الرئيسية / مقالات / الوهابــية تنشــر الرعب فـي أوروبــا..

الوهابــية تنشــر الرعب فـي أوروبــا..

السيمر / الثلاثاء 22 . 03 . 2016

أحمد الشرقاوي / مصر

بالرغم من أن ما يخصص لموازنات المخابرات والأجهزة الأمنية الأوروبية يصل إلى أرقام فلكية يصعب تقديرها بسبب السرية التي تفرض على مجال عملها في مكافحة الإرهاب، إلا أن هذه الأجهزة فشلت فشلا ذريعا في حماية المواطنين من هذا الشر الذي انتشر وأصبح يهدد العالم أجمع وعلى رأسه أوروبا..
التفجيرات التي هزت عاصمة الاتحاد الأوروبي بروكسل صباح الثلاثاء وضربت في المطار ومترو الأنفاق مخلفة عشرات الضحايا بين قتيل وجريح، ونشرت حالات من الذعر والرعب على مستوى كل المدن البلجيكية والعواصم الأوروبية، ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، بل تتحدث تقارير استخباراتية غربية عن مسلسل دموي غير مسبوق ستعرفه القارة العجوز في المدى المنظور.
كما وأن رفع حالات التأهب إلى الدرجات القصوى في مطارات فرنكفورت وباريس ولندن ومحطات المترو والقطارات ومناطق التجمع الحساسة بالإضافة إلى المنشآت النووية وغيرها.. كلها إجراءات أمنية احترازية مكلفة وغير مفيدة، لأنها تزيد من حالة رعب المواطنين وتأتي عادة بعد حصول الكارثة.
*** / ***
معضلة أوروبا تكمن أولا في انعدام التنسيق السياسي بين مؤسسات الاتحاد الأوروبي التي قامت على أساس اقتصادي، وحالت الولايات المتحدة دون أي محاولة لإقامة وحدة سياسية بين دولها كي تظل ضعيفة تابعة للقيادة الأمريكية تملي عليها المواقف التي يجب اتخاذها في السياسات الخارجية. هذا الأمر انعكس فشلا على عمل المخابرات حيث لا وجود لتنسيق في العمق بين مختلف أجهزتها، بل هناك تنافس يصل أحيانا حد الصراع في ما بينها، كل يريد أن يثبت أنه الأذكى والأقوى والأقدر على محاربة الإرهاب من غيره.
وهذا بالضبط هو ما يفسر عجز هذه الأجهزة عن اختراق التنظيمات الإرهابية، لأنه من دون اختراقها يستحيل تفكيك خلاياها النائمة بضربات استباقية تجهض مخططاتها وتقي الناس هول الكارثة.
وما يزيد عمل المخابرات صعوبة وتعقيدا، هو أن عمل التنظيمات الإرهابية يتطور بتطور الإجراءات التي تعتمدها الأجهزة المعنية بمحاربة الإرهاب، من خلال ما يعرف في أوروبا بـ”البروتوكولات الأمنية”..
فتنظيم “داعش” مثلا، غيّر من مقاربته الإستراتيجية، وطور طريقة عمله (Modus Operandi)، مستفيدا من تجربة “القاعدة” بحيث لم يعد يعتمد أسلوب الخلايا المنظمة المتنقلة والعابرة للحدود بين الدول، بل لجأ لظاهرة الذئاب المنفردة والخلايا الميكروسكوبية المستقلة، وركز على توظيف “الجهاديين” من مواطني الدول المستهدفة، وخصوصا من الجيل الرابع المتمرد على التهميش والعنصرية والسياسات الغربية العدوانية ضد العرب والمسلمين.
هذا ما أكدته تفجيرات فرنسا الأخيرة وتؤكده أيضا تفجيرات بلجيكا اليوم، لكن الجديد هذه المرة، هو أن حالة الاستنفار في العواصم الأوروبية استدعت اجتماعات عاجلة على مستوى مسؤولي المخابرات، بعد ورود معلومات عن خطة تفجيرات محتملة ومتنقلة قد تطال أكثر من عاصمة أوروبية، في ما اعتبر إعلان حرب من قبل تنظيم “داعش” على أوروبا بعد تركيا، انتقاما من داعميه الذين انقلبوا عليه في العراق وسورية، حيث وعدوه بمساعدته والتمكين له والاعتراف بدولته، وفق ما كشفته وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون في مذكراتها الأخيرة، حيث قالت أن أكثر من 120 حكومة كانت مستعدة للاعتراف بـ”دولة داعش” السنية الجديدة على أجزاء من العراق وسورية، لكن أمرا ما خطيرا حدث فغير هذا التوجه.
*** / ***
المخابرات الألمانية وفي سابقة هي الأولى من نوعها، أصدرت اليوم تقريرا وعمّمته على نظيراتها الأوروبية، يدعو القيادات السياسية لتحمل مسؤولياتها في معالجة الظاهرة من جذورها، مؤكدة أن الحرب على الإرهاب الذي يبدو أنه سيكون له مستقبلا واعدا ومشرقا في أوروبا، لا يمكن التعامل معها بالإجراءات الأمنية من دون معالجة جذورها الفكرية، والمعروفة المنبع والتمويل، حيث تم التغاضي على حقيقة صادمة تقول، أن الحكومات الأوروبية، وبسبب ترجيح كفة مصالحها الاقتصادية مع “السعودية”، غضت الطرف عن تغلغل الفكر الوهابي في التجمعات الإسلامية في أوروبا، من خلال بناء المساجد وتمويل نشاطات أئمة متطرفين، الأمر الذي أدى إلى انتشار سرطان الإرهاب الخبيث في كل جغرافية أوروبا، وأن القارة العجوز تحصد اليوم ما سمحت بزرعه على أرضها بالأمس.
منظمات المجتمع المدني والرأي العام الأوروبي أيضا واعون لهذه الحقيقة ومدركون لخطأ سياسات حكوماتهم، وأصبحت الأصوات ترتفع عالية مطالبة بالوقوف في وجه “السعودية” وإدانتها وقطع العلاقات الاقتصادية معها ومنع توريد الأسلحة إليها لأنها تنتهي في أيدي الإرهابيين كما هو مثبت بعديد التقرير الاستخباراتية والإعلامية.
وأصبحنا نسمع اليوم خطابا جديدا أكثر جرأة يُحمّل الحكومات الغربية مسؤولية ما يحدث من تفجيرات إرهابية في أوروبا، وتعتبرها نتيجة حتمية لزعزعة الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا..
كما وأن تصريح الرئيس أوباما لمجلة “أتلانتيك” الذي اتهم فيه “السعودية” مباشرة بنشر الفكر التكفيري المتطرف والطائفية البغيضة في الشرق الأوسط والعالم، مركزا على أندونيسيا كمثال، اعتبرته بعض الجهات الإعلامية الأوروبية بمثابة رفع الغطاء السياسي عن المهلكة، كما وأن انتقاده للرئيس الفرنسي السابق ورئيس الوزراء البريطاني الحالي وتحميلهما مسؤولية ما آل إليه الوضع في ليبيا، فهم على أنه إنذار بأن عدم تحمل مسؤولية الحرب على ليبيا سينعكس حتما على أمن واستقرار أوروبا.
والمتابع للإعلام وتفاعل الرأي العام الأوروبي والأمريكي مع ما يحدث في المنطقة والعالم اليوم بسبب الخطر الذي أصبح يمثله الإرهاب، يدرك أنه لم يعد أمام الحكومات الغربية من مجال للمناورة وخداع الرأي العام، وأن الوقت قد حان ليغيروا من سياساتهم وخطابهم، خصوصا تجاه ما يحدث في سورية والعراق واليمن وليبيا بل وفلسطين أيضا..
نقول فلسطين، لأنه إذا كانت الحكومات الغربية قد قررت وقف توريد السلاح والذخائر إلى “السعودية” بسبب جرام الحرب التي ترتكبها في اليمن، فإن “إسرائيل” المجرمة التي تعدم الفلسطينيين بدم بارد دون محاكمة يوميا في فلسطين المحتلة أمام صمت الغرب المنافق، قد استغلت الفرصة وبدأت بتوريد شحنات ضخمة من الأسلحة والذخائر الفتاكة إلى “السعودية”، لأن قتل العرب للعرب والمسلمين للمسلمين يريحها ويشعرها بالسعادة، وهي المسؤولة عن كل ما يحدث في المنطقة من شر وخراب.
*** / ***
لا شك أن ما بعد تفجيرات بلجيكا سيكون له تبعات سياسية وأمنية لا تشبه ما عاهدناه من قبل، لأن لحظة الحقيقة أزفت، ولم يعد بمقدور الحكومات تضليل المجتمعات الغربية أكثر، هناك حقيقة مرة لكنها واضحة وضوح الشمس بالنسبة للجميع اليوم، ومفادها أن للإرهاب عنوان هو “السعودية”، وأن المعالجات الأمنية لم تعد تنفع في وقف انتشار هذا الفكر وتمدد هذا الشر الذي تُخصّص له المهلكة الوهابية المال والفتاوى والإعلام ليحارب نيابة عنها ويهدد كل من لا يؤيد سياساتها وتوجهاتها ويساعدها على بسط وهم نفوذها.
وبالتالي، ما نشهده اليوم هي معاني بليغة لرسالة واضحة من السماء، مؤداها أن وقت العقاب قد حان، وأن “السعودية” التي اتهمت حزب الله الذي يحارب الإرهاب الوهابي بأنه حزب “إرهابي” سيحل بها العقاب، والله يقول، أن كل ما عادى له وليا فسيعلن عليه الحرب، وسماحة السيد وليا جليلا من أولياء الله العظام، قدم ابنه الشهيد هادي قربانا لله، ويقدم قوافل الشهداء دفاعا عن دينه وعباده ليسود الأمن والعدل في الأرض.
فترقبوا عذاب الله يا ‘آل سعود’ المجرمين، ليربط الله على قلوب المكلومين، ويشفي صدور الصابرين، ويفرح يومئذ بنصر الله المؤمنين..

بانوراما الشرق الاوسط

اترك تعليقاً