الرئيسية / مقالات / هذا ما جناه علينا برزاني

هذا ما جناه علينا برزاني

شيرزاد شيخاني

منذ أربعة أشهر يصارع حزب برزاني من أجل تمديد ولاية رئيسه مسعود برزاني. لم يدخر وسعا في سبيل الوصول الى تحقيق هذا الهدف وتثبيت حكم دكتاتوري فردي في بلد عانى لأكثر من أربعين سنة من الحكام الدكتاتوريين الذين تسببوا جميعا بتدمير العراق البلد الغني وتحويل شعبه الى متسولين ببلاد أوروبا، وهذا عين ما يفعله برزاني وحزبه اليوم بكردستان بدليل موجة الهجرة الشبابية هربا من جحيم حكمه الدكتاتوري… بذلت قيادة هذا الحزب كل غال ورخيص من أجل إبقاء البرزاني على كرسيه المتهالك، إشترى الذمم بملايين مسروقة من قوت الشعب..عرض المناصب الرفيعة والإمتيازات الوفيرة على البرلمانيين والسياسيين.. هدد بتدمير كردستان، توعد بإستقدام الجيوش الإقليمية،لوح بورقة إخلاء الجبهة أمام تنظيم داعش الإرهابي لإحتلال أراضي كردستان.. لم يبق شيء إلا ولجأ إليه هذا الحزب من أجل تثبيت رئيسه على الحكم بكردستان وهو الذي لايشبع من كرسي الحكم، ولا يحترم حتى تواقيعه على القوانين التي تنظم ولايات الرئاسة، ولا تعهداته أمام الشعب بالرجوع الى صفوف البيشمركة بعد إنتهاء ولاياته.. بالمقابل هناك صحوة ضمير لدى بعض الأحزاب السياسية التي ساهمت في السابق سواء بقصد أو من دون قصد بإنشاء دولة البرزان بكردستان، وشاركت في جريمة تدمير البلد عبر جعل هذا الحزب كحزب قائد لكردستان تحت ذريعة حرص تلك الأحزاب على عدم إستفزازه ودفعه مرة أخرى لحرب داخلية، فقدمت تلك الأحزاب تنازلات مشينة وقدمت الحكم على طبق من ذهب لهذا الحزب العشائري المتخلف. روى لي قيادي كردي” أنه بعد نجاح جهود وزيرة الخارجية السابق للولايات المتحدة مادلين اولبرايت سعى الإتحاد الوطني وبشخص أمينه العام مام جلال لتوقيع إتفاق شراكة لإدارة الحكم بكردستان، لكن مسعود بارزاني أصر على أن يكون له القدح المعلى والحصة الأكبر من غنائم السلطة، مبررا ذلك بأنه قام بخيانة وطنية وقومية في 31 آب عام 1996 حينما إستقدم قوات الحرس الصدامية لإحتلال أربيل وتدنيس برلمان كردستان، وبما أن هذه الخيانة ستبقى لطخة عار في جبين حزبه فإنه يريد ثمنا باهضا لتلك الضريبة. الأقلام المأجورة التي تأكل السحت الحرام وتبيع شرفها من أجل الدولارات حاولت وتحاول دائما تجميل صورة برزاني وحكمه، فيما يسعى خبراء حزبه الى إيجاد ثغرات قانونية أو حيل شرعية من أجل التمديد له ولو لشهر، لكن جميعهم فشلوا في تحقيق ذلك لضعف حججهم فأصبحوا من القوم الخاسرين. وأريد في هذا المقال أن أوثق لبعض ما تحقق في ظل حكم برزاني الممتدة لعشر سنوات، لكي يحكم القاريء بنفسه على أحقية إل برزان في حكم كردستان. قبل عشرة أعوام كانت الأوضاع المعيشية تشهد نوعا من التحسن المضطرد خاصة بعد قيام الحكومة الإتحادية بتخصيص حصة معتبرة من ميزانية الدولة لإقليم كردستان والتي بلغت أكثر من عشرة مليارات دولار سنويا، فأغرقت كردستان بالأموال دون أن تقدم شيئا بالمقابل لبغداد، وإنتهز حزب برزان تلك الفرصة الذهبية ليوقع إتفاقا إستراتيجيا مع غريمه الإتحاد الوطني هدفه تقاسم السلطة والمغانم، فرمى بشريكه الى معمعة العمل السياسي ببغداد لينفرد هو بنفسه بحكم كردستان ويتفرد بالتصرف بالأموال، فحلب الميزانية الهائلة. واليوم يكاد الشعب الكردي بسبب عدم وجود خطط تنموية أن يتحول الى شعب متسول، حتى رواتب موظفي الدولة أصبح دفعه عسيرا على حكومة آل برزان. قبل عشر سنوات لم تكن كردستان تستخرج نفطها وتخزنها تحت الأرض عسى أن تستفيد منه الأجيال القادمة، لكن بسياسة خاطئة هدفها سرقة تلك الثروة، عملت حكومة نيجيرفان برزان على إستقدام شركات أجنبية مريبة لإستخراج النفط وتهريبه عبر الشاحنات الى دول الجوار وتحويل عوائده الى البنوك الخارجية لمصلحة آل برزان.. واليوم تسوق حكومة كردستان حسب وزير الموارد الطبيعية ما يعادل 800 آلف برميل من النفط يوميا دون أن يعرف أحد حتى البرلمان أين تذهب تلك العوائد، حيث أن وزير المالية أكد قبل يومين أن الحساب البنكي التركي المفتوح من قبل نيجيرفان برزاني ليست فيه أية سيولة نقدية تساعد على دفع رواتب وزارة واحدة بحكومته. قبل عشر سنوات لم تكن الدول الإقليمية تجرؤ على التدخل بشؤون كردستان، واليوم الحكومة التركية تعتبر كردستان ولاية من ولاياتها الجنوبية بعد أن قدم برزاني لها إمتيازا بتسويق النفط لمدة خمسين عاما مقابل ضمان تركيا الدفاع عن مصالح برزاني الاقتصادية والسياسية. قبل عشر سنوات كانت علاقة إقليم كردستان مع الحكومة الإتحادية ببغداد في أوج قوتها، حتى أن الكرد كانت لهم اليد الطولى في صياغة الكثير من مواد الدستور العراقي الديمقراطي، وكانت العلاقات السياسية مع الأحزاب الشيعية والسنية قاطبة في أحلى أوقاتها،وخلال السنوات الماضية أفسد برزاني رئيس إقليم كردستان علاقة الإقليم مع بغداد فحفر الخنادق عند خطوط التماس وذهب الى الجبهة مثل أي ديكتاتور آخر لينظر بالمنظار الى جبهة ” العدو”،ويسعى اليوم لتصوير بغداد كقوة إحتلالية غاشمة، وشوه صورة الأخوة الشيعة الى درجة مقززة وهم كانوا حلفاء الكرد والمدافعين عنهم في سنوات النضال ضد الدكتاتورية. قبل عشر سنوات كان المثقفون قادرون على التعبير عن حرياتهم الفكرية ولكم تكن السلطة قادرة على كبت الأصوات أو قتل الصحفيين أو ملاحقة معارضي حكم برزان، أما اليوم ومع ترسيخ قبضة آل برزان على الحكم هناك شهادات موثقة من قبل رئيس لجنة حقوق الإنسان ببرلمان كردستان ومذاع عبر شرائط الفيديو يتحدث ضحايا سجون آسايش مدينة أربيل وأساليب التعذيب الوحشية التي تمارسها سلطات هذا الحزب ضد معارضي حزب برزان، ناهيك عن آلاف رسائل التهديد بالقتل ضد البرلمانيين والصحفييين والمثقفين والكتاب المعارضين لحكم برزاني. في ظل حكم آل برزان لجأت أجهزته الأمنية الى أساليب لتشويه سمعة عدد من الشخصيات السياسية والبرلمانية والثقافية والصحفية بإستخدام نساء الحزب للإيقاع بهؤلاء بقصد الضغط عليهم لتغيير مواقفهم السياسية وهناك وقائع نشرت في الصحف المحلية بهذا الصدد. في ظل حكم برزاني اًصبحت كردستان على حافة الإفلاس المالي، وإنهيار البنية الإقتصادية والخدمية، حتى أن أي مطر ينزل بالشتاء يتسبب بفيضانات وسيول عارمة تدمر بيوت الفقراء والمساكين.. في ظل حكم برزاني توالت الأزمات المعيشية والخدمية على كردستان، إنعدمت المياه الصالحة للشرب، وإختلطت في مدن وأقضية عديدة بمياه الصرف الصحي،تقلصت ساعات تجهيز الكهرباء،تكررت أزمات الوقود وخاصة البنزين الذي أصبح في الإقليم الذي يصدر مايقرب من مليون برميل نفط يوميا توزع على سواق التاكسي بالكوبونات، فشلت الحكومة بتوفير أبسط حقوق المواطن من الرعاية الصحية للمحتاجين. في ظل حكم برزاني إنتهكت القوانين وأصبحت مراسيم العفو تشمل أعتى المجرمين لمجرد أنه من أفراد العشيرة الفلانية المتحالفة مع حزب برزان. في ظل حكم برزاني أصبحت العلاقات الخارجية مع دول العالم تبنى على أساس إدارة مصالح الشركات التابعة لآل برزان، ولا تمثل ممثليات الحكومة سوى حزب برزان و مصالحه في الخارج، ولا وجود لقضية الشعب لدى تلك الممثليات المعتمدة بالخارج. في ظل حكم برزاني إنحرفت العملية الديمقراطية عن مسارها الطبيعي، لأن مسعود بارزاني يريد لنفسه أربع ولايات كاملة، وإبن أخيه ترأس الحكومة لأربع مرات وينتظر الخامسة، وإبنه الأكبر يترأس مجلس أمن الإقليم دون أن ينازعه أحد، والوزارات التابعة لحزبه لا تتعاون مع الوزارات الأخرى ومازالت تعمل بعقلية الإدارتين المنقسمتين. في ظل حكم برزاني لاوجود لأية خطط تنموية بمجال الزراعة أو الصناعة أو السياحة، كل المعامل والشركات المنتجة تم بيعها لأعوان آل برزان، ولم تعد لدى الحكومة أية شركة عامة تستخدم الأيدي العاملة. في ظل حكم برزاني إستأثرت عائلته بالمقدرات الإقتصادية من شركات النفط الى شركات البناء والعقارات والإستثمارات والمولات والفنادق الفخمة والقطاع السياحي ومرافقها وشركات الهاتف والأنترنيت وغيرها. في ظل حكم برزاني جاع الشعب وإفتقر وأصبحت أماني الموظفين هو قبض الراتب الشهري، وكسدت الأسواق وتوقفت مصالح الناس بسبب صراع هذا الحزب على السلطة. وآخر الممارسات كشفتها صحيفة” آوينة” الكردية بعددها الأخير حيث أشارت الى مخطط إرهابي ضد رئيس البرلمان وسكرتير البرلمان ورئيس كتلتي الإتحاد الوطني وحركة التغيير ورئيس لجنة حقوق الإنسان في البرلمان بقتلهم داخل حرم البرلمان إذا ما نجحوا بإستكمال النصاب القانوني للقراءة الثانية لقانون تعديل قانون رئاسة الإقليم وتحويل النظام الرئاسي الحالي الى النظام البرلماني. هكذا يتعامل مع هيبة البرلمان وسيادة القانون، وهذا تصرف أقل ما يمكن وصفه هو إرهاب وإنقلاب عسكري على مؤسسات الدولة الوطنية. وبعد كل هذه المآسي والويلات يأتي حزب برزان ليطالب بتمديد ولاية رئيسه الى أبد الآبدين. أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ.

إيلاف