السيمر / فيينا / الاربعاء 18 . 11 . 2020
حين داهمتنا داعش تفاجأت مؤسساتنا .. فهي لم تتهيأ لهذا النوع من الصراع الوجودي.
وفق المنهجية التي ورثوها، آمنوا أن وظيفتهم لم تكن يوما لتستوجب منهم تصدّرَ مواجهةٍ مصيريةِ بهذا الحجم .
.. لقد راهنوا دوما على نجاح الحلول السلمية، وكانوا يتحاشون التفكير بأي نوع من الإعداد التربوي لأتباعهم والتهيؤ للحلول الصعبة والعنيفة.
– لذلك لم تكن بأيديهم أيُّ وسيلة تمسك زمام تلك الحرب المباغتة .. حين سقطت الدولة وإنهارت خطوطها الدفاعية ولم يبق إلا الإستعانة بالشعب والفصائل الثورية ، المنعزلة في ولاءها والموصوفة بالراديكالية.
نعم – لم تتهيأ بيد المؤسسة الدينية أدواتٌ تنقل فتوى الجهاد الكفائي إلى تطبيق عملي قابل للنجاح في أرض الواقع .. حين كانت الساعات تفصل بين الحياة والموت.
لم يكن بين كوادرها من يصلح لقيادة المعركة ! .. معركةٍ تحتاج إلى إدارة وتنظيم وتسليح . والأهم من كل ذلك:
– تحتاج عقيدةً قتالية وروحاً ثوريةً وثباتاً بطوليا.
.. هذه القدرات لم تكن لتأتيَ من فراغ ، وهي لا تنشأ عند الأفراد من خلال إتقان كتب الأدعية والرسائل العملية – بل هي نتاجُ منهجيةٍ عَقَدِيّةٍ تربويةٍ وثقافيةٍ.
▪️ لم يكن هنالك بُدٌّ من الإستعانة بالآخرين .. بالنمط الآخر من المؤمنين – العقائديين والثوريين !
– إستنجدنا بأولئك الذين كنا بالأمس نتقاطع معهم – لأن خطهم الثوري كان النقيض النوعي للنموذج السلمي المفضل عندنا.
– كانوا نمطاّ آخر لم ينشأ في أحضان مؤسساتنا، بل تربوا على مبادئ الإسلام الحركي وقيمِهِ الثورية .
– هم رجال إستقوا عقيدتَهم من المدرسة الأخرى ، مدرسةٍ كانت تركّز على دور المؤمن في المجتمع وتحث أتباعها على الإهتمام بالسياسة وقضايا الأمة.
– كانت تغذيهم بقيم الثورة وتربي نفوسهم على ثقافة الشهادة وبذل الأنفس في سبيل الدين والأوطان.
– وكانت تنمي عقولهم على فكر المقاومة وروح التحدي والكفاح المسلح.
▪️ لقد إستوجب الظرف طيّ الخلافات كي يشترك الجميع في المواجهة ..
.. وهذا أمرٌ رائعٌ ، كان لابد أن يستمرَّ لما بعد الحرب أيضا كي يؤسسَ لمرحلةٍ جديدةٍ من التلاحم الشيعي ومن التكامل في الأدوار ، وعدم تحكيم المزاج في القضايا المصيرية.
للأسف لم يستمر .. وأعادت طائفةٌ من إخواننا تأجيجَ الخلاف بين الإخوة، وخطوا خطوات أثرت سلبا على وحدة المجتمع الشيعي بالعراق، ولحمته مع أشقاءه ، وأعادت حرف بوصلته عن الإهتمام بالمصالح العليا، دافعة به للإنشغال بالخلافات الداخلية وتصفية الحسابات وتحكيم الأمزجة.
▪️ لا نريد محاكمةَ نهجها الفكري والسياسي الذي تتبناه ، فذلك ليس مجالنا.
.. لكننا نصرّ بشدة على مؤسستنا العريقة أن تتبنى خطة عمل شجاعة تؤسس لبناء جيل رسالي عقائدي تضحوي.
– فالمعركة لم تنتهِ
– وصراعنا طويلٌ مع أعداء التشيع ، ومن المرجح أنه سيشتد ضراوة.
نحثهم على إعتماد منهجية (صناعة للقادة) .. رجال يصلحون لقيادة الأمة في الأزمات – وما أكثرها.
– بخلاف ذلك ، عليهم إفساح المجال للآخرين لتأدية ذلك الدور الحيوي.
▪️.. سيتحتم حينها تقبلُّهم -بصدر رحب- فكرة إنجذاب المجتمع الشيعي لذلك النمط من القادة الثوريين ، وعدم الإنزعاج من تجيير الإنتصارات للخطوط الإسلامية الأخرى التي قبلت بالتحديات ولم تخشَ التصدي، والمستعدة لإنتاج قادة أشداء ، وإقتحام كل الميادين، ومواجهة كل الأعداء .
– وهي مستعدة أيضا لتحمّل الملامة على الأخطاء (باعتبارها نتاجا طبيعيا للحركة غير المعصومة ولا جدوى من التهرب من تبعاتها).
– ألا يبدو هذا الإستنتاج منصفا وواقعيا ؟
١٢ -١١ -٢٠٢٠
المعمار
تحليلات في الشأن العراقي- الشيعي