فيينا / الأحد 18. 08 . 2024
وكالة السيمر الاخبارية
مصطفى منيغ / المغرب
زمرُّدة كريمة في طراوة ربيعٍ لا يقهره الوقت ولا تُسيح يناعته مع مراحل العمرِ نادِرَة تمشي على الأرض تنثُر رائحة المسك جاذبَة اهتمام ورودِ “رياض العشَّاق” لمَّا كان رِياضاً تُنَظَّمُ في حقِّهِ قصائد شعراء الزمن الجميل ، زمردة يغار الشَّفق من لون وجنتيها حاملتي محاسن محيَّاها الصبوح مُوَاجِهاً في حياءٍ بصائِر لا تقوَى على إطالة التمعُّن في نسخة مصغرة مِن شمسِ الأصيل ، زمردة مُزيَّنة مذ خُلِقَت بما يُبهِج أكان الفم ثغر شَهدِ الوصال المشروع أو ما انْسَدَلَ مِن فوقِ رأسها مِن شَعر مازج الذهبي بالأصفر الفاقع أو بسواد العُزْلَةِ المنشودة بوجدان عاشقٍ في الحلال يميل . زمردة متى انبلج الصُّبح مَرَّرَ نسيمه العليل ، على قدِّها الممشوق لتستفيق فَرِحَة بما هي فيه مِن نِعَمٍ تطوانيةِ المَقرِ رَبَّانية المصدر موصولة بخير عميمٍ عريضٍ طويل ، يتسابق العقلاء على خطبتها طمعاً في إنجاب الجمال الجميل الأصيل ، يأتون من الشرق يزاحمون مَن يحملون نفس الرّغبة من المغرب المدركين نشأة أسرة عن بذرة مزروعة في مدينة كل الايجابيات كانت إليها تصِل ، حتى أسراب مِن السابحات في فضاء الدنيا إليها تَطير لتستَقِّر قرب غدير “الزرقاء” الفاقد اليوم نصيبه من الاهتمام بالكامِل ، زمرّدة صان الخُلُق اخضرارها وابتسم القدر لمصيرها ولَمَّا همَّت نفوس لضمِّها مُقدِّمَة الذهب بسِعَة أضخم برميل ، أَبَت العَرض وتمنَّعت وبأدب جم خاطبت ذاك السائل ، القادم من حقله المستخرج منه النفط أن الفتاة التطوانية ليست للبيع قانعة بمن ستحب ولو ملك القليل القليل ، فأقسم المُشبَّه وجهه بوجه الناقة أن لا يبرح المغرب إلا وتلك المرأة مضافة لحريمه ولو خسر ما يجعله كبير عشيرته ولتسخير نفوذه بعدها لن يزاول ، فخاب مسعاه لما وجد وما يتمتع به من ثراء لا يساوي فيما يطمع إليه رأس بصلة أو أقل من ذلك بقليل . فتلك الزمردة هي الأنثى التطوانية مهما كان سنها لا يظهر عليها الكِبر لطيبوبة قلبها ورجاحة عقلها منذ الصِّغر وصواب اختيارها لتبقى كتطوان مهما صبغوها لتغيير مظهرها لا تبالي مادامت قادرة على صيانة جوهرها بما يساير نور مشعالها المتنقل عبر الأجيال من طرف عقلية لا زالت على عهد المنتقلين من الأندلس بنظرية “أن الإخلاص لِما زُرِعَ في هذه الأرض لن يحصده أي غريب عنها قصْده اصطياد ما ليس له فيه حق مِن أيِّ ثمينٍ خفيف أو ثقيل” .
مرة وأنا جالس مع أصدقاء أقترب مني جندي من القوات المساعدة وهمس في أذني أن السيد الوالي الدكتور بلماحي كلَّفه بإحضاري لمكتبه فلبيتُ الطلب عن طيب خاطر بما يخص حُسْنَ تَخْييل ، فلما قابلته بادرني معاتبا : كيف تتزوج من تطوانية وتخفي علينا الخبر وكأنك تمانع في مشاركتك مثل الفرحة وقيامنا بما تفرض علينا المناسبة السعيدة من واجب دون الدخول في باقي التفاصيل ، أجبته مُستغرِباً : أكون قد فعلتها في المنام وعند الاستيقاظ أكون آخر مَن يعلم ؟؟؟ . قاطعني منفعلاً بعض الشيء ليستطرد قائلاً : من أسبوعين تقريباً اتصل بي مصطفى أبوظافر مدير ديواني وابلعني أن سيدة تطوانية تدعي أنها زوجتك من مدة قصيرة ترغب في مقابلتي ، طلبته بإحضارها فوراً لأسمع منها أنها زوجتك وحتى لا تمل من المكوث وحدها وطول الوقت بعيدة عنك حضرت راغبة مني مساعدتها للحصول على منصب شغل ، دون تردد أمرت بتعيينها مؤقتاً بقسم الشؤون الاجتماعية على أن يكون راتبها من ميزانية الإنعاش الوطني وهي الآن تعمل معنا في نفس الولاية ، قهقهتُ ضاحكاً وقلتُ له لقد كذبت علينا نحن الاثنين معاً ، لم ينتظر لحظة حتى مثلت أمامنا ليصيح في وجهها : ألا تدركين خطورة ما أقبلت عليه بانتحال شخصية الغير ؟؟؟، ما كان عليك المغامرة لادراك مبتغى لا يستحق بتاتا وقوفك هذا الموثق غير المناسب أصلا لمواطنة تبحث عن ربح لقمة عيشها بالطرق العادية دون التواء أو غش أو افتراء ، فما أنا فاعل بك ؟؟؟. قاطعته : كل خير يا سيادة الوالي اعتبرها في حاجة ماسة للحصول على وظيف تبني معه مستقبلها وخاصة في هذه الظروف وأنتم أدرى بوقعها السلبي على عموم الناس ، هذه المرأة فعلاً أعرفها ومن أسرة طيبة شريفة لكنها غير تطوانية ، التطوانية لن تستطيع مجرد التفكير فيما أقدمت عليه هذه المرأة ، مترفعة عن مثل التصرف بسمو أخلاقها وعزة نفسها ودخولها المؤسسات من أبوابها الرسمية إن رغبت في الحصول عمًّا تستحقه كإنسانة واعية مثقفة حاصلة على مؤهلات تغنيها عن أي وساطات .