الرئيسية / تقارير صحفية وسياسية / بين الشعبوية والتناقضات… صعود سياسي مذهل لزعيمة اليمين المتطرف في ألمانيا أليس فايدل
أليس فايدل زعيمة اليمين المتطرف في ألمانيا

بين الشعبوية والتناقضات… صعود سياسي مذهل لزعيمة اليمين المتطرف في ألمانيا أليس فايدل

فيينا / الأثنين 24 . 02 . 2025

وكالة السيمر الاخبارية

في خضم التحديات السياسية التي تواجه ألمانيا، تظهر أليس فايدل كأحد أبرز قادة اليمين المتطرف، حيث استطاع حزبها “البديل من أجل ألمانيا” أن يحقق تقدما ملحوظا في الانتخابات التشريعية التي جرت الأحد. من خلال شخصية مثيرة للجدل، تُظهر فايدل تناقضا لافتا بين خطابها السياسي وحياتها الشخصية، ما جعلها محور اهتمام لدى الأوساط السياسية والإعلامية.

فمن هي هذه الزعيمة التي عرفت صعودا سياسيا مذهلا في وقت قصير؟

رغم عدم تصدُّره نتائج الانتخابات التشريعية في ألمانيا التي جرت الأحد، إلا أن حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني المتطرف عزز نتيجته بـ 10 نقاط مقارنة بالانتخابات التي جرت في سبتمبر/أيلول 2021، ليحتل المرتبة الثانية في المشهد الانتخابي الألماني بحصوله على 20 بالمئة من الأصوات، خلف حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الذي حصل على حوالي 28 بالمئة من المقاعد.

ويعود الفضل في هذا الصعود المذهل، والذي توقّعته استطلاعات الرأي، إلى شخصية زعيمته أليس فايدل، التي وصفتها صحيفة نيويورك تايمز بـ”أكثر المرشحين شعبية في الانتخابات التشريعية” الأخيرة.

وأظهرت الجريدة الأمريكية التناقضات التي تميز شخصية هذه السياسية التي تستخدم الشعبوية لكسب دعم الألمان. فرغم عدائها للمهاجرين ودعواتها المستمرة إلى ترحيلهم، ودفاعها عن القيم الأسرية التقليدية، إلا أنها تعيش غالبية الوقت في بلد أجنبي وهو سويسرا، وتتقاسم حياتها مع زوجتها السريلانكية الأصل.

دراسات في مجال الاستشارات المالية

ولدت أليس فايدل في 6 فبراير/شباط 1979 في مدينة غوترسلوه الواقعة في شمال الراين-وستفاليا غرب ألمانيا، وكبرت في كنف عائلة متواضعة، حيث كان والدها يعمل في البناء وأمها في مجال الصحة. درست مادة الاقتصاد في جامعة بايروت الألمانية، ثم أكملت تكوينها الأكاديمي بالحصول على درجة الماجستير في جامعة كونستانس.

ألمانيا: المحافظون يتصدرون النتائج وأقصى اليمين يحل ثانيا

بعد ذلك سافرت إلى الصين لتتعلم اللغة الصينية ولغات أجنبية أخرى. كما أصبحت متخصصة في مجال التبادل التجاري بين الدول الغربية والصين.

بعد نهاية دراستها، عادت إلى ألمانيا وعملت في القطاع الخاص وفي مجال الاستشارات المالية، حيث التحقت ببنك غولدمان ساكس، وبعد ذلك بشركة الاستشارات الأمريكية ماكنزي.

اقتحمت عالم السياسة في 2013 عندما انضمت إلى حزب “البديل من أجل ألمانيا” الذي كان ينتقد الأحزاب التقليدية الألمانية ويعارض الاتحاد الأوروبي وسياسات الهجرة التي تتبعها دول الاتحاد.

لكن مع مرور السنين، ووصول أكثر من مليون مهاجر سوري إلى ألمانيا في عهد المستشارة أنغيلا ميركل ووقوع عدة اعتداءات إرهابية في البلاد، تغير الحزب ليصبح أكثر تطرفا مما كان عليه في بداية نشأته.

“سأجعل ألمانيا عظيمة”

انتُخبت أليس فايدل للمرة الأولى في 2017 كعضو في البرلمان الفيدرالي الألماني (البوندستاغ) وأصبحت في وقت قصير من أبرز الشخصيات في الحزب، ما جعلها تتقاسم رئاسة الكتلة النيابية للحزب مع متطرف آخر يدعى ألكسندر غولاند.

انتخابات تشريعية مبكرة ألمانيا
انتخابات تشريعية مبكرة ألمانيا © فرانس24

عارضت بشدة سياسة الهجرة التي اتبعتها ميركل، داعية إلى “حماية الهوية الألمانية” من “تهديدات” محتملة بسبب الهجرة الواسعة. كما كانت أيضا تُظهر عداء حادا تجاه سياسات اليسار والأحزاب التقليدية.

تستلهم أليس فايدل من رئيسة وزراء بريطانيا السابقة مارغريت تاتشر (1979/1990) وتشاركها الرؤية الاقتصادية. فمثل تاتشر، تدافع فايدل عن الاقتصاد الليبرالي وضرورة خفض الضرائب على الألمان وتقليص الإعانات الاجتماعية التي تقدمها الحكومة، إضافة إلى خصخصة العديد من القطاعات الحيوية. كما أعلنت أيضا عن إعجابها بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى درجة أنها استعارت مقولته الشهيرة “اجعل أمريكا عظيمة” وغيرتها إلى “سأجعل ألمانيا عظيمة”.

علاقات قوية مع الإدارة الأمريكية الجديدة

ولم تكتفِ أليس فايدل ببناء شراكات استراتيجية قوية مع أحزاب يمينية متطرفة أخرى في الاتحاد الأوروبي – في فرنسا وإيطاليا والنمسا وهولندا – بل لديها أيضا أصدقاء في الإدارة الأمريكية، على غرار الملياردير إيلون ماسك الذي أعلن عن دعمه لها في خطاب مباشر على موقعه إكس خلال تجمع انتخابي نظمه حزب “البديل من أجل ألمانيا” في بداية شهر شباط/فبراير 2025.

كما التقت أيضا أليس فايدل على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن بنائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس الذي دعا الأحزاب الألمانية التقليدية إلى التعاون مع حزب “البديل من أجل ألمانيا” لحكم ألمانيا. لكن مسؤولين ألمانيين اتهموا الإدارة الأمريكية الجديدة بالتدخل في الشأن السياسي الداخلي في ألمانيا، وذلك بمحاولة إقناع الناخبين الألمان بالتصويت لحزب اليمين المتطرف والتأثير على نتائج الانتخابات.

الملياردير الأمريكي إيلون ماسك على شاشة كبيرة خلال خطاب أليس فايدل، زعيمة حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف، في تجمع انتخابي بمدينة هاله شرقي ألمانيا يوم 25 كانون الثاني/يناير 2025.
الملياردير الأمريكي إيلون ماسك على شاشة كبيرة خلال خطاب أليس فايدل، زعيمة حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني المتطرف، في تجمع انتخابي بمدينة هاله شرقي ألمانيا يوم 25 كانون الثاني/يناير 2025. © أ ف ب.

وغالبا ما تعتمد أليس فايدل على أسلوب الاستفزاز لزعزعة منافسيها السياسيين من جهة، وجذب الأنظار إليها وإلى حزبها من جهة أخرى. هذه الاستراتيجية حققت نتائج مهمة. فبعدما كان حزب “البديل من أجل ألمانيا” اقترب من عتبة 10 بالمئة من المقاعد في انتخابات 2021، ها هو اليوم يضاعف نتيجته ويصبح على أبواب السلطة في أكبر اقتصاد في أوروبا.

مثلية تفصل بين السياسة والحياة الشخصية

على المستوى الشخصي، تعيش أليس فايدل مع زوجتها السريلانكية سارة بوسارد في مدينة أوفنبورغ المتاخمة لسويسرا. وبالرغم من أن برنامج حزبها يرفض المثلية الجنسية ويسوق دائما للأسرة التقليدية، إلا أنها تحاول دائما أن تفصل بين السياسة والحياة الشخصية وترفض الإجابة عن الأسئلة التي تتطرق إلى هذا الموضوع.

وفور حلولها في المرتبة الثانية في انتخابات الأحد، دعت زعيمة “البديل من أجل ألمانيا” رئيس الاتحاد الديمقراطي المسيحي فريدريش ميرتس إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية، مشيرة إلى أن “حزبها مستعد للمشاركة في السلطة”. لكن نداءها بقي دون جواب. فهل بات وصول أليس فايدل إلى السلطة أمرا حتميا في السنوات المقبلة أم سيتراجع نفوذها؟

المصدر / فرانس 24

وفق حرية الرأي والنشر يتم نشر هذه المادة والجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات

اترك تعليقاً