السيمر / الاثنين 17 . 12 . 2018
عبدالحمزة سلمان
شاء الباري أن تحظى مدينة النجف الأشرف بمرقد الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام), الذي يستمد منه الجميع الإيحاء الفكري والعقائدي, مما جعل رجال العلم وطلابه يرتادونها من جميع بقع العالم, لتصبح النجف إشعاعا فكريا وعقائديا, بعلمائها ومراجعها وحوزتها الدينية, والكل يعلم أن فيها علماء ورجال دين ورموز دينية, انحنت لها كل الأفكار والبدع, التي هاجمت وتهاجم عقيدتنا, ومظلومية شيعة أهل البيت( عليهم السلام), وغربـة الإمـام صاحب العصر والزمان( عجل الله تعالى فرجه الشريف), ومن المتصديين والمجاهدين لإعلاء كلمة ونهج شيعتنا, كان لنا الشرف أن نلتقي بالمرجع الديني الأستاذ الشيخ محمد السند (دام ظله), لننقل لكم سيرته الذاتية وكتبه ومؤلفاته.
ولد سماحته في شهر رجب من سنة 1382هـ الموافق 1961م في البحرين، وكان أبوه يدعى بالحاج حميد من تجار البحرين, ومن المحبين للائمة الأطهار( عليهم السلام), كان سماحته متميزاً في مقتبل عمره بالذكاء والفطنة، حتى أنه ابتدأ دراسته الابتدائية في السن الرابعة والنصف من عمره، و هذا السن لم يكن متوافقا مع السن القانوني للدارسة, قُدم له امتحان ذكاء خاص وعلى أثره قبل للشروع في الدراسة مع صغر سنه.
أتم دراسته الثانوية في البحرين, وكان عمره خمسة عشر ونصف سنة, وفي جميع فترة دراسته كان من المتميزين والمتفوقين، وبالإضافة إلى انشغاله بالدراسة كانت له نشاطات دينية كإقامة صلاة الجماعة في المدرسة وغيرها من النشاطات الدينية الأخرى.
دراسته الأكاديمية
بعد نيل شهادة الدبلوم توجه عن طريق بعثة دراسية إلى لندن في كلية( ديويد گيم) للدراسات العليا قسم الهندسة، وبنبوغه المتميز حصل على شهادة فوق الدبلوم من الكلية المذكورة في مدة سنة واحدة.
وفي السنة الثانية أخذ مواداً إضافية, والتحق بالكلية التخصصية المسماة( بالامبريال), وكان في هذه المرحلة مجدا في دراسته، وفي أواخرها بدأ يفكر بجد للتوجه إلى مذهب أهل البيت( عليهم السلام) للدفاع عنه من الإدعات والإشكالات والتهريجات, التي لا منشأ لها إلا الصد عن هذا المذهب، و أن أفضل الأجوبة وأقواها موجود في تراث هذا المذهب الغني فيذيب بها هذه الإدعاءات والاشكالات.
وانطلاقاً من هذا التفكير عزم على ترك دراسته الأكاديمية في جامعات( انجلترا) والذهاب إلى مدينة قم المقدسة, التي تعد مركزا من مراكز العلوم الدينية التابعة لأهل البيت( عليهم السلام), كانت هذه فكرة متبلورة عنده من السابق, إلا أنها اشتدت وتبلورت أكثر فأكثر في فترة دراسته في بلاد الغربة، كان منشأ ذلك هو الروحية الولائية من زمن طفولته فكان يلمس بها مظلومية شيعة أهل البيت( عليهم السلام) وغربة الإمام صاحب العصر والزمان( عجل الله تعالى فرجه الشريف).
لاحظ النشاطات الثقافية لأعداء مذهب أهل البيت( عليهم السلام) والشبهات التي كانت تلقى بين الشباب والطلبة الجامعيين، وكان يعتقد اعتقادا تاما بوجود جميع أجوبة هذه الشبهات في مذهب أهل البيت( عليهم السلام).
ومنها صمم على ترك الجامعة والدخول إلى الحوزة العلمية لدراسة علوم ومعارف أهل البيت( عليهم السلام)، حتى يستطيع الدفاع عن تلك الشبهات, وقد اعترضه الكثير من أصدقائه وأساتذته، وأكثرهم معارضة له أستاذ من اليهود لما لمس منه من النبوغ والاستعداد حتى عرض عليه أن يتكفل له بجميع ما يحتاجه في دارسته في لندن، إلا أنه لم يستطيع أن يحول بينه وبين ما يصبو إليه من أن يسلك طريق خدمة الامام الحجة( عجل الله تعالى فرجه الشريف).
كان الشاغل فكره حينها هو كيفية ذهابه إلى قم المقدسة وتحقيقه ذلك العزم عمليا, حتى سنحت له الفرصة في الذكرى السنوية الأولى من انتصار الثورة الاسلامية في إيران، حيث دعا مجموعة من الطلبة الجامعيين في طهران مجموعة من الطلبة الجامعيين في لندن للمشاركة في مؤتمر فكري, وعلى أثرها جاء من لندن إلى طهران, ومن شوقه الشديد لم يذهب إلى ذلك المؤتمر, بل توجه مباشرة من مطار طهران إلى مدينة قم المقدسة.
دراسته الحوزية
بداية تواجده في قم المقدسة في سنة 1400 هـ واجه صعوبات ومشاكل كثيرة، إلا أنه بارتباطه ببعض العلماء تجاوزها, حتى تأتى له البقاء في بعض المدارس العلمية وكان له نهم شديد جدا يشتغل ليله ونهاره, في أيام التحصيل والتعطيل في طلب العلوم، وكان يتفادى كل ما يعيق طريقة عن طلب العلم والتحصيل، حتى أنهى دراسة مرحلة المقدمات والسطوح والسطوح العالية( بما يوازي البكالوريوس والماجستير في الدراسات الأكاديمية) في ثلاث سنوات ونصف أي عند نهاية العام 1403هـ .
ذلك لمواصلته التحصيل بكثافة بحيث كانت مستوعبة للعطل الصيفية وغيرها، بل حتى في الساعات المسائية من يومه الدراسي، فدرس الكتب الحوزوية المقررة في العلوم الأدبية من النحو والصرف والبلاغة والعروض، ودرس المتون القديمة مثل شرح النظام والمطول والشمسية ومغني اللبيب، ودرس كذلك المنطق والفقه والأصول، وعلم الهيئة والفلك, وبعد اتمامه دروس السطح العالي التحق ببحوث الخارج.
استفاد سماحته من الاساتذة من كم كبير من فطاحل الحوزة, و كان اجتماع علماء النجف و ايران في قم بسبب الاوضاع السياسية, التي مرت على العراق فاستفاد من هذا الوضع الذهبي و بنى شخصيته العلمية الاخلاقية تحت انظار اسود الحوزة و المراجع.
تتلمذ عند كبار علماء الحوزة العلمية في الفقه و الاصول و التفسير و الرجال, و كانوا يشهدون بفضله و نبوغه مع حداثة سنه.
تدريسه للبحث الخارج:
بدأ سماحته بتدريس البحث الخارج بطلب من استاذه المرحوم السيد محمد الروحاني والميرزا هاشم الاملي في وقت مبكر, حيث كانا يرانه مؤهلا للتدريس, فاستمر في تدريسه في الفقه و الاصول و الرجال و العقائد و التفسير, وما غفل سماحته في ايام دراسته و تدريسه عن التحقيق و التأليف في الفقه و الاصول و الرجال و التفسير و اوضاع مجتمعه, و ما يدور حوله فما رأى من مشكلة سعى في حلها علميا و فقهيا.
شرع في تأليف عدد من الكتب والمؤلفات ما يقارب اكثر من (97) كتاب ومؤلف, تحتويها مكتبات في النجف وخارجها, وفي الدول الأخرى يعتمد تدريسها, كما تتوافد كل صباح إلى مكتبه أعداد كبيرة من الطلبة والأساتذة, لتدريسهم وتوجيهم.