فيينا / الأربعاء 20. 03 . 2024
وكالة السيمر الاخبارية
د. فاضل حسن شريف
جاء في الفروق اللغوية لأبي هلال العسكري: الفرق بين الصيام والصوم: قد يفرق بينهما بأن الصيام هو الكف عن المفطرات مع النية، ويرشد إليه قوله تعالى: ” كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم” (البقرة 183). والصوم: هو الكف عن المفطرات، والكلام كما كان في الشرائع السابقة، وإليه يشير قوله تعالى مخاطبا مريم عليها السلام: ” فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا” (مريم 26). حيث رتب عدم التكلم على نذر الصوم. (اللغات).
عن موسوعة اللغة العربية ما الفرق بين الصيام والصوم؟ الأدلَّةُ مِنَ الحديثِ: -عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَرَأَى زِحَاماً وَرَجُلاً قَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: (مَا هَذَا؟)، فَقَالُوا: صَائِمٌ، فَقَالَ: (لَيْسَ مِنَ البِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ). أخرجَهُ البخاريُّ: 1946. -قَالَ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: (صُمْ أَفْضَلَ الصَّوْمِ صَوْمَ دَاوُدَ صِيَامَ يَوْمٍ وَإِفْطَارَ يَوْمٍ، وَاقْرَأْ فِي كُلِّ سَبْعِ لَيَالٍ مَرَّةً). أخرجَهُ البخاريُّ: 5052. -قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ، الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِلَّا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي). أخرجَهُ مسلمٌ: 1151. -الأدلَّةُ مِنَ الشِّعرِ: -قالَ ابنُ نباتة المصري: تهنَّ بشهر الصوم يا خير صاحب * صحبنا به الأيام واجبة الشكر. -قال عجاج: إذ نذر الناذر نذر المجذل * صوماً عن الطعام والتعلل. -قال أسامة بن منقذ: أيامه مثل شهر الصوم طاهرة * من المعاصي وفيها الجوع والعطش. -قال بشار بن برد: لعمرك ما ترك الصلاة بمنكر * ولا الصوم إن زارتك أم محمد. -قال عبد الصمد بن المعذل: غدر الزمان وليته لم يغدر * وحدا بشهر الصوم فطر المفطر. -قال أحمد شوقي: يا مديم الصوم في الشهر الكريم * صم عن الغيبة يوماً والنميم. -قال ابن معتوق: ليهنك شهر الصوم وفيت أجره * وبالعز عقباه لك الله يختم. -قال الشريف الرضي: وخالفت في ذا الصوم سنة معشر * صيام عن العوراء غير صيام. -قال ابن هانئ الأندلسي: فرضان من صوم وشكر خليفة * هذا بهذا عندنا مقرون. -قال كعب بن زهير: يوم صوم من الظهيرة أو يو * م حرور يلوح اليعفورا. -قال الإمام الشوكاني: مسائل من يحررها نهاراً * بشهر الصوم طائشة السهام. -قال ابن سهل الأندلسي: أوحشت شهر الصوم حتى قد بدت * لبث فيه وللأسى أعلام. -قال محيي الدين بن عربي: وثم صلاة والزكاة وصومنا * وحج وهذي خمسة ما بها خفا. -قال بهاء الدين زهير: وافاك شهر الصوم يا من قدره * فينا كليلة قدره لن يجحدا. -قال أبو العلاء المعري: ما الخير صوم يذوب الصائمون له * ولا صلاة ولا صوف على الجسد. -قال ابن الرومي: لها غناء يثيب الله سامعه * ضعفي ثواب صلاة الليل والصوم. -قال ابن الفارض: ونفسي بصومي عن سواي تفردا * زكت وبفضل الفيض عني زكت. -قال أبو تمام الطائي: لجاد بها غير كفر بربه * وآساهم من صومه وصلاته. -قال المتنبي: الصوم والفطر والأعياد والعصر * منيرة بك حتى الشمس والقمر. -قال جرير: ما بال برزة في المنحاة إذ نذرت * صوم المحرم إن لم يطلع القمر. -قال دعبل الخزاعي: منازل كانت للصلاة وللتقى * وللصوم والتطهير والحسنات. -قال الخوارزمي: صومان صوم نوى وصوم عبادة * أنى يعيش فتى لو صومان. -قال ابن عبد ربه: إن كان للصوم فطر * فأنت للدهر عيد. -قال أبو بكر الصديق: على خمس الصلاة وصوم شهر * وإيتاء الزكاة بلا اقتفاف. -قال أبو نواس: قد سلم الصوم على الفطر * واختفت ألوية السكر. -قال ابن سيرين: نبّئت أنّ فتاة كنت أخطبها * عرقوبها مثل شهر الصوم في الطّول. -الأدلَّةُ مِنَ النَّثرِ والكلامِ الفصيحِ: -قال بكر بن عبد الله المزني: أي بنيّ لم صار الضب أطول شيء عمراً، إلا لأنه إنما يعيش بالنسيم؟ ولم زعم الرسول صلّى الله عليه وسلّم أن الصوم وجاء، إلا ليجعل الجوع حجازاً دون الشهوات؟ افهم تأديب الله فإنه لم يقصد به إلا إلى مثلك. -قال الجمّاز: ليس يقوى على الصوم إلا من كبر لقمه، وأطاب أدمه. -قال ابن المبارك: ركبت مع محمد بن النّضر الحارثيّ السفينة فقلت: بأيّ شيء أستخرج منه الكلام؟ فقلت: ما تقول في الصوم في السفر؟ فقال: إنما هي المبادرة، فجاءني والله بفتوى غير فتوى إبراهيم والشّعبيّ. -قال الحسن البصري: إن الله جعل الصوم مضماراً لعباده ليستبقوا إلى طاعته.
تكملة للحلقات السابقة جاء في تفسير الميسر: قال الله سبحانه وتعالى عن الصيام “فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ۚ ذَٰلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ” ﴿المائدة 89﴾ فَصِيَامُ: فَ حرف واقع في جواب الشرط، صِيَامُ اسم. لا يعاقبكم الله -أيها المسلمون- فيما لا تقصدون عَقْدَه من الأيمان، مثل قول بعضكم: لا والله، وبلى والله، ولكن يعاقبكم فيما قصدتم عقده بقلوبكم، فإذا لم تَفُوا باليمين فإثم ذلك يمحوه الله بما تقدِّمونه مما شرعه الله لكم كفارة من إطعام عشرة مساكين، لكل مسكين نصف صاع من أوسط طعام أهل البلد، أو كسوتهم، لكل مسكين ما يكفي في الكسوة عُرفًا، أو إعتاق مملوك من الرق، فالحالف الذي لم يف بيمينه مخير بين هنا الأمور الثلاثة، فمن لم يجد شيئًا من ذلك فعليه صيام ثلاثة أيام. تلك مكفرات عدم الوفاء بأيمانكم، واحفظوا -أيها المسلمون- أيمانكم: باجتناب الحلف، أو الوفاء إن حلفتم، أو الكفارة إذا لم تفوا بها. وكما بيَّن الله لكم حكم الأيمان والتحلل منها يُبيِّن لكم أحكام دينه، لتشكروا له على هدايته إياكم إلى الطريق المستقيم. و “طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَٰلِكَ صِيَامًا لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ ” ﴿المائدة 95﴾ صياما اسم، يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه لا تقتلوا صيد البر، وأنتم محرمون بحج أو عمرة، أو كنتم داخل الحرم ومَن قتل أيَّ نوعٍ من صيد البرِّ متعمدًا فجزاء ذلك أن يذبح مثل ذلك الصيد من بهيمة الأنعام: الإبل أو البقر أو الغنم، بعد أن يُقَدِّره اثنان عدلان، وأن يهديه لفقراء الحرم، أو أن يشتري بقيمة مثله طعامًا يهديه لفقراء الحرم لكل مسكين نصف صاع، أو يصوم بدلا من ذلك يوما عن كل نصف صاع من ذلك الطعام، فَرَضَ الله عليه هذا الجزاء، ليلقى بإيجاب الجزاء المذكور عاقبة فِعْله. والذين وقعوا في شيء من ذلك قبل التحريم فإن الله تعالى قد عفا عنهم، ومَن عاد إلى المخالفة متعمدًا بعد التحريم، فإنه مُعَرَّض لانتقام الله منه. والله تعالى عزيز قويٌّ منيع في سلطانه، ومِن عزته أنه ينتقم ممن عصاه إذا أراد، لا يمنعه من ذلك مانع. و “فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ۖ فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ۚ ذَٰلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ۚ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۗ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ” ﴿المجادلة 4﴾ فمن لم يجد رقبة يُعتقها، فالواجب عليه صيام شهرين متتاليين من قبل أن يطأ زوجه، فمن لم يستطع صيام الشهرين لعذر شرعي، فعليه أن يطعم ستين مسكينًا ما يشبعهم، ذلك الذي بينَّاه لكم من أحكام الظهار، من أجل أن تصدِّقوا بالله وتتبعوا رسوله وتعملوا بما شرعه الله، وتتركوا ما كنتم عليه في جاهليتكم، وتلك الأحكام المذكورة هي أوامر الله وحدوده فلا تتجاوزوها، وللجاحدين بها عذاب موجع.
جاء في تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله تعالى “فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج” (البقرة 196) أي فمن لم يجد الهدي ولا ثمنه فعليه صيام ثلاثة أيام في الحج وعندنا أن هذه الأيام الثلاثة يوم قبل يوم التروية ويوم التروية ويوم عرفة وإن صام في أول العشر جاز ذلك رخصة وإن صام يوم التروية ويوم عرفة قضى يوما آخر بعد انقضاء أيام التشريق وإن فاته صوم يوم التروية أيضا صام الأيام الثلاثة بعد أيام التشريق متتابعات وقوله “وسبعة إذا رجعتم” أي وسبعة أيام إذا رجعتم إلى بلادكم وأهاليكم وبه قال قتادة وعطاء وقيل معناه إذا رجعتم من مني فصوموها في الطريق عن مجاهد والأول هو الصحيح عندنا. وقوله “تلك عشرة كاملة” فيه أقوال (أحدها) أن معناه كاملة من الهدي إذا وقعت بدلا منه استكملت ثوابه عن الحسن، وهو المروي عن أبي جعفر واختاره الجبائي (وثانيها) أنه لإزالة الإبهام لئلا يظن أن الواو بمعنى أو فيكون كأنه قال فصيام ثلاثة أيام في الحج أو سبعة إذا رجعتم. قوله عز من قائل “أو عدل ذلك صياما” وفيه أيضا قولان أحدهما: أن يصوم عن كل مد يقوم من الطعام يوما، عن عطاء، وهو مذهب الشافعي والآخر: أن يصوم عن كل مدين يوما، وهو المروي عن أئمتنا عليهم السلام، وهو مذهب أبي حنيفة. واختلفوا في هذه الكفارات الثلاث، فقيل: إنها مرتبة عن ابن عباس، والشعبي، والسدي قالوا: وإنما دخلت أو لأنه لا يخرج حكمه عن إحدى الثلاث. وقيل: إنها على التخيير، عن ابن عباس في رواية أخرى، وعطاء، والحسن وإبراهيم، وهو مذهب أبي حنيفة، والشافعي، وكلا القولين رواه أصحابنا “ليذوق وبال أمره” أي: عقوبة ما فعله في الآخرة إن لم يتب. وقيل معناه ليذوق وخامة عاقبة أمره، وثقله بما يلزمه من الجزاء. قوله عز وعلا “فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا” (مريم 26) أي: صمتا عن ابن عباس والمعنى أوجبت على نفسي لله أن لا أتكلم وقيل: صوما أي إمساكا عن الطعام والشراب والكلام عن قتادة وإنما أمرت بالصمت ليكفيها الكلام ولدها بما يبريء به ساحتها عن ابن مسعود وابن زيد ووهب وقيل: كان في بني إسرائيل من أراد أن يجتهد صام عن الكلام كما يصوم عن الطعام فلا يتكلم الصائم حتى يمسي يدل على هذا قوله “فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا” أي: إني صائم فلن أكلم اليوم أحدا وكان قد أذن لها أن تتكلم بهذا القدر ثم تسكت ولا تتكلم بشيء آخر عن السدي وقيل: كان الله تعالى أمرها بأن تنذر لله الصمت وإذا كلمها أحد تومىء بأنها نذرت لله صمتا لأنه لا يجوز أن يأمرها بأن تخبر بأنها نذرت ولم تنذر لأن ذلك كذب عن أبي علي الجبائي.