الرئيسية / مقالات / عين امران.. قداسة مسجد وحرمة ميت

عين امران.. قداسة مسجد وحرمة ميت

السيمر / الاثنين 10 . 07 . 2017

معمر حبار

لم أستطع حضور جنازة العالم الفقيه سي الحاج أحمد اليوسفي رحمة الله عليه ورضي الله عنه وأرضاه، و التي كانت في الأسبوع الأخير من شهر رمضان 1438هـ والأسبوع الأخير من شهر جوان 2017.
وأكرمني ربّي أن أكون البارحة رفقه الزّملاء صدّام حسين، وعبد الفتّاح، ويوسف لخمي، وكلّهم حيويّة وشباب، رُزقوا البلاغة و البيان، والفقه الأصيل، والتّربية السّليمة، وحسن الأدب والأخلاق، فقد تلقّوا جميعهم العلم والفقه واللّغة من أهلها ومنابعها الصّافية.
زرنا مسجد عين امران المعروف باسم مسجد سيّدنا عمر بن الخطّاب رضي الله عنه وأرضاه، الذي ظلّ الفقيه العالم يلقي فيه العلم والفقه ويشرح المتون للطّلبة عبر نصف قرن من الزّمن دون كلل ولا ملل.
أوّل عمل قمنا به هو الاتّجاه إلى قبر العالم الفقيه سي الحاج أحمد اليوسفي رحمه الله، دعونا الله له بالمغفرة والرّحمة وأن يجعل قبره روضة من رياض الجنّة، وأن يثبّته، ويلهمه الإجابه الصّحيحة، وأن يوسّع له في قبره بقدر رحمته وفضله ولطفه، وأن يكرمه بالنّظر إلى وجهه الكريم، وأن يرزقه شفاعة سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن لا يحرمنا أجره ولا يفتننا بعده.
صلّينا بعدها صلاة المغرب بالمسجد، بعد السّلام رفع الإمام يديه ورفع المصلّون أيديهم داعين الله جهرا وبصوت واحد، وتلك من السّنن الحميدة التي تربّى عليها أهل الجزائر والمغرب جميعا منذ قرون طويلة على يد فقهاء وعلماء بلغوا الصّفاء والاجتهاد.
وأنا أخرج من المسجد زرت قبر العالم الفقيه للمرّة الثّانية، ومما قلته في الدّعاء وأتعمّد الآن ذكره ونقله: اللهم كما حفظت الشّيخ حيّا احفظه اللّهم ميّتا.
لأول مرة أكتب عن المسجد والقبر والعالم الجليل وامتنعت عن الكتابة عمدا، ولذلك طلبت الزّيارة حتى أكتب عن علم ومشاهدة، فيقارن المرء بين ما قرأه ورآه عبر الصّور المسرّبة عمدا وبين مارآه رأي العين، لذلك كانت هذه الزّيارة النّافعة والأسطر الصّادقة.
وُضع القبر خارج المسجد ولا علاقة له إطلاقا بالمسجد، والقول إنّهُ وُضِع في فناء المسجد من الكذب وشهادة الزّور التي لا تليق بقداسة المسجد ولا بحرمة الميّت، وكان على الذين اتّهموا أهل المنطقة من العلماء والفقهاء بالدّفن داخل المسجد زورا وبهتانا أن يزوروا المسجد ليعلموا سوء ماقالوا وكذب مانشروا.
لن أدخل في نقاش حول دفن العالم الفقيه خارج المسجد، وعلماء وفقهاء المنطقة أدرى وأفقه من غيرهم وهم أعلم النّاس بالشّيخ وعالم وفقيه الأمّة وأدرى من غيرهم بما يناسب عين امران ومسجد عين امران، وكما حدّثني الفقهاء قائلين: لو استشاروا لكان وضعا آخر، أمّا وقد دُفن العالم الفقيه الصّالح خارج المسجد، فقد طُوي الملفُّ إلى الأبد ومن سوء الأدب إعادة إحيائه من جديد والرّجل الصّالح لم تجفّ تربته بعد.
رأيت رأي العين أن القبر وُضِع خارج المسجد ولا علاقة له بالمسجد، والصّور المرفقة طيّ هذا المقال تدلّ على ذلك، وكيف أنّ القبر محاذٍ للطّريق العموميّ، ممّا يدل على أن القبر خارج المسجد وليس داخله ولا حتّى في فناء المسجد. وفي نفس الوقت رأيت صورا سُرّبت عمدا والتُقِطت بطريقة عمدا توحي أوّل مرّة أنّها داخل المسجد أو بفناء المسجد، وقد أخفت الصّور عمدا الطّريق العموميّ والرّصيف الخاصّ بالمارّة، وهذا من الكذب الشّنيع والبهتان العظيم في حقّ قداسة المسجد وحرمة الميّت.
قرأت للبعض كيف أنّه طالب بنقل رفات العالم الفقيه الصالح من مكانه إلى مكان آخر، وحرّض ساسة الجزائر والشّارع الجزائري على ذلك، وما زالوا يفعلون وكأنّ الجزائر بحاجة للنّار والدّماء، وهذا لعمري سوء أدب وقلّة أدب لم يفعله غُلاة الصّهاينة مع أعدائهم العرب والفلسطينيين ولا الحاقدون ولا الحاسدون. كيف تُنتهك حرمة ميّت ويعبث به؟ ! ناهيك عن عالم فقيه صالح أفنى حياته في العلم والفقه. أيُجازى العلم والفقه والحديث بنقل الرّفات وإهانته بهذا الشّكل المهين ؟ !
طيلة وجودي بمسجد عين امران لم ألحظ أبدا مظاهر الشّرك حول القبر بل رأيت الأدب للأحياء والاحترام للأموات من طرف الجميع، فأهل عين امران حفظهم الله جميعا يعبدون ربّهم بالفطرة ويطيعون سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحترمون العلماء والفقهاء ويكرمونهم أحسن إكرام، والله تعالى حفظ الجزائريّين وأهل عين امران الكِرام من الشّرك وما يؤدّي إليه، وتلك من نعم الله على سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى أمّته إلى يوم الدّين.
الجزائر في غنى عن فتنة جديدة بسبب قبر وضع خارج المسجد، ويكفي ماعاشته في العشرية الحمراء من رؤوس بريئة تطايرت، ويرفض أبناءها المخلصون أن تعيش فتنة أخرى بسبب تدنيس قبر وإهانة عالم فقيه صالح مصلح وهو الذي استعان به الناس والدولة في إطفاء فتن وإخماد نيران طيلة حياته.
وفّق الله علماء وفقهاء وسكّان عين امران لما فيه خير الجزائر والعلم والعلماء، ونكرّر ما قلناها في دعائنا ونحن على قبر العالم الفقيه سي الحاج أحمد اليوسفي رحمة الله: “اللّهمّ كما حفظت الشّيخ حيّا احفظه اللّهمّ ميّتا.”

اترك تعليقاً