السيمر / فيينا / الخميس 20 . 02 . 2020
عباس البخاتي
عرفتك متفاعلاً مع كل حدث، لكنك لا تدلي بدلوك إلا بعد ان تسمع آراء من حولك او تقرأ ما كتبه ثلة ممن يشاركونك الهم، فليس كل حدث يستحق الكتابة.
بهذا كنتُ اشبهك من غير إتفاق، فللأحداث زاوية أخرى يجب النظر من خلالها.
وبهذا فندت مقولة “حشر مع الناس عيد “، كون من يعتمدها يعتاش على ما يقوله غيره ليجنب عقله عناء التفكير ويمنح ادراكه استراحة طويلة الأمد لا تنقضي الا بموته.
إنها سمة وجدت نفسي مجبولا عليها من غير تصنع ولا تكلف وكنتُ أحَسبُني وحيدا في حملها حتى شاءت الصدف لاجد من يشبهني في بعض ما فيَ، رغم الاختلافات الكثيرة بين ما تراه انت وما اريده انا، لكن اجمل ما وجدته فيك انك تبحث عن وطن ليس على طريقة هؤلاء، فانت سبقتهم بسنوات لكن ضحيجهم تغلب على هدؤك.
لم يكن جفاء مني ان أكتب عنك بعد مضي قرابة الاربعين يوما على رحيلك. لكنني فضلت الاكتفاء بمتابعة ما جادت به أقلام محبيك الذين اثكلهم فقدك، وحتى لا احسب من “ال يبجن عيارة” كوني لست من ندماءك ولا مستودع أسرارك.
ما اكتبه هو وفاء مني لروحك وطيبة نفسك التي وجدتها في بضع دقائق جمعتنا في دارك التي لا تملكها كونك نظيف اليد من السحت الحرام.
تلك الدقائق جعلتني أراك بعين اخرى كوني وجدتك ” مسلما ” وحينها تعززت قناعتي اكثر بأن الإسلام ليس حكرا على الإسلاميين.
اليك يامن لم تؤذ ” نملة” أكتب ونحن في عشية اربعينك، لاقول لك إن رحيلك اثكل ميسان تلك البقعة غير المحظوظة كونها سرعان ما تلفظ ابناءها البررة فاصبحت ثكلى كثكل امك التي لم تطق هول الصدمة فلا انساها وهي تخاطب المحيطين بجثمانك المسجى بمنتهى العفوية “خايبين هو مجيد شوكلها تحبه”.
فعلا كنت مجيدا كما قالت امك ولعل هذا الاسم لم يعتد زملاءك سماعه فهم عرفوك بأمجد فغاب عنهم انك تنشد التغيير نحو الافضل فبدأت بنفسك.
وانطلقت من اسمك الذي راق لك ان ينادوك بأمجد رغم انك كنت مجيدا.
ولأن الأمور بخواتيمها وليس لنا الا الخضوع لإرادة القدر فما علينا الا الرضوخ لما كتبه موظف الوفيات حين اصداره لشهادة وفاتك ولا اراه كتبها بإسم آخر سوى مجيد.
ونحن على أعتاب ذكرى يوم الشهيد العراقي وما يعنيه هذا اليوم لإبناء العراق، وجدت من المناسب تأبين الشهيد المغدور
“أمجد الدهامات” بتلك الكلمات وفاءً مني لروحه الطيبة التي مازالت تحلق في سماء مدينته التي جعل منها الفاسدون طعمة سائغة ليحرم أمجد وأمثاله من العيش فيها بأمان .
تحية لروح امجد وأرواح جميع الشهداء الذين قدموا أرواحهم قرابين ثمنا للحرية في بلد الشهادة والشهداء ونحن نتطلع الى يوم تنجلي فيه عتمة الظلام الذي ألفناه منذ طفولتنا وسمعنا من الآباء وهم يتبادلون أطراف الحديث بحكاية لا تعرف الأمل.