السيمر / الأحد 26 . 02 . 2017
معمر حبار
تحدث المكلف بأمن الطرقات عبر الإذاعية الوطنية منذ عامين فيما أتذكرعن فحص نسبة الكحول لدى السائق، وقال بأن هذه الفحوصات تجرى على عينات عشوائية دون تمييز، واعترف بوجود بعض الصعوبات مع بعض الأشخاص، وذكر مثالا فقال..
طلبنا يوما من شخص أن يجري الفحوصات فامتنع في البداية باعتباره إمام، ومثل هذه الفحوصات لا تليق بالإمام واعتبرها مساس بمكانة الإمام وحط من قدره. وبعد شرح طويل وصادق تقبل الإمام إجراء الفحوصات الخاصة بالكحول، وبعدما أفهمه مطولا القائم بأمن الطرقات أن قانون المرور يتعامل مع الأشخاص على أنهم من مستعملي الطريق وبغض النظر عن رتبته ووظيفته.
هذه المقدمة دفعت صاحب الأسطر إلى النظر في ما ينشر في الصفحة كمثال عبر المتعاملين الكثر، حيث يجد المرء.. الأستاذ، المحامي، البروفسور، الطبيب، الصحفي، الإمام، المؤرخ، المختص في كذا، الحامل لشهادة كذا، الأديب، الكاتب، الشاعر وغير ذلك من الألقاب.
وليست المشكلة في اللقب الذي يحمله صاحبه فذاك حق حامله ولا عجب إن افتخر به وجعله علامة تميزه وترفعه. لكن المصيبة أن صاحب اللقب يفرض على غيره أن يعاملوه معاملة حامل اللقب وليس الزميل عبر الصفحة. مع العلم الصفحة ذات طابع دولي تجمع الأجناس والأوطان والمعتقدات والألوان والأشكال، فإذا أمكنها أن تذيب الجغرافيا والعناصر التي ذكرت وهي بالغة الأهمية، كيف لا تذيب ما دونها كالألقاب ولو كانت عزيزة لدى صاحبها ومحبيها.
ويعامل اللقب بما يليق من احترام وتقدير حين يكون في محله وميدانه، أما إذا إنتقل لمحل آخر وميدان آخر وجب علي صاحبه إحترام الاخرين والخضوع لما تعارفوا عليه من قانونهم الداخلي. فالمدرب الذي يتقدم غيره في الملعب يتأخر في المستشفى ويتقدم الطبيب الذي يتأخر في المسجد ويتقدم الإمام الذي يخضع للمكلف بالطريق، ويتأخر الأخير في المدرسة ويتقدم الأستاذ الذي يتأخر بدوره في ميدان غيره.
ومن استعمال السيىء والفاسد لسلطة اللقب، أن يعتقد حامله أن له الحق المطلق في جميع الحالات والظروف والأمكنة، وأن ما يحمله يخول له أن يدوس على الرقاب، ويتنكر للأحباب، ويعطى أفضل ما لأصحاب الحقوق، ولا يسأل عن صغيرة ولا كبيرة، ويقدم على غيره حيث يجب أن يقدم غيره.
ويبقى صاحب اللقب يحترم في كل حين، ويعامل بالمعروف دون أن يمس غيره أو يتجاوزه بغير حق.
وأصحاب الألقاب مطالبون قبل غيرهم أن يكونوا المثل الأعلى في النبل والأخلاق السامية، وفي سعة الصدر، والتنازل للغير فيما يستوجب التنازل، وفوق هذا وذاك أن يكون بحق صاحب اللقب من حيث التمكن، والتخصص، والمعارف الدقيقة، والتجربة المفيدة، وبما يتطلبه ميدانه وخبرته.