الرئيسية / مقالات / عطايا الوالي!

عطايا الوالي!

السيمر / فيينا / الاحد 11 . 08 . 2019

خالد الناهي

لا نريد صدقاتكم، بل حقنا فقط.. ولا نريد عطائكم، بل مستقبلنا فقط.. اصبحنا نكره تصوير كاميراتكم المرائية، نريد كرامتنا فقط. 
على ما يبدو ان حكامنا، يريدون ان يتصدقون ويعطون من اموالنا لنا، ويصورنا بكاميراتنا التي هي أيضا من اموالنا، ليظهروا كرمهم للعالم من خلال اذلالنا! 
فلا زال كثير منهم يعيش دور الوالي، فيعطي فلان ويمنع عن علان.. الفرق ان الوالي سابقا تراه حاشيته فقط عندما يعطي، اما الان فيراه كل العالم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي !
ما حدث في هذا العام، مع الطالب الذي حصل على المركز الاول وبعض من زملائه في العراق، لا يعدو كونه إذلالا للشباب العراقي، واهانة للدولة العراقية، بكل ما تعني الكلمة.

هل يستحق شاب قضى اثنى عشر عاما يدرس ويجتهد، ثم يأتي رئيس او محافظ ليتصدق عليه، و يعطيه مبلغ من المال ليشعره بالذل مدى الحياة؟! 
هل يدري أنه جعله وسيلة للسخرية في وسائل التواصل الاجتماعي، من شباب مثله لكن الفرق انهم فاشلين؟
هذا يقول تبرع المحافظ بعلبة كلينكس
وذاك يقول تبرع امير الامارات بكذا! 
وثالث يقول تبرع فلان بستوتة!

هل يصعب على الدولة ان ترعى ابنائها، او على اقل تقدير المتفوقين منهم؟!

هذا الشاب اوتلك الشابة وصلت اسمائهم عن طريق السوشل ميديا الى الوالي، فأحرج من العامة، فأخذ يغدق عليهم بعطاياه! 
أصبحت المنافسة بين الولاة طلبا للشهرة (الطشة).. لكن من لم يسمع به الوالي، ولم تنشره وسائل التواصل الاجتماعي،ولم يلتقط معه صورا، هل سيبقى دون مكافأة؟
منذ سنوات والحكومة تتعامل بانتقائية مع كثير من القضايا، وخصوصا التي تعرض على السوشل ميديا! 
يذهب الوزير ويعطي ثم المحافظ، حتى اصبح بعض معدي ومخرجي البرامج والتقارير، يساومون الفقراء قبل عرض قضيتهم للراي العام، فيقاسموهم ما سيحصلون عليه! 
كم هو عدد الطلاب الاوائل في العراق، بجميع اقسام الدراسة للصف السادس الاعدادي؟مئة.. مئتان؟ الف مثلا!

ماذا ستخسر لو اعطت الدولة لكل شاب فيهم وبقانون ثابت مبلغ (50)مليون منحة؟
وينظم هذا بقانون ويصرف من المنافع الاجتماعية لرئيس الجمهورية، مع مرسوم جمهوري تعبر فيه عن شكرها وفخرها به ؟
بالتالي لن تمس كرامة احد، ولا منة من أحد، بل فخر وعزة للطالب والدولة، وحافزا لتفوق عدد اكبر.. هل هذا صعب؟ بالتأكيد لا.. على دولة ميزانيتها فاقت (100) مليار دولار! 
ماذا ستخسر الدولة ان ارسلت هذه العقول المتفتحة للدراسة في الخارج وعلى نفقتها.. على ان تختار لهم افضل الجامعات العالمية، ليعودوا بعد عدة سنوات علماء، فينفعوا البلد؟!.. وينتفعوا منهم، خلال مدة قصيرة. 
كم عالم وشاب نافع ستحصل الدولة عليه،بالاضافة الى ان ذلك يعزز روح المواطنة،وحب البلد لديهم.. هل هذا صعب؟ قطعا لا، بل متيسر جدا. 
لكن .. اذا فعلت الدولة ذلك حجي فلان، ودولة علان، والقائد الفلاني، سوف لن يمارس دوره كوالي يعطي لفقراء شعبه، الذين يعملون كخدم او فلاحين في قصره! 
فيفقد متعة العطاء، وتختفي الكاميرات التي يعشق الوقوف أمامهن وهن يظهرن كرمه ونبل اخلاقه، وهذا ما لا يرضاه قطعا.
لذلك سيبقى الشاب ينتظر عطاء الوالي المذل، ما دام من يمسك السلطة يعيش عقدة النقص! 
الى متى؟ هل هناك سقف زمني لحل تلك المشكلة، وانقاذ كرامة المواطن العراقي؟
يبدوا ان الاجابة ستحتاج لإنتظار طويل.

اترك تعليقاً