الرئيسية / مقالات / كورونا.. والتبن الثمين

كورونا.. والتبن الثمين

السيمر / فيينا / الاربعاء 08 . 07 . 2020

رحمن الفياض
يطل علينا يوميا عشرات العباقرة الفيسبوكيين  بتفسيرات فلسفية  واقتصادية او بيزنطينيه.. بأن كورونا  عبارة عن مؤامرة غربية ، وهو مذكور في كتاب نشر في ثمانينيات القران الماضي أو ظهر في مسلسل كارتوني او مقطع لمسلسل مصري قديم وفيه ممثلة تتحدث  عن الحجر المنزلي!
إن كانت هذه الا شارات  دليلا على شيء فهي تشير إلى  أن المرض عند البعض هو أغبى مؤامرة، لأنه تم الإعلان عنه قبل  عقود من الزمن وبهذا تحقق فيها عنصر المفاجأة المطلوب  لاي مؤامرة!
يبدو أن التراب أغلى وأثمن من أن يوضع في أفواه البعض فقد وطأته أقدام الشرفاء من الشهداء وفقراء هذا البلد المظلوم، والتبن أسعاره أغلى لتلقم به تلك الافواه التي تخرج علينا في تحليلات ونظريات، صدعت رؤسنا واصمت أسماعنا يوميا ، في العبور الى بر الأمان من خلال نظرية التقشقف وشد الاحجار على البطون فبدل أن يجدو الحلول الناجعة، للخروج من الازمة الصحية والاقتصادية للبلاد،  يتراقصون فرحا بقطع الرواتب او تأخيرها على المتقاعدين والموظفين .
في ظل الضغوط الكبيرة التي تتعرض لها الحكومة بسبب جائحة كورونا، برزت لدينا أزمة جديدة الا وهي أزمة الاوكسجين وأجهزة الانعاش الرئوي، فبعد ان عرفنا تفضل الرحمن علينا بمجانية الاوكسجين، عرفنا سر الاعجاز الالهي ان جعل الهواء خارج سيطرة البشر، فمع اول أزمة صغيرة ظهرت لدينا مافيات الأوكسجين التي تتحكم ببيع الهواء للمرضى الذي جعله المولى مباحا للاغنياء والفقراء على حد سواء.. فشكرا كورونا فقد تميز الغث من السمين وبان الخبيث من الطيب.
كورونا عرت الحكومات السابقة التي حكمت البلاد منذ قرابة العقدين من الزمن، وكشفت زيف كثيرين من مدعي الوطنية، فلم نجد نظام صحيا ولا اقتصاديا نواجه به الازمات فماذا  لو كانت كورونا تزامنت مع حربنا ضد داعش؟فماذا سيكون مصير الجرحى والمرضى وكيف سيكون مصير عوائل الشهداء؟.
ربما حان الان دور الشرفاء ليتصدوا وياخذوا زمام المبادرة في قيادة البلد الى بر الامان..
في العراق مثل شعبي قديم يقول ” كلمن يحوش النار لگرصته” الوزارات تتنافس فيما بينها، والاحزاب السياسية والمحافظات والمسؤلين المحلين والاتحاديين، في جلب الادوية والمستلزمات الطبية وتطل علينا يوميا عشرات النشرات في مواقع التواصل الاجتماعي لانجازات علمية لعلماء عراقيين وغيرهم، انهم حققوا الفتح في الانتصار على هذا الفيروس اللعين، ثم بعد ايام تخفت تلك الانجازات.. ونعود لنتمنى ان نلقم تلك الافواه بالتبن الذي اصبح سعره اغلى من أن يوضع في افواههم.

اترك تعليقاً