الرئيسية / مقالات / اليوم العالمي للتأمل (والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا) (ح 1)

اليوم العالمي للتأمل (والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا) (ح 1)

فيينا / الثلاثاء 24 . 12 . 2024

وكالة السيمر الاخبارية

د. فاضل حسن شريف
جاء في موقع الامم المتحدة عن اليوم العالمي للتأمل 21 كانون الأول/ديسمبر: اليوم العالمي للتأمل: أعلنت الجمعية العامة في قرارها رقم (A/79/L.27) يوم 21 ديسمبر/كانون الأول يوما عالميا للتأمل، وذلك لزيادة الوعي حول التأمل وفوائده، مستذكرة حق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية والعقلية. وعلاوة على ذلك، ربطت الجمعية العامة الصلة بين اليوغا والتأمل باعتبارهما نهجين مكملين للصحة والرفاهية. تعزيز السلام والوحدة من خلال التأمل: يحتل التأمل مكانة خاصة في الأمم المتحدة، ويتجلى ذلك في غرفة التأمل في مقر الأمم المتحدة في نيويورك. وقد افتُتِحَت هذه الغرفة في عام 1952 تحت إشراف الأمين العام داج همرشولد، حيث ترمز إلى الدور الأساسي الذي يلعبه السكون والتأمل في تحقيق الانسجام العالمي. وكما قال همرشولد: لدينا في داخلنا مركز سكون محاط بالصمت. يجب أن يكون لهذا المنزل، المخصص للعمل والنقاش في خدمة السلام، غرفة واحدة مخصصة للصمت بالمعنى الخارجي والسكون بالمعنى الداخلي ويقدم التأمل وسيلة قوية لتنمية السلام والوحدة والرحمة خصوصا في أوقات التحديات العالمية، مثل النزاعات المسلحة وأزمات المناخ والتقدم التكنولوجي السريع. ويذكرنا اليوم العالمي للتأمل بأهمية رعاية الوعي البشري لمعالجة هذه القضايا وخلق الانسجام داخل أنفسنا ومجتمعاتنا. ويساهم الأفراد في بناء عالم أكثر مرونة واستدامة للأجيال الحالية والمستقبلية، من خلال تعزيز السلام الداخلي من خلال التأمل، الصحة الجيدة والعافية: يحظى التأمل باعتراف متزايد، وذلك لمساهماته في تحسين الصحة العقلية، ولأنه حق أساسي من حقوق الإنسان، وأيضا لتوافقه مع أهداف التنمية المستدامة. وتؤكد أجندة التنمية المستدامة 2030 على أهمية الصحة والرفاهية باعتبارها عنصراً أساسياً لتحقيق التنمية المستدامة. ويهدف الهدف الثالث، ” الصحة الجيدة والرفاه “، إلى ضمان حياة صحية وتعزيز الرفاهية للجميع في جميع الأعمار، ومعالجة التحديات الرئيسية مثل صحة الأم والطفل، والأمراض المعدية وغير المعدية، والوصول إلى الأدوية واللقاحات الأساسية. ويسلط هذا الهدف الضوء أيضاً على أهمية الصحة العقلية والتغطية الصحية الشاملة والحد من عدم المساواة في مجال الصحة لبناء مجتمعات مرنة وشاملة. رجح علماء الآثار أن بداية ممارسة التأمل تعود إلى عام 5000 قبل الميلاد، وارتبطت بمصر القديمة والصين واليهودية والهندوسية والجاينية والسيخية والبوذية. تشير التقديرات إلى أن ما بين 200 و500 مليون شخص يمارسون أنشطة التأمل في جميع أنحاء العالم. يساهم التأمل في خفض التوتر وضغط الدم والقلق، ويعزز الصحة العاطفية والوعي الذاتي وتحسين النوم.
جاء في موقع مايو كلنك عن التأمل: طريقة بسيطة وسريعة للحد من الضغط النفسي: وتتضمن الفوائد النفسية والبدنية للتأمل ما يلي: النظر إلى مسببات التوتر من زاوية جديدة. اكتساب مهارات التعامل مع التوتر. تعزيز وعيك بذاتك. التركيز على الحاضر. الحد من المشاعر السلبية. تعزيز القدرة على الإبداع. تعزيز القدرة على الصبر. خفض معدل ضربات القلب أثناء الراحة. خفض ضغط الدم أثناء الراحة. تحسين جودة النوم. التأمل والمرض: قد يساعدك التأمل أيضًا إذا كنت تعاني من مشكلة صحية، خاصة إذا كان يزيدها التوتر سوءًا. تُظهر الكثير من الأبحاث أن التأمل مفيد للصحة. لكن يعتقد بعض الخبراء أنه لا توجد أبحاث كافية لإثبات فوائد التأمل. ومع أخذ ذلك في الاعتبار، تقترح بعض الأبحاث أن التأمل قد يساعد الأشخاص على علاج أعراض بعض الحالات المَرَضية، مثل: القلق. الربو. السرطان. الألم المزمن. الاكتئاب. أمراض القلب. ارتفاع ضغط الدم. متلازمة القولون المتهيج. مشاكل النوم. صداع التوتر. احرص على استشارة الطبيب حول إيجابيات التأمل وسلبياته إذا كانت لديك أي من هذه المشكلات الصحية أو غيرها. ففي بعض الأحيان قد يؤدي التأمل إلى تفاقم الأعراض المرتبطة ببعض الحالات الصحية النفسية. التأمل ليس بديلاً للعلاج الطبي، إلا أنه قد يشكّل إضافة مفيدة بجانب العلاج. بناء مهارات التأمل: لا تُطْلق الأحكام على الطريقة التي تمارس بها التأمل، فمن شأن ذلك أن يزيد من الضغط النفسي عليك. فالتأمل يحتاج إلى الممارسة. وشرود الذهن أثناء التأمل أمر شائع، مهما بلغت خبرتك في ممارسة التأمل. إذا كنت تمارس التأمل بهدف تحقيق هدوء البال ثم تشتت انتباهك، فأعد توجيه انتباهك ببطء نحو الأمر الذي كنت مركّزًا عليه أصلًا. جرِّب طرق تأمل متنوعة لاكتشاف النوع الأنسب والأمتع لك. وعدِّل أسلوب التأمل بما يتوافق مع تغيُّر احتياجاتك. تذكر بأنه لا توجد طرق صحيحة وأخرى خاطئة لممارسة التأمل. فالمهم أن يساعدك التأمل على الشعور بالتحسن العام والتخلص من التوتر.
قال الله تعالى “الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا” (الكهف 46) ان على كل انسان يجب ان يفكر ماذا ستكون الذكرى عنه عند الناس بعد رحيله من هذه الدنيا بحيث يدعوا له خيرا مما يزيد ثوابه عند كل دعاء. وكما قال الشافعي في ابياته: ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﻣﺎﺩﺍﻡ ﺍﻟﻮﻓﺎﺀ ﺑﻬﻢ * ﻭﺍﻟﻌﺴﺮ ﻭﺍﻟﻴﺴﺮ ﺃﻭﻗﺎﺕ ﻭﺳﺎﻋﺎﺕ    ﻭﺃﻛﺮﻡ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻮﺭﻯ ﺭﺟﻞ * ﺗﻘﻀﻰ ﻋﻠﻰ ﻳﺪﻩ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﺣﺎﺟﺎﺕ     ﻻ ﺗﻘﻄﻌﻦ ﻳﺪ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻋﻦ ﺃﺣــﺪ * ﻣـﺎ ﺩﻣـﺖ ﺗـﻘﺪﺭ ﻭﺍﻷﻳـﺎﻡ ﺗـــﺎﺭﺍﺕ    ﻭﺍﺫﻛﺮ ﻓﻀﻴﻠﺔ ﺻﻨﻊ ﺍﻟﻠﻪ ﺇﺫ ﺟﻌﻠﺖ * ﺇﻟﻴﻚ ﻻ ﻟﻚ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺣﺎﺟـــﺎﺕ    ﻗﺪ ﻣﺎﺕ ﻗﻮﻡ ﻭﻣﺎ ﻣــﺎﺗﺖ ﻓﻀﺎﺋﻠﻬﻢ * ﻭﻋﺎﺵ ﻗﻮﻡ ﻭﻫﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﻣﻮﺍﺕ‬. ويقول امير المؤمنين عليه السلام (خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ).
عن تفسير الميسر: قوله تعالى “الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا” ﴿الكهف 46﴾ أملا اسم، الْمَالُ: الْ اداة تعريف، مَالُ اسم، الأموال والأولاد جَمال وقوة في هذه الدنيا الفانية، والأعمال الصالحة وبخاصة التسبيحُ والتحميد والتكبير والتهليل أفضل أجرًا عند ربك من المال والبنين، وهذه الأعمال الصالحة أفضل ما يرجو الإنسان من الثواب عند ربه، فينال بها في الآخرة ما كان يأمُله في الدنيا.
وعن تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله تعالى “الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا” ﴿الكهف 46﴾ )  أي: يتفاخر بهما ويتزين بهما في الدنيا ولا ينتفع بهما في الآخرة وإنما سماهما زينة لأن في المال جمالا وفي البنين قوة ودفعا فصارا زينة الحياة الدنيا وكلاهما لا يبقى للإنسان فينتفع به في الآخرة “وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ” وهي الطاعات لله تعالى وجميع الحسنات لأن ثوابها يبقى أبدا عن ابن عباس وقتادة “خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا” أي: أفضل ثوابا وأصدق أملا من المال والبنين وسائر زهرات الدنيا فإن من الآمال كواذب وهذا أمل لا يكذب لأن من عمل الطاعة وجد ما يأمله عليها من الثواب وقيل: إن الباقيات الصالحات هي ما كان يأتي به سلمان وصهيب وفقراء المسلمين وهو سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر عن ابن عباس في رواية عطا ومجاهد وعكرمة.  وروى أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم أنه قال لجلسائه خذوا جنتكم قالوا احذر عدو قال خذوا جنتكم من النار قولوا سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر فإنهم المقدمات وهن المجيبات وهن المعقبات وهن الباقيات الصالحات ورواه أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام عن آبائه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم ثم قال ولذكر الله أكبر قال ذكر الله عند ما أحل أو حرم وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم أنه قال إن عجزتم عن الليل أن تكابدوه وعن العدو أن تجاهدوه فلا تعجزوا عن قول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر فإنهن من الباقيات الصالحات فقولوها وقيل: هي الصلوات الخمس عن ابن مسعود وسعيد بن جبير ومسروق والنخعي وروي ذلك عن أبي عبد الله عليه السلام وروي عنه أيضا أن من الباقيات الصالحات القيام بالليل لصلاة الليل وقيل إن الباقيات الصالحات هن البنات الصالحات والأولى حملها على العموم فيدخل فيها جميع الطاعات والخيرات.  وفي كتاب ابن عقدة أن أبا عبد الله عليه السلام قال للحصين بن عبد الرحمن يا حصين لا تستصغر مودتنا فإنها من الباقيات الصالحات قال يا ابن رسول الله ما استصغرها ولكن أحمد الله عليها وإنما سميت الطاعات صالحات لأنها أصلح الأعمال للمكلف من حيث أمر بها ووعد الثواب عليها وتوعد بالعقاب على تركها.
روى ابن ماجه عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أنعم الله على عبد نعمة فقال: الحمد لله إلا كان الذي أعطى أفضل مما أخذ. وقال القرطبي في تفسيره، وفي نوادر الأصول عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لو أن الدنيا بحذافيرها في يد رجل من أمتي ثم قال: الحمد لله، لكان الحمد لله أفضل من ذلك. قال القرطبي وغيره: أي لكان إلهامه الحمد لله أكبر نعمة عليه من نعم الدنيا، لأن ثواب الحمد لا يفنى ونعيم الدنيا لا يبقى، قال الله تعالى: “المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا” (الكهف: 46).

وفق حرية الرأي والنشر يتم نشر هذه المادة والجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات

اترك تعليقاً