهم وفق تخويلات ووكالات محدودة.
١١. يحاول البعض هجر اصطلاح (المرجع) والاستعاضة عنه بالعنوان الاوسع (المرجعية) وذلك للتعبير عن وجود واسع يطغى على باقي الزعامات المرجعية.
– كما يستثمرها البعض الآخر كي تشمله قداسة العنوان رغم كونه موظفا مؤقتا لدى المرجع.
١٢. كما في زمن الرسالة والامامة المعصومة، كان هنالك اناس يحيطون بالنبي والأئمة، يستمدون منهم وجاهتهم في المجتمع الإسلامي .
– وقد حاولت طائفة توظيف هذا القرب لتحيطه بهالة القداسة باستعمال مصطلح (الصحابة) كعنوان ثانوي مقدس.
– لكن لم يذهبوا إلى هجر اصطلاح ( النبي) و(الامام) صوب اصطلاح (النبوة) و(الامامة) في تعبيرهم عن المعصوم.
– فلم يقل أحد بالسابق ( قالت الإمامة متمثلة بالصادق عليه السلام) .. مقارنة بالعبارة المطولة التي شاعت في العقدين الاخيرين ( قالت المرجعية العليا متمثلة بالسيد السيستاني).
هنا يتجلى التوظيف الخاص لمصطلح (المرجعية) وتحويله الى عنوان فضفاض يشمل في خطوطه الحمر طيفا واسعا من المقربين والوكلاء.
وهذا اللبس هو ما ينبغي للنخب الالتفات إليه في خطابها وأدبياتها.
١٦ -٧ -٢٠٢١
المعمار
كتابات في الشأن العراقي – الشيعي

اترك تعليقاً