السيمر / الاثنين 20 . 02 . 2017
معمر حبار / الجزائر
قرأت الكتاب مرتين لأتأكد من بعض النقاط، وأعدت قراءته للمرة الثالثة حين ضاعت المسودة بسبب عجز الحاسوب حينها عن الحفظ، والكتاب هو..
DE PIERRE LOTI « LES TROIS DAMES DE LA KASBAH », EDITIONS DU LAYEUR, 96 PAGES..
عمل الكاتب 42 سنة في البحرية، ما مكنه من التمتع بأغلب بحار العالم الغربية والعربية. ألف هذا الكتاب سنة 1882، وكانت أول زيارة له للجزائر سنة 1869، وزار الجزائر أربع مرات وخلال 10 سنوات أي سنوات 1869-1880.
يبدأ كتابه ببسم الله الرحمن الرحيم ويتحدث عن عائلة جزائرية تتكون من الأم خديجة والبنتين فاطمة وفايزة. ويتحدث عن الهندسة المعمارية للقصبة بإعجاب شديد والتي تتسم بصغر بيوتها وانعدام النوافذ إلا نافذة صغيرة محاطة بأسلاك، والزهور التي زيّنت جدرانها وبأنها مطلة على السماء ما يجعلها على إتصال دائم بسماء الجزائر الجميلة الصافية، وأبوابها صغيرة لا تفتح كاملة ، ويرى أن روعة الهندسة القديمة يعود الفضل فيها للتاريخ الإسلامي، وأن عزلة الغلق التي تميز السكنات العربية هي التي تحدد شبهة الغيرة والحراسة المشددة لحياة المسلمين.
يتحدث بإعجاب شديد عن جمال المرأة الجزائرية وعيونها الكبيرة الغارقة في السواد، والحليّ الكثير الثقيل القديم الذي يزيّن رقبتها ويديها الجميلة المكشوفة والتي تحدث صوتا حين ترفع يديها. و النساء الجزائريات اللواتي يعشن وراء الجدران المغلقة قرب البحر وبجوار الرومي غير الوفي، ويبدو أنهن مازلن يحافظن على السر غير المنتهك منذ عصور المسلمين الأوائل. وكن أحيانا يجمعن الزهور أو أوراق البرتقال بعدما يضغطن عليها لاستخراج العطر، وممارسة هواية الغناء والضرب على الدف و الدربوكة. وفي ليالي الصيف حين تغرب الشمس يصعدن للسقف ويتبادلن الحديث مع النساء اللواتي يعشن نفس الظروف، وهن يحدقن بعيونهن السوداء نحو القصبة كاللقلق الواقف على الآثار القديمة، ويتمتعن بالنظر من فوق السطوح المتشابهة إلى مسجد سيدي عبد الرحمن وبجوار بعض من النخيل. و البحر الأبيض المتوسط كأنه سجاد كبير نحو سيدي فرج.
منذ سنوات قتل عبد الله زوج خديجة بسبب محاربته للاحتلال الفرنسي، ومن يومها وابنتيه فايزة وفاطمة يتيمتين. ورغم الحلي القديمة الثمينة التي كانت تزين صدور وأيدي الفتاتين إلا أنهما فقيرتين. وعليه أقول: ما يدل على أن الاستدمار الفرنسي جعل من الغالي الثمين الذي يملكه الجزائري لا يساوي شيئا، ما جعله يعاني الفقر والجوع ويجبره المحتل الغاصب إلى ترك أراضيه الخصبة ويعاني التشرد والتهميش.
يتحدث بحسرة عن ضياع الجزائر لحسنها وجمالها حين فتحت أبوابها للسكارى من حثالة الجنسيات المختلفة التي إحتلت الجزائر. ويتحدث بإعجاب عن لباس المرأة الجزائرية الأبيض الذي يلف الجسد كله، وتعجبه حشمة المرأة الجزائرية، فيقول.. كانت النسوة يضربن الباب الخشبي بطريقة معينة يفهم منها، أيها الخباز إذا مررت من هنا ضع أمام الباب قطعة الخبز، وهو ما يحدث بالفعل، فيضع الخباز قطعة الخبز أمام الباب ويتسلم في المقابل قطعة النقود جزاء جهده وعمله.
كانت الأسرة الجزائرية تتغذى من التين والتمر المجفف، ما يدل على الاكتفاء الذاتي للأسرة الجزائرية. ويصف القصبة بإعجاب شديد وهو في سنة 1869 بأنها قديمة، ما يدل على أن القصبة عريقة قديمة. ومن خلال بيع النسوة لحليهم الغالي بأبخس الأثمان لليهودي ، يتضح سيطرة اليهود على سوق الذهب والفضة والمال وتبعية الجزائريين لهم بسبب الفقر المفروض عليهم من طرف نهب الاحتلال والاستدمار الفرنسي.
يتحدث بإعجاب شديد عن القصبة القديمة المحمية بطهرها ليلا والمستمد من ماضيها، عكس المدينة ذات الطابع المسيحي المفروض من طرف الاستدمار الفرنسي المعروفة بانحلالها ولياليها الصاخبة الحمراء. و بعدما أطال في وصف جمال الجزائريات راح يمدح جمال الرجل الجزائري، فقال.. يقفون مستقيمين برهبة وجلال وجمال، رؤوسهم صغيرة وعيون كبيرة سوداء، والشمس تغرقهم بأشعتها الملونة الذهبية، وجمالهم يضاهي جمال الآلهة.
يحنوي الكتاب على 74 صورة نادرة تعود للقرن التاسع عشر زيّنت صفحات الكتاب والتي تدل على بهاء الجزائر من نساء، ورجال، ومساجد، ولباس الرجال والنساء، والقصبة، والبحر، والعمارة الإسلامية وتاريخ الجزائر العميق. و أعيد طبع الكتاب بعد قرن من الطبعة الأولى.