الرئيسية / مقالات / أنا العراق يا تكريت !!

أنا العراق يا تكريت !!

السيمر / فيينا / الاربعاء 10 . 06 . 2020

سليم الحسني

(١٧٠٠ شاب قتلوا في يوم واحد، يتضاعف هذا العدد باستمرار لنفس السبب. تاريخ الجريمة الرسمي: ١٢ حزيران ٢٠١٤. التاريخ الحقيقي: قبل قليل وبعد قليل)

لأنهم شيعة. لا يوجد سبب غير هذا. لأنهم شيعة قتلوهم على شاطئ تكريت. لم يكن القتلة من تنظيم داعش، لكنهم مع الشيعي يتصرفون مثل داعش.

لا ينتهي هذا الكره، لا يموت هذا الحقد على الشيعة. كانت بذرة قديمة ألقاها الشيطان في صلب أبي سفيان، فانتقلت بين الصلب والترائب جيلاً بعد جيل. وكان وعاظّ الفتنة يصرخون على المنابر، ينفخون في الكراهية ناراً، كلما خمدت نارها، زادوها اشتعالا.

على شاطئ تكريت، دكة اسمنتية، خشنة قاسية، مثل قلوب المجرمين، بل هي من بعض قلوبهم، نفس القسوة والرائحة والجفاف. يرشقها دجلة بمائه فلا تبتل، ينبعث منها بخار حار، تصدر منها زفرات مسموعة، كلمات واضحة: (لا شيعة بعد اليوم).
قبل سنين كتبوا على دباباتهم هذا الكلام، فأطعموا الصحراء بعشرات الآلاف من الشباب، كانوا يدفنونهم أحياءً، يرقصون على أنّاتهم المخنوقة، يغنون بأصوات الشياطين: (لا شيعة بعد اليوم).

ـ ما اسمك؟
ـ عبد الزهرة.
رصاصة في الرأس، موجة باكية في النهر، لون أحمر يصبغ الأفق.
ـ ما اسمك؟
ـ كاظم.
رصاصة في الرأس، جرح ينفتح في قلب امرأة، رجل من الجنوب ينكسر ظهره، كان الصوت مدوياً سمعه جنوب الفقراء.

ـ ما أسمك؟
ـ …. لا تسأل عن اسمي، إنه مكتوب على جبيني، على بشرتي السمراء، على راحة يدي اليابسة، على ظهري الذي حمل الظلم منك ومن أبيك ومن أجدادك. إقرأه على لحمي، على قلبي، على قميصي الممزق، على الجوع في بطني.

هل قرأته؟
هل سمعته؟
نعم، هذا اسمي، أنا الشيعي المذبوح والمقتول والسجين والمضطهد. أنا البندقية التي تحمي الأرض فتدفنها أنت في التراب. أنا الغيمة التي تسقيك الماء فتجففها أنت بنار صدرك. أنا بحر النفط الذي يُلبسك الذهب، وأنام فوقه ممزق الثياب. أنا سعفة العراق التي تلقيها في تنورك. أنا نهر الخير الذي تقتلني عند جرفه.

أطلق رصاصتك يا أعمى، فلن تخطئ الهدف. سدد رميتك أيها المشلول سينطلق الزناد. لكنك لن تسمع صرختي، فأنا العراق.

الجريدة غير مسؤولة عن كل ماورد من آراء بالمقالة 

اترك تعليقاً