السيمر / الجمعة 15 . 07 . 2016
د . حسين أبو سعود
اشتهرت لدى أصحابنا رواية تخص الحج مروية عن شبلي، ولم أكن احفل بمواطن الضعف فيها لولا انها صارت على كل لسان ولا سيما كبار العلماء، وعندما سمعتها من عالم يُشار اليه بالبنان قلت عليّ ان أنبري لبيان مواطن السقم في الرواية ومجملها ان شبلي ولا ندري من هو شبلي اذ لا ينسب الى أب او عشيرة او بلد قد التقى الامام علي بن الحسين زين العابدين عند العودة من الحج فسأله الامام: هل حججتَ يا شبلي فقال له نعم ثم سئله بعض الأسئلة فكان يجيب عليها شبلي بالنفي فقال له اذن لا أحرمت ولا طفت ولا سعيت ولا قصرت ولا نحرت والرواية مشهورة ونصها موجود لمن يبحث.
وارى بان القصة من القصص الموضوعة وما اكثر القصص الخرافية والاسطورية في تراثنا بعضها ظريفة ولطيفة فيها عبرة رغم كونها موضوعة، وينسى العلماء بعد الاشتغال الطويل بالسند ان يتأملوا قليلا في المتن ليجدوا ان القصة فيها مبالغة وإهانة للأمام لأنه طلب أشياء لم يطلبها الرسول الاكرم ص ولم يطلبها الله عزوجل من العباد لأنها فوق طاقتهم اذ لا يفكر كل من يذهب الى الحج بهذه الأشياء وما الحج الا مناسك قال عنها الرسول الأعظم ص خذوا عني مناسككم، وهذه القصة تشبه قصة ابي ذَر الغفاري وكفالته للشخص القاتل في زمن خلافة الامام علي بن الي طالب ( ع) علما بان أبا ذَر كان ميتا في خلافة علي.
ثم من هو شبلي؟ لا احد يعرف وان التشكيكات التي اثارها الامام والتي أنتجت بطلان الحج يعارضه أمر فقهي مفاده نهي الحاج عن الوسواس والشك وان لا يظن بالله السوء وان لا يتصور أبدا بان حجه لم يقبل وهذا الامر نعمة من الله تعالى لان اعمال الانسان لا تكتمل أبدا مهما اجتهد اذ تبقى هناك نواقص في إقامة الصلاة كالركوع والسجود والقراءة وقد تكون هناك هفوات في الصوم وكذلك سائر العبادات، واما بيان مستلزمات الحج الناجح فإنه من واجب المرشد الديني المرافق للحملة ، ولا احد من المرشدين يأتي بالرواية قبل بدء رحلة الحج ويطلب من القاصدين استحضار هذه المعاني والنوايا قبل الأداء علما بان المرشد الديني يقف في كل مكان ليلقن الحجاج ما يجب فعله كصيغة النية وتفاصيل الاعمال، وما يطلبه الامام السجاد من شبلي غير مذكور اصلا حتى في كتب الفتاوى والرسائل العملية وضرورة إضمار كذا وكذا في النية مما ذكره الحاج شبلي.
والظريف عندما تحدث الامام مع شبلي عن طواف الإفاضة تحولت الرواية لتكون علينا وليست لنا ومخالفة لعقائدنا لأننا اصلا ليس لدينا ما يسمى بطواف الإفاضة كما انه ليس لدى القوم طواف النساء ولنا في طواف النساء ام الإفاضة بحث مفصل سننشره إذا سنحت الفرصة.
ثم يتحدث عن الصلاة في مسجد الخيف ونحن لا نصلي في مسجد الخيف ولا نعرفه ولا نعتبره ضمن المناسك.
انظر الى الفقرة الغريبة في النص: فضت من رحمة الله ورجعت الى طاعته مع ان الإفاضة تعني الخروج وهل غادرتنا رحمة الله التي هي معنا دائماً قبل الحج وبعده.
اذن مشكلة رواية (الشبلي) مثل باقي الروايات توارثتها الطبقات المتعلمة وأخذوها أخذ مقلد وذلك للحبكة الدرامية ولم يتحققوا من معانيها وعباراتها ولم يدققوا فيها، وهذه السطحية في التعامل مع الروايات خطيرة جدا، وقد يقول قائل : أ يعقل ان كل العلماء على خطأ بعد تلك السنوات الألف التي تناقلوا فيها الرواية، أقول : يبدو لي والله اعلم بان العلماء يقلدون في هذا وفي باقي الموروثات ولا يجتهدون ، وشبلي يزخرف الكلام ولا ينقل الحج للمعاني الحقيقية من الظاهرية ويبدو لي ايضا بانه لا الامام قال ذلك ولا يوجد شخص اسمه شبلي والظريف ان كل محطات الحج بدءاً من استلام الحجر الأسود ومرورا بالمستحبات مذكورة في الرواية التي تفتقر الى اللغة السجادية وهي لغة راقية فيها اثر البلاغة العلوية والفصاحة المحمدية.
وفي الختام أقول واطالب اصحاب حملات الحج وهم كثر بعمل استفتاء بعد الحج وسؤال الحجاج: هل أضمروا هذه النيات التي ذكرها الامام السجاد لشبلي اثناء المناسك والجواب سيكون لا لا محالة لان المرشد الديني لم يطلب منهم ذلك ولم ينبه لها فيكونوا بذلك جميعا ما حجوا ولا سعوا ولا استلموا الحجر ولا قصروا ولا نحروا ويتوجب عليهم جميعا اعادة الحج من قابل كما فعل شبلي ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.