الرئيسية / مقالات / كتابات عن مفهوم البراغماتية والقرآن الكريم (ح 6) (واذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه)

كتابات عن مفهوم البراغماتية والقرآن الكريم (ح 6) (واذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه)

فيينا / الخميس 09 . 01 . 2024

وكالة السيمر الاخبارية

د. فاضل حسن شريف
البرغماتي كلامه ناعم ويبتعد عن الخشونة وقبح الكلام الذي يعبر عنه في القرآن الكريم باللغو، حتى وان كان المقابل هو قول الكلام اللغو، لذلك يعبر عن رد على الذي يصدر منه اللغو  ” لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ”. جاء في تفسير الميسر: قوله تبارك وتعالى “وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ” ﴿القصص 55﴾ اللَّغْوَ: ال اداة تعريف، لَّغْوَ اسم. اللَّغْوَ: الكلام القبيح. اللغوَ: السَّبَ و الشتم من الكفار. أو الباطل. اللغوِ في الإيمان: ما لا يَعقد عليه القلبُ، أو لم يكن يعتقد يميناً. هؤلاء الذين تقدَّمَتْ صفتُهم يُؤتَوْن ثواب عملهم مرتين: على الإيمان بكتابهم، وعلى إيمانهم بالقرآن بما صبروا، ومن أوصافهم أنهم يدفعون السيئة بالحسنة، ومما رزقناهم ينفقون في سبيل الخير والبر. وإذا سمع هؤلاء القوم الباطل من القول لم يُصْغوا إليه، وقالوا: لنا أعمالنا لا نحيد عنها، ولكم أعمالكم ووزرها عليكم، فنحن لا نشغل أنفسنا بالرد عليكم، ولا تسمعون منَّا إلا الخير، ولا نخاطبهم بمقتضى جهلكم؛ لأننا لا نريد طريق الجاهلين ولا نحبها. وهذا من خير ما يقوله الدعاة إلى الله.
جاء في موقع موضوع عن البراغماتية في الإسلام للكاتبة أماني قنديل: أصل البرغماتية إن الناظر في مبادئ الشريعة الإسلامية يرى أن الإسلام لم يفرق أو يفصل بين مفهومي البحث عن الحقيقة، والبحث عن السعادة، فلا يوجد تنافر بين المفهومين، ولكن الغرب حاول أن يبرز هذين الأمرين ضمن حضارته التي فرضها على الشعوب والبلدان، التي وقعت تحت سيطرته. ومن هنا نشأ الاختلاف بين المفهومين، فكان مفهوم السعادة عند الغرب يقتصر على اللذة المادية فقط لا غير، وعندما جاءت البراغماتية طوّرت هذه المفاهيم وحاولت تسويغها، فقالت: إن الأخلاق هي السعادة الذاتية، فليست الفضيلة فضيلة إلا لأنها تجلب اللذّة للشخص، وليست الرذيلة كذلك إلا لأنّها تتسبب بالألم. الإسلام ومفهومي السعادة والحقيقة لقد جاء الإسلام ليعلم الإنسان ما هي السعادة في الدنيا والآخرة، كما أن السعادة فيه تتسع لتلبية جميع احتياجات هذا الإنسان بوسطية واعتدال، دون إسراف أو تبذير، ومع التآلف والتعاون بين جميع الأجناس البشرية. ومن الجدير بالذكر أن البحث عن الحقيقة في الإسلام هي طريق السعادة، أو أن السعادة في جوهرها لا تتحقق إلا بالوصول إلى الحقيقة، فيكون الهدف الذي يسعى وراءه الإنسان في الإسلام حقيقة السعادة، أو السعادة الحقيقية.
عن تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله تبارك وتعالى “وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ” ﴿القصص 55﴾ “وإذا سمعوا اللغو” أي: السفه من الناس والقبيح من القول والهزء الذي لا فائدة فيه “أعرضوا عنه” ولم يقابلوه بمثله “وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم” أي لا نسأل نحن عن أعمالكم ولا تسألون عن أعمالنا بل كل منا يجازى على عمله وقيل معناه لنا ديننا ولكم دينكم وقيل لنا حلمنا ولكم سفهكم. “سلام عليكم” أي أمان منا لكم أن نقابل لغوكم بمثله وقيل هي كلمة حلم واحتمال بين المؤمنين والكافرين وقيل هي كلمة تحية بين المؤمنين عن الحسن “لا نبتغي الجاهلين” أي لا نطلب مجالستهم ومعاونتهم وإنما نبتغي الحكماء والعلماء وقيل معناه لا نريد أن نكون من أهل الجهل والسفه عن مقاتل وقيل لا نبتغي دين الجاهلين ولا نحبه عن الكلبي.
جاء في التفسير المبين للشيخ محمد جواد مغنية: قوله تبارك وتعالى “وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ” ﴿القصص 55﴾ “وإِذا سَمِعُوا اللَّغْو أَعْرَضُوا عَنْهُ”. تعرض الكافرون بالسب والشتم للذين أسلموا وآمنوا باللَّه ورسوله، فتحملوا وتجاهلوا “وقالُوا لَنا أَعْمالُنا ولَكُمْ أَعْمالُكُمْ” أنتم راضون بما عندكم من الباطل، ونحن راضون بما عندنا من الحق “سلام عليكم” قال المفسرون: هذا سلام الاحتمال من الجاهلين، وليس بسلام تحية، تماما كما تقول لمن تريد البعد عنه: اذهب عني بسلام “لا نبتغي الجاهلين” لا نخالطهم ولا نتخلق بأخلاقهم.
جاء في موقع الحكيم عن استفسارات الحوار للسيد محمد سعيد الحكيم: السؤال: ما هو الضابط الشرعي بالنسبة إلى الحوار في شبكة الإنترنت؟ والذي منه ما يدور مع المتربصين بالموالين لأهل بيت العصمة عليهم السلام، سواء بالسباب لإيذائهم عمداً، أو إحداث التشكيك في نزاهة علماءهم العظام، كالطوسي والكليني ونظائرهما، وهذا خلافاً للحوار مع من يترقب المؤمن في حوارهم خيراً، فما هو الضابط الشرعي لأنواع الحوارات؟ لا سيَّما مع الوقيعة المتعمدة في مذهب الحق وأهله؟ الجواب: أما الحوار مع من يترقب منه الخير فلا ريب في حُسنه، بل قد يجب، لما فيه من ترويج الحق، والسعي لرفع شأنه وإعلاء كلمته، أو الدفاع عنه وردِّ عادية المعتدين عليه. وأما الحوار مع من لا يترقب منه الخير فهو في نفسه ليس محرماً، إلا أن يخشى من ترتب بعض المحاذير الشرعية عليه. منها: إغراق الطرف المقابل  صاحب الموقع  في غَيِّه، وإكثاره من نشر الباطل عناداً، كردِّ فعل على فتح الحوار معه ونقده. ومنها: تشجيع الموقع ورفع شأنه، بفتح الحوار معه ولو بنحو النقد له، إذ قد يكون الحوار معه سبباً لشعور من يقف وراءه أو شعور غيره بأن الموقع من الأهمية بحيث يحتاج الخصم لنقده، والرد عليه، والحوار معه، بخلاف ما إذا أُهمل، حيث قد يشعرهم بأنه من التفاهة بحيث لا يراه الخصم أهلاً للحوار والنقد، نظير قوله تعالى: “وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ” (القصص 55)، أو أن الحق من القوة وظهور الحجة بحيث لا يؤثر عليه التهريج والتشنيع غير المنطقيين، وقد يؤدي ذلك إلى شعورهم بالخيبة والفشل، ويكون سبباً في تخفيف غلوائهم وكبح جماحهم، وهو ما نرجحه غالباً مع كل من يشنع على الحق بعناد وإصرار خارج حدود الحساب والمنطق.
تكملة للحلقة السابقة عن موسوعة السبيل: البراغماتية للدكتورة ربى الحسني: الخطوة الثانية لتطور البراغماتية جاءت مع وليام جيمس الذي ولد في نيويورك، وتلقى العلم والفلسفة في المدارس الأمريكية، ثم سافر إلى فرنسا لمتابعة دراسته في علم النفس، وعاد إلى أمريكا ليصعد إلى ذروة الشهرة سريعا. وقد نال درجة الدكتوراه من جامعة هارفارد عام 1870، وعمل بالتدريس فيها حتى وافته المنية سنة 1910. وكان جيمس حامل لواء البراغماتية حتى مطلع القرن العشرين، وقد زاد على ما جاء به بيرس بأن كل عقيدة تؤدي إلى نتيجة مرضية أو حسنة تعتبر عقيدة حقيقية، فليست الفكرة مشروعاً للعمل فقط، وإنما العمل أو النتائج هو الدليل على صحة الفكرة، بحيث إنه لا يرى أهمية لحقائق الأشياء في ذاتها، لأننا نستطيع أن نفرض هذه الحقائق كيفما اتفق، وجميع الأحاسيس تقود العقل إلى التصرف والسلوك. ومع أن الصورة الذهنية للأشياء قد لا تتفق مع حقيقة الأشياء ذاتها، لكن هذا لا يهم البراغماتيين، فهم لا يضيعون وقتهم في بحث الوجود المستقل للشيء بل النتائج المترتبة عليه، وكان جيمس يقول إن هدفه هو أن يتخذ الإنسان من أفكاره وآرائه ذرائع يستعين بها على حفظ بقائه أولاً، ثم على السير بالحياة نحو السمو والكمال ثانياً. وكان يرى أن من الغفلة أن يؤتى الإنسان قوة عقلية فيبددها في البحث عما وراء الطبيعة (الغيبيات) من قوى، فالعقل لم يخلق إلا ليكون أداة للحياة ووسيلة لحفظها وكمالها، ومن الأجدى له أن ينصرف إلى أداء واجبه في الحياة العملية، وحين تتضارب الأفكار وتتعارض يكون أحقها وأصدقها هو أنفعها وأجداها، كما يزعم. وبالغ جيمس بتطبيق هذه الفلسفة على كل شيء بما في ذلك مسألة وجود الله، فمع أن كل النظريات الفلسفية تقول إن الله موجود إذا تبين منطقياً وجوده لكن جيمس كان يقول إن صواب هذه الفكرة يتوقف على صلاحيتها في حياتنا الراهنة وتصرفاتنا اليومية، فإذا أدت إلى نتائج مُرضية فهي صحيحة وصائبة، وبذلك يكون الله موجوداً حسب رأيه. وهذه مغالطة منطقية تدعى الاحتكام إلى النتيجة (انظر مقال “المغالطات المنطقية“)، وهي مغالطة تتكرر في كل مناقشات البراغماتية. أما الخطوة الثالثة لتطور البراغماتية فكانت على يد جون ديوي الذي عمل رئيسا لقسم الفلسفة في جامعة كولومبيا، حيث تجول في أنحاء أمريكا ودرس إمكانياتها وقواها وثقافتها المتنوعة، لذا يُعد واضع فلسفة القارة الأمريكية كلها، وقد توفي عام 1952 بعد أن رسخ دعائم البراغماتية في أمريكا، وساهم بنشرها في العالم. تأثر ديوي بنظرية النشوء والارتقاء الداروينية، فسمّى نظريته في البراغماتية بـ”نظرية الأداة”، وانتقد النظرية العقلية القائمة على اعتبار العقل أداة للمعرفة، وأنه وحده الذي يستطيع الوصول إلى الحقائق في ذاتها والنفاذ من الظواهر الطبيعية إلى الحقائق التي تكمن وراءها، على عكس الحواس التي لا يمكنها الوصول إلا إلى الظاهر. وكان بيرس وجيمس يقولان إن الدليل على حقيقة أي شيء هو أثره، لكنهما وافقا على أن العقل أداة للمعرفة. أما ديوي فزعم أن العقل نفسه أداة تطورت في مسيرة النشوء والارتقاء لكي تتيح للإنسان إعادة تشكيل بيئته، فهو ليس أداة للمعرفة بل أداة لتطوير الحياة، وليست وظيفته أن يعرف بل عليه فقط خدمة الحياة لكي تنمو وتستمر. وبهذا أصبح العقل (ويقصد به الدماغ) كأي عضو آخر في الجسم، فإذا كانت وظيفة العين هي تحذير الإنسان من مواضع الخطر فتجنبه المهالك وليست وظيفتها نقل الألوان، فالعقل أيضاً أداة للحياة مثل العين. ومن هنا سميت هذه النظرية بنظرية “الأداة” أو “الآلية”. وفي خطوة أكثر تطرفا، انبثقت عن البراغماتية مدرسة اسمها “البشرية”، وهي تزعم أن أي حق من وجهة نظر الإنسان يجب أن يخدم مصلحة هذا الإنسان دون غيره. فمقياس الحقائق ليس في التطابق بين الاصطلاح وبين الأشياء الخارجية، وإنما مقياس الحق هو في خدمة الجنس البشري، ودون التفات إلى ما يؤكده العقليون من أن الحكم على وجود الشيء صواب متى كانت الضرورة المنطقية تتطلب وجوده. وإذا أخذنا فكرة وجود الجنة كمثال، فإن هذا الحكم حق إذا كان العقل يرى بالمنطق أن وجودها ضروري، في حين لا تقبل البراغماتية ومشتقاتها بهذا الحكم، لأنها تزعم أنه إذا كان من فكرة الجنة نفع للبشرية فهي موجودة حقاً.
جاء في موقع اخبار اليوم عن رابطة العالم الاسلامي حول الحكمة في التعامل مع التطاول: في جميع الأحوال لن يكون في موقف مقابلة الإساءة بالإساءة، أن المولى جل وعلا أمرنا في هذا الشأن وأمثاله بقوله سبحانه: “وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ” (القصص 55)، وبقوله تعالى: “وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ، إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ”، وهذا هو أدب الإسلام الرفيع مع كل مسيء بقوله، أياً كانت أسباب الإساءة، لأن الإسلام كبير، ورسالته سامية، ولا يمكن لمُهَاتِرٍ بقوله أن يطال من عظمتها وقوتها ولا ينال من حقائقها.

وفق حرية الرأي والنشر يتم نشر هذه المادة والجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات

اترك تعليقاً