السيمر / فيينا / الاثنين 12 . 08 . 2019
أياد حسين حبيب البازي السماوي
في مقالنا السابق الذي حمل عنوان ( المرجعية الدينية العليا لا تعرف أين المشكلة ) كنّا قد أوضحنا أنّ مشكلة العراق ليست مشكلة أفراد أو أحزاب أو جماعات , بل هي مشكلة بنيوية في طبيعة النظام السياسي القائم الذي بني على خطأ , وهذا البناء الخاطيء أدّى إلى نشوء نظام سياسي واقتصادي واجتماعي مشوّه أنتج فسادا لم يشهده بلد على وجه الخليقة , فساد أطال حتى الهواء والماء والأرض قبل أن يطيل الإنسان , وطال جميع المؤسسات الرسمية منها وغير الرسمية , بل وتعدّاها إلى المؤسسات الدينية والقضائية .. وهذا مما زاد في تعّقد المشكلة واستحالة حلّها .. وقلنا إنّ الخلاص الحقيقي والجذري من هذا المأزق الذي وضعنا أنفسنا فيه بإرادتنا , يتحقق فقط من خلال تغيير النظام السياسي القائم وإعادة كتابة الدستور من جديد .. وقلنا أنّ مهمة تغيير النظام السياسي القائم وإعادة كتابة الدستور من جديد مهمة ليست سهلة ويسيرة , بل هي مهمة صعبة وعسيرة في ظل الظروف السياسية الراهنة التي يمرّ بها العراق والمنطقة بشكل عام .. وقلنا أنّ أهون الشرّين هو العمل بالممكن من خلال إصلاح ما يمكن إصلاحه .. أي بتغيير الحكومة القائمة .. حكومة الفتح وسائرون .. وهذا هو الشيء الوحيد الممكن في ظل هذه الظروف الحالية …
ويعتقد معظم المراقبين السياسيين والمتابعين للشأن السياسي العراقي , إنّ ما جاء في خطبة المرجعية العليا الأخيرة هو إعلان رسمي عن نفاذ صلاحية الدعم والغطاء لحكومة الفتح وسائرون .. والرسالة المباشرة التي وجهتها المرجعية العليا في خطبة الجمعة الماضية قد سبقتها رسائل غير مباشرة من خلال قنوات خاصة , هذه الرسائل تؤكد أنّ المرجعية العليا باتت في حكم المؤكد أنّ حكومة الفتح وسائرون عاجزة عن رفع معاناة الناس .. ولو كانت المرجعية العليا ترى بصيص أمل في رفع هذه المعاناة والحيف عن الناس , لما توّجت بسؤالها عن السقف الزمني لحل هذه المعاناة .. ومجموعة التساؤلات التي أثارتها المرجعية العليا تحتاج إلى إجابات صريحة وواضحة وصادقة .. وكما أثارت المرجعية العليا هذه التساؤلات , عليها أن تستمع للإجابات من أهل الاختصاص والخبرة أو كما يطلق عليهم بالمصطلح الفقهي أصحاب الحل والعقد .. وأهل الاختصاص والخبرة الذين نقصدهم هم أولئك الرجال الذين أثبتوا كفاءة ونزاهة وإخلاصا في عملهم الحكومي حين كانوا في مواقع المسؤولية .. أي أنّ المطلوب من المرجعية العليا فتح بابها للاستماع إلى آراء المخلصين من هذا البلد .. فليس من الحكمة وليس من المنطق بقاء الباب موصدا بوجه الجميع .. والذي يسأل عليه أن يستمع للجواب .. فهنالك الكثير من المخلصين من يملك رؤية صريحة وواضحة للإجابة عن كلّ هذه التساؤلات …