السيمر / الأحد 25 . 09 . 2016
معمر حبار / الجزائر
كنت أقرأ كتاب “الأمير عبد القادر” للضابط الدنماركي، حين باغتني زوال اليوم زميلي حاج الشريف رفقة إبنه محمد. فاتجهنا كعادتنا إلى المكتبات المجاورة للمسجد الكبير المجاور بدوره لمحطة القطار.
تم التطرق لنقاط عديدة تتعلق بكتب التاريخ، والأمير عبد القادر، والزوايا، ونظرة الغربيين لتاريخنا، باعتباره من الذين يطالعون كثيرا. وقد إستفدت منه وما زلت في مجال قراءة التاريخ، وكتب التاريخ، والأقلام العربية والغربية التي تكتب في الشأن التاريخي.
وبينما نحن نطوف رفوف المكتبة، أشير للمذكرات التي كتبها بعض الجزائريين حول حياتهم والظروف التي عاشوها. فيجيب باستهزاء: كل من هب ودب أمسى يكتب مذكراته، ثم أضاف قائلا..
المذكرات يكتبها المشهور من الرجال، وليس أي نكرة لا يعرفه أحد. وعليه، أقول..
كتابة المرء لأيامه لا تحتاج أن يكون عالما في اللغة، أو بارعا في التعبير، أو ملما بالعلوم، أو مشهورا بما قدم أو لأن وسائل الإعلام قدمته، أو أتيحت له فرص الشهرة.
ويكفي أن يسجلها في حينها أو حين يتذكرها، مستعملا في ذلك الوسيلة التي تناسبه والتي يتقنها أو يبدع فيها وهي الآن كثيرة متعددة. ولو إستعان المرء بمن يكتب له، أو يرويها عبر المسموع بلسانه ، وفطرته ، وعفويته السليمة .
ولعل ما ينشره المرء يوميا عبر الصفحة، يعتبر وجه من أوجه الكتابة عن الأيام في حينها وبالصيغة المباشرة، مع ما يحمل ذلك من أخطاء تتعلق بالكتابة المباشرة لكنها مفيدة، لأنها ترسم الحدث في تلك الفترة وكأنه مادة خام تصلح مادة لمن يأتي فيما بعد، ويريد أن يقف على تلك الأيام المتعلقة بالشخص ، أو الفكرة ، أو المجتمع .
والقول أن كتابة الأيام ، والمذكرات ، والرحلات شأن المشاهير دون غيرهم من غير المشاهير، يثبط العزائم ، ويجعل الأيام والمذكرات شأن المشاهير ، وكأن غيرهم لا أيام لهم، ولا يوجد لديهم ما يذكرونه ويذكّرون به، وهي نظرة إستعلائية تمييزية. والأيام لا تميز بين السلطان والعبد، والعالم والجاهل، والرجل والمرأة، والشيخ والطفل. فهي تشمل الجميع، ويتحدث عنها الجميع.
والمطلوب هو غرس ثقافة كتابة الأيام منذ الصغر، حيث يتربى عليها الطفل عبر مراحل حياته، ويقوم باكتشاف ما كتبه في طفولته ، ومراهقته، وشبابه، وكهولته، فيرى بنفسه تغير الأفكار، وثبات بعضها، فيزداد تعلقا بكتابة الأيام، وتصحيح ما يجب تصحيحه وإضافة ما يجب إضافته، وهو حي يرزق يلمس بنفسه تغير الأيام والسنين.
وفي نفس الوقت تشجيع الكبار على تدوين أيامهم والتفرغ لها، والاستعانة إن أمكن بمن يمدهم بيد العون والحفظ، فتمسي كتابة الأيام عادة يومية يتوارثها الأجيال، وينقلها الجد للحفيد بسلاسة ويسر. ويبقى بعدها للمؤرخ والمهتم بالدراسة، والمقارنة، واستخراج العبر، والوقوف على السلبيات والإيجابيات.