فيينا / الأحد 02 . 02 . 2025
وكالة السيمر الاخبارية
تسود مخاوف من عودة سوريا إلى “عهد مظلم” مع تزايد الاعتقالات والإعدامات، في ظل الوضع الأمني المتدهور، وفق تقارير نشرها المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وفي تقريره الأخير، ذكر المرصد أن 61 شخصا لقوا حتفهم في سوريا في الأول من فبراير فقط، من بينهم عسكريون سقطوا في معارك مستمرة في شمال البلاد.
لكن ما أثار القلق بشكل خاص هو توثيق المرصد لإعدام 10 أشخاص من أبناء الطائفة العلوية في ريف حماة، وذلك في وقت يتزامن مع الذكرى السنوية لمجزرة حماة الشهيرة.
وأشار المرصد إلى أن مجموعة تطلق على نفسها اسم “أنصار السنة” هي من تقف وراء هذه الإعدامات.
ووثق المرصد مقتل 327 شخصا منذ 28 ديسمبر الماضي من قبل قوات تابعة لإدارة العمليات العسكرية، 10 أشخاص منهم قتلوا تحت التعذيب.
الناشط السياسي السوري، والإعلامي أيمن عبدالنور قال إن ما يحدث في سوريا “انعكاس لمرآة الواقع لما تعيشه البلاد حاليا”.
ويؤكد في حديث لموقع “الحرة” أنه رغم تصدر هيئة تحرير الشام التي أعلنت حل نفسها قبل أيام للمشهد، إلا أنها لا تمثل كل التيارات ضمن الفصائل المسلحة الموجودة في سوريا.
وأشار عبدالنور وهو مقيم في واشنطن إلى أن التيار الموجود في دمشق من الهيئة هو ما تم تسميته بـ “غرفة ردع العدوان”، ولكن هناك تيارات وفصائل أخرى تعمل بعقلية أو إيديولوجيا منفصلة عن الإدارة الحالية في دمشق.
وقال إن بعض الفصائل تضم مقاتلين متشددين بعضهم متشددين وبعضهم غير سوريين قادمين من مجتمعات منغلقة، وغير قادرين على التعامل مع المكونات المختلفة للمجتمع السوري.
ويتفق عبدالنور وهو المدير التنفيذي لمنظمة مسيحيون من أجل الديمقراطية مع تبريرات الإدارة السورية الجديدة، بأن ما يحدث لا يعبر عن سياسة الحكومة المؤقتة.
وصنف ما يحدث من انتهاكات ضمن فئتين: جرائم وتجاوزات يرتكبها أفراد بقصد الانتقام من أشخاص بعينهم أو من كان متعاونا مع النظام السابق، وتجاوزات ترتكبها بعض الفصائل المتشددة لا تتفق مع السياسة التي أقرتها الحكومة الجديدة في دمشق.
ولكن الأمر الجديد بحسب الناشط السياسي، عبدالنور أنه خلال عهد نظام بشار الأسد، من كان يرتكب انتهاكات بحق المدنيين كان يتم مكافأته، ولكن الحكومة المؤقتة تقوم بمحاسبة من يثبت تورطه في أي انتهاك بحق المدنيين.
وأعلنت السلطات السورية السبت أن شخصا تم توقيفه على خلفية انتسابه إلى مجموعات رديفة للقوات الحكومية في عهد الرئيس المخلوع الأسد، توفي أثناء الاحتجاز، مؤكدة فتح تحقيق في “تجاوزات” قام بها عناصر الأمن.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية “سانا” عن مدير إدارة الأمن العام في حمص أنه أثناء احتجازه “وقعت تجاوزات من قبل بعض العناصر الأمنية المكلفة بنقله، ما أدى إلى وفاته على الفور”، مؤكدا فتح “تحقيق رسمي” وتوقيف “جميع العناصر المسؤولة وإحالتهم إلى القضاء العسكري”.
وشدد على أن “أن هذه الحادثة يتم التعامل معها بجدية مطلقة، ولن يكون هناك أي تهاون في محاسبة المسؤولين”.
وعثر أهالي ريف دمشق الجمعة، على جثة العالم الدكتور حسان إبراهيم، وتحمل آثارا لعيارات نارية، بعد اختطافه قبل عدة أيام من مكان عمله في المعهد العالي في البحوث العلمية.
واستبعد عبدالنور أن يكون تصفية هذا العالم من قبل مجموعات داخلية، مرجحا وجود جهات أجنبية هي التي تستهدف قتل علماء سوريين.
ومنذ مطلع العام الحالي، وثق المرصد مقتل 225 شخصا بجرائم انتقامية وتصفية، بينهم 6 نساء وطفل.
وتركزت عمليات القتل في حمص، التي قتل فيها 97 شخصا، بينهم نساء، تم استهدافهم بسبب انتمائهم الطائفي، تليها حماة التي قتل فيها 63 شخصا، بينهم امرأة وطفل، أيضا بسبب انتمائهم الطائفي، بحسب المصدر ذاته.
وشهدت دمشق وريفها مقتل 24 شخصا بينهم نساء، لانتمائهم الطائفي.
ومنذ توليها إسقاط هيئة تحرير الشام لنظام الأسد في ديسمبر المقبل، تنفذ السلطات الأمنية سلسلة حملات أمنية هدفت لملاحقة “فلول النظام” السابق.
وتخللها توقيف المئات ممن لم يسوّوا أوضاعهم مع السلطات الجديدة. في المقابل، أفاد سكان ومنظمات بحصول انتهاكات تتضمن مصادرة منازل أو إعدامات ميدانية.
وحفلت أعوام حكم الأسد بممارسات مثل الاعتقالات التعسفية والعنف والتعذيب في السجون، ضمن ممارسات هدفت للقضاء على أي شكل من أشكال المعارضة.
وتحاول الإدارة الجديدة في دمشق طمأنة الأقليات خصوصا الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد.
مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبدالرحمن عبر عن قلقه من تصاعد حالات التعذيب داخل مراكز الاحتجاز التابعة لإدارة العمليات العسكرية، ناهيك عن حالات القتل والاعتقال.
وحذر عبدالرحمن في تصريحات الجمعة، من “حالة من الفوضى والانفلات الأمني على مختلف المناطق السورية بعد سقوط نظام الطاغية بشار الأسد ووجود أطراف مسلحة عديدة، أدت لارتكاب جرائم وقد يكون سببها الغايات الشخصية”.
ودعا الإدارة الجديدة إلى محاسبة “منفذي المجازر والإعدامات والانتهاكات ومحاكمتهم بشكل علني لأنهم يعملون على ضرب السلم الأهلي”.
وقال إن مثل هذه الممارسات “تجعلنا نخشى على مستقبل سوريا”، فيما يجب على الحكومة المؤقتة “تحمل المسؤولية الأخلاقية والأمنية”.
وشدد عبدالرحمن على ضرورة إصدار “أوامر واضحة للعناصر الأمنية بأنه يمنع اقتحام أي منزل دون مذكرة قضائية من النائب العام تقدم لأصحاب المنازل التي يتم تفتيشها”.
والسبت، نقلت سانا عن مدير إدارة الأمن العام التزام السلطات “التام بحماية حقوق المواطنين وصون كرامتهم، وأن جميع الإجراءات القانونية ستتخذ لضمان العدالة والشفافية، وسيتم الإعلان عن نتائج التحقيق فور انتهائه”.
وشدد على أن “أي انتهاك للقانون لن يُسمح به تحت أي ظرف”.
وكانت لجنة الأمم المتحدة المعنية بسوريا قد طالبت الإدارة الجديدة منتصف يناير حماية المدنيين ومعاملة الذين ألقوا أسلحتهم معاملة إنسانية وحماية الأدلة على الجرائم للمساعدة في ضمان المساءلة في المستقبل.
ودعا مفوض الأمم المتحدة تورك إلى تحقيق “العدالة الانتقالية” في سوريا، معتبرا أن الأمر “بالغ الأهمية” بعد تسلم إدارة جديدة السلطة في البلاد.
وقال تورك خلال مؤتمر صحفي في منتصف يناير من دمشق إن “العدالة الانتقالية أمر بالغ الأهمية مع تقدم سوريا نحو المستقبل … الانتقام والثأر ليسا أبدا الحل”.
وأكد عبدالنور في حديثه لـ”الحرة” على تفاؤله بمستقبل سوريا، وقال بالتأكيد سيحصل أخطاء، لكنها تسير بالمسار الصحيح.
ودعا جميع مكونات البلاد من طوائف وعرقيات إلى الانخراط بشكل فاعل لبناء سوريا.
المصدر / الحره
وفق حرية الرأي والنشر يتم نشر هذه المادة والجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات