السيمر / فيينا / الجمعة 17 . 04 . 2020
محمد جواد الميالي
ينشغل العالم الآن بجائحة كورونا، التي بدأت تفتك بالبشر، وأوقفت عجلة الإقتصاد لتفضح نظام الرأسمالية الفاشل، بينما بينة للعالم أن إنسانية الغرب مجرد حبر على ورق، فكوفيد 19 إستطاع لوحده أن يوقف عجلة الحياة، ويسقط الأقنعة عن الشعوب والحكومات..
كذلك أحتجاجات العراق لم تسلم من سيناريو الوباء، فبعد أن خرجت عن السلمية، وأصبحت الساحات حلبة صراع لشخصيات سياسية، وكل من يفرض رأيه في المشهد السياسي، يتجه لحرق الإطارات وقطع الطرق، حتى تطورت الأمور إلى نزاعات مسلحة أقتحمت على إثرها الساحات، فجاءت كلمة الفصل على لسان كورونا، وأوقفت كل شيء..
تزامن إنهاء التظاهرات مع إختيار المكلف الجدلي.. الزرفي تم تكليفه من قبل الرئيس العراقي دون الرجوع إلى قادة الكتل الشيعية عدا البعض، وهو ما أغضبهم، لأنه خرج عن سياقاتهم المعتادة، فالكل يعلم أن الرئاسات الثلاث في بلدنا، هي حق للمكون الشيعي، السني والكردي.. أما المواطن له أن يشاهد ما يحدث فقط.
أول سويعات التكليف كانت صادمة، فأعداء الأمس الذين أتهمُ المكلف بأنه يدير العنف في الساحات، ويمول المجموعات الراديكالية المنحرفة، اليوم يبتسمون له في قصر السلام! فما الذي يحدث؟
البيت السياسي الشيعي أقرب إلى إيران من أمريكا، لذلك عمد الأخير إلى تفكيك البيت الشيعي، وكسر عصاه في الشارع العراقي، فأصبح الأعلام هو الخيط الذي يحرك اللعبة، ويثير جمهور الجنوب ضد الحاكم المعمم.. كما يصفون، ليرسم صورة برغماتيه.. أن الحكم يدار من قبل الشيعة فقط.
أنطلت الحيلة.. و بلهجتنا الدارجة (الشيعة شالوا الليلة كلها) لتنطبع فكرة نمطية لدى المحتجيين، أن سبب خراب العراق، هم الكتل الشيعية فقط، لكن بهذه الفكرة لم تكتمل الأحجية، لأن جمهور الأحزاب لم يتأثر.. اللاعب الظل كان يجب أن يتدخل..
جمهور الأحزاب مؤمن أن حركة الأحتجاجات، هي لكسر عصى الحكم الجعفري، ولا يمكن أن يتأثروا إلا إذا أتضحت لهم عورة صاحبهم.. عندها رشح الرئيس برهم صالح، المكلف الأول ليكون اللاعب الظل، الذي يخترق جمهور الكتل ويفرقهم..
روج الأعلام على أن التكليف جاء بموافقة البيت الشيعي، وهو ما كان صدمة لجمهورهم، من كان عدوهم بالأمس أصبح اليوم مكلفاً من قبل أصحابهم!!
الخيوط في مسرح الدمى هي الأعلام، والمكلف هو الممثل الخفي، والمحتجين كانوا منساقين باللاوعي الشعوري لصالح العم سام، مخرج هذه المسرحية أمريكي بأمتياز.. مع منتج إيراني يخالفه بالتوجه.
لم يبقى من الحكاية سوى المشهد الأخير.. الذي ظهر به المخرج يتحكم بالدمى، أما المنتج ما زال يحاول تغيير النهاية، وغالبية الجمهور منقسم إلى مشجع للبيت الأبيض و آخر لجوامع طهران.
المكلف الجديد إذا مرر ستكون رؤية المخرج الأمريكي هي الأقوى، وأن لم يمرر بالبرلمان، فإن الحجي قد فعلها وخلط الأوراق عليهم، لكنه سيجعل نهاية المسرحية ضبابية معقدة، لا تحلها حتى الأنتخابات المبكرة.. إن حدثت.