السيمر / فيينا / الثلاثاء 08 . 11 . 2022 —— طرح موقع “المونيتور” الأمريكي، يوم الثلاثاء، ثلاثة أسباب تجعل رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني يضع محاربة الفساد على رأس أولوياته في بلد مهدد بانهيار هياكله، متسائلا عما إذا كان سيحقق نجاحا في هذا الملف، مذكّرا في الوقت نفسه بأن السوداني كان من معارضي لجنة الأمن الديواني 29 لمكافحة الفساد التي أسسها سلفه في رئاسة الحكومة مصطفى الكاظمي.
واستعاد التقرير الأمريكي الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، بداية مقتطفات من الخطاب الأول للسوداني أمام البرلمان، والذي رفع فيه شعار مكافحة الفساد ومحاسبة المتورطين، قائلا ان جائحة الفساد التي أصابت جوانب الحياة كافة “اكثر خطورة من فيروس كورونا”، وأنه يقف خلف العديد من المشكلات الاقتصادية ويضعف هيبة الدولة وتفاقم الفقر والبطالة، متوعدا بتطبيق “سياسات حازمة وإجراءات لمكافحة الفساد المستشري”.
وسبق لوزير المالية السابق علي عبد الأمير علاوي ان اعلن ان اكثر من 250 مليار دولار جرى نهبها بين عامي 2003 و2020.
أولى خطوات مكافحة الفساد
ومع ذلك، قال التقرير الامريكي ان السوداني تحرك سريعا في اتخاذ إجراءات ضد الفساد، حيث أقال رئيس هيئة استثمار بغداد وسلم ملفه الى هيئة النزاهة للتحقيق في مزاعم فساد، الى جانب اعفائه مدير عام التحقيقات في هيئة النزاهة من مسؤولياته بسبب فشله في القيام بإجراءات كافية حول قضايا ضريبية، واحالته للقضاء لمحاسبته قانونيا.
وذكّر التقرير بأن حكومة الكاظمي كانت قد أعلنت في آب/ أغسطس الماضي عن وجود شبهات بقضية فساد كبيرة تصل الى نحو 3 مليارات دولار في وزارة المالية، ما ادى الى اقالة مديراً عاماً.
وبالإضافة الى ذلك، فإن السوداني في خطابه امام البرلمان دعا الى فتح ملف تهريب النفط وكشف عن تورط جهة واحدة من دون الكشف عن التفاصيل.
والى جانب هذه الاجراءات، فإن السوداني اعلن عن تشكيل لجنة خاصة لمكافحة الفساد من أجل دعم هيئة النزاهة.
وبين التقرير أن هذه اللجنة تشبه “لجنة الامن الديواني 29″، المعروفة بلجنة أبو رغيف، والتي كان سلفه الكاظمي قد قام بتأسيسها، وكان السوداني وقتها من المعارضين لها.
ولفت التقرير إلى أن الكاظمي قد شكل لجنة مكافحة الفساد وفق تفاهمات مع القضاء، وهي تمكنت من انجاز بعض النتائج المرضية نسبيا، إلا أنه جرى حلها بدوافع سياسية وتحت غطاء قضائي.
وتابع التقرير ان هذا الامر يثير تساؤلات حول نجاح المحاولات مستقبلا من اجل تشكيل لجان مشابهة بغرض مكافحة الفساد.
تحذير أممي
وكانت الممثلة الخاصة للأمم المتحدة في العراق جينين بلاسخارت، قالت مؤخرا، إن “الفساد هو التحدي الأكبر أمام العراق وانه يعرقل التطور والتنمية” في البلد، بينما كان علاوي، وزير المالية السابق، الذي استقال من منصبه في 16 آب/ أغسطس الماضي، أعرب عن صدمته في خطاب استقالته المطول من حجم التدهور خلال الأعوام الـ15 الماضية، واستيلاء أصحاب المصالح على مقدرات الدولة.
وبحسب الموقع الأمريكي، فإن تصريح بلاسخارت يعكس مدى قلق مسؤولي البعثات الدبلوماسية في العراق من انهيار هيكل الدولة القائم والذي أصبح هشا بدرجة كبيرة، في ظل سلسلة من الفضائح طالت سياسيين وكبار المسؤولين.
ولادة حرجة إقليمياً ودولياً
وبالنسبة إلى السوداني، فقد اشار التقرير الى انه وضع قضية الفساد في رأس لائحة أولوياته، وذلك لعدة أسباب.
وحول السبب الأول المتمثل بمسعى رئيس الحكومة الجديد إلى الحفاظ على المساندة الدولية التي تلقاها بعد تشكيل حكومته، ذكر التقرير أن الحكومة الجديدة ولدت في ظل ظروف حرجة إقليميا ودوليا، وان السوداني يدرك أنه ليس بمقدوره الحفاظ على الدعم الدولي ما لم يتعامل مع الفساد ويحاسب قضائيا السياسيين الأكثر فسادا.
أما حول السبب الثاني، فقد أوضح التقرير انه يتمثل بحاجة السوداني إلى أن يقدم نتائج ملموسة وسريعة من اجل كسب الشعب العراقي، وهو محتاج ايضا الى بناء قاعدة شعبية قبل انتخابات المحافظات المقررة في العام المقبل والانتخابات البرلمانية المفترضة بعد ثلاث سنوات، أو ربما حتى قبل ذلك.
وثالثا، ذكر التقرير ان السوداني يريد أن يطمئن السلطة الشيعية الاعلى في النجف والممثلة بالمرجع الديني السيد علي السيستاني، الى جانب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، مشيرا الى انهما التزما الصمت حتى الآن.
شعار تكرره الحكومات المتعاقبة
الا ان التقرير لفت إلى أن الحكومات العراقية المتعاقبة كافة كانت تدعو الى ضرورة محاربة الفساد، ابتداء من نوري المالكي الذي حكم 8 سنوات (2006-2014) الى حيدر العبادي (2014-2018) ثم عادل عبد المهدي الذي كان شكل المجلس الأعلى لمكافحة الفساد الذي عقد نحو 20 جلسة لكن نتائج جهوده التي عرضت على القضاء، كانت مبهمة، خاصة فيما يتعلق بمصير المتهمين من وزراء ومحافظين ووكلاء وزارات.
وختم تقرير “المونيتور” بالقول إنه في ظل هذه الظروف، فإن السوداني يواجه العديد من التحديات الصعبة في حملته لمكافحة الفساد لان الفساد يخترق بعمق جميع منظومات الادارة والبيروقراطية للحكومة العراقية ومن خلال شبكات المحسوبية والمحاصصة الحزبية.