السيمر / فيينا / السبت 03 . 08 . 2019
عباس راضي العزاوي
منذ أن خلقنا الله وقذفنا بارادته الى اتون الشرق الاوسط ومزابله العتيقة ونحن نُسخ مكرره من البؤس وطيحان الحظ لأجدادنا العظام، نُعيد ونصقل الافكار والاوهام على حد سواء، فنحن لانقرأ ماكتب الاجداد ولم نتعلم كيف نفكر وفق مادونوا بل نحفظ الحروف والفوارز وادوات النصب والاحتيال عن ظهر قلب لنكرر أقوالهم ونصوصهم ونتقن ترتيلها بخشوع وافر امام من لايفقه شيئا. تماما مثل البريج المعاد تدويره من النعال على سبيل المثال لا الحصر ، فبعد أن كنّا نسير برعايته – اي النعال- وحضوره المثمر تحول إلى الادارة الرسمية الأكثر اطلاعا على اسرارنا الشخصية، دون تردد منا أو وجل بتسنمه للمنصب الحساس هذا ، فهذه هي طبيعة الأمور لدينا ولا نجد غضاضة في ذلك، فمن يفوز في اعرافنا العتيدة سواء كان نعلا او قوادا, قائد معاد تدويره او سمسار فهو البطل الاسطوري بصرف النظر عن طريقته في الوصول للقمة فنحن كما اسلفت نجتر بعناية فائقة كل شيء حتى افكارنا. للتنويريين الاجلاء حظ اوفر من غيرهم في الغيبوبة السرمدية التي ننعم بها جميعا دون تمييز او فصل عنصري ,فهم يحفظون الف كتاب عن الانسان وحقوقه والف اخرى عن الشعر الغربي واوزانه والف ثالثة عن فلسفة التمدن والمساواة بين الاجناس والقبائل ,تماما كما ورد في مبادئ الثورة الفرنسية العظيمة دون زيادة او نقصان ولكنهم مع فيض علومهم المستوردة هذه واطلاعهم الواسع على ثقافات الشعوب وتجاربها , لايطيقون من يخالفهم ويتمنون احراقهم كما يفعل غيرهم من الجهال, فالفرق بين الفريقين ينحصر بنوع مايحفظون لا اكثر. ومن الفريقين انتجنا العتاة المردة والحمقى والمغفلين والقادة والنخب, لقيادة الجموع الدائخة الى طريق التحرر والتمدن ,فصار الحوار الماصخ جدا يتمحور بين شعوب دائخة واخرى اقل اضطرابا لاتجيد الا ترديد ماتقرأ وحفظ ماكتب قبل مئات السنين وتضيف له في ساعات الصفاء والتجلي مايحلو للمصطول ان يسمعه وان سأل عن معضلة لم يدركها زادوا له من عندياتهم مايفقهون وما لايفقهون, لتستمر مسرحية الضياع وتدوير النفايات الى يوم يبعثون. فافكارنا مستوردة ونظرياتنا مستوردة وحرياتنا مستوردة وديمقراطيتنا مستوردة وملوكنا وقادتنا ونخبنا وقطع غياراتهم وحتى شعاراتنا صنعت برعاية “جنرال موتورز” وبعد كل هذا مازلنا ندعي صنع الحياة والنصر ونحن كمن يطعن في الظلام عدوا لايراه.