السيمر / الأحد 17 . 01 . 2016
عبد الجبار نوري
أستوطن الأيزيديون أرض سنجار شمال العراق قبل غيرهم من الأقوام والملل ، وهم يمارسون ديانتهم المكتسبة بالفطرة ، وهي ديانة مسالمة ذات يدٍ بيضاء لم تمتد بالسوء إلى الأقوام التي جاورتهم ، بل أوصلوا جسور المحبة والصداقة والتي تتطلبها مهنتهم الزراعية ، وحافظوا على هويتهم الدينية وممارسة طقوسها بأعتزاز وهو أمرٌ طبيعي في الحقوق والحريات ، وكان يوم الثالث من شهر آب اللهاب يوماً نحساً سوداوياً أجتاحت قريتهم الغافية على سفح جبل سنجار بوداعة وصمت موجات المغول والتتر بل الجراد الأسود وسونامي طوفان داعشي وبسويعات نفذ الأرهابيون نظرية الأرض المحروقة على هذه القرية الآمنة وأهلها وحولوها إلى ركام بعد قتل رجالها وسبي أكثر من أربعة آلاف أمرأة وطفل ، ومن ضمن هذه النسوة المخطوفات – المسبيات حسب الأعتقاد الداعشي للسلف المتطرف- الشابة ” ناديه مراد ” ذات 22 عاماً ، تمكنت من الهروب من القبضة الحديدية لداعش الأرهابي ، وأقسمت أن توصل معاناتها في أيام القهر والعبودية الجنسية والأذلال إلى مسامع العالم المتمدن ، وتفضح فتاوى الظلالة الوهابية المتشددة تحت الراية السوداء لهلوكوست أبادة البشرية والهوس الجنسي في أدبيات وهمية في أحياء نظام الخرافة .
ولكي تمثل صوت آلاف ضحايا ذلك التنظيم الوحشي الأرهابي في العراق ، وضعت قدمها في طريق آلاف الأميال بشجاعة نادرة ، وبأصرار تحارب هذا الفكر الضال بالفكر النيّر ، وواصلت مقابلة الرؤساء والزعماء ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات الديمقراطيىة والهيئات الدبلوماسية و(مايك) السلطة الرابعة الأعلام وبشخصنة قوية مليئة بالثقة وباللغة العربية السليمة وخلال نبرات عاطفية متزامنة بدموع ساخنة للتترجم معاناتها المؤلمة في فقدانها أعز ما تملك ألا وهو ( العفاف ) والتعذيب القسري في عبودية الأغتصاب الجنسي وأذلال الأسرالقسري تستحق أن يدق لها أجراص الكنائس القديمة ، والتوضؤ بدموعها الطفولية البريئة ، وأكبر فيها تلك القوّة الأقتحامية والشجاعة في الوقوف أمام الرؤساء والزعماء بهذه الثقة الفريدة وهي تتحدث عن نهش لحمها من قبل وحوش لا يعرفون للأنسان معنى ، ويبدو أن قرارها لم يزدها ألا أصراراً على مواصلة رحلة العذاب في قدرها أن تكون صوت سلام لفك سبي وأسر أكثر من 3400 أمراة وطفل لا يزالون في قبضة داعش ، وعملها الجاد في تخليص بني جنسها من التعنيف والعبودية والأحتقار فهي أذاً { قديسة }.
وأخيراً وليس آخراً أعتدنا على موت مثقفينا وشعرائنا وادبائنا ويدفنون في منافيهم نسيأ منسيا ، وكأنهم لم يكونوا يوماً من يحملون هوية العراق : ألم يكن ( الأولى ) من رئيس جمهوريتنا ورئيس وزرائنا ورئيس مجلس نوابنا أن يستقبلوا ” ناديه مراد ” بدلاً من رئيس عربى أكن له أعظم الأحترام والتقدير ، وتحصلون أنتم السبق الصحفي في ( جبر ) خواطر هذه الشابة المحطمة نفسيا وجسديا وشجب هذا الهولوكوست الداعشي على الطائفة الأيزيدية العراقية ، وتبرؤون ذمتكم من الشعب العراقي الذي عانى منكم الكثير .
وبالعكس مدّ لها العالم المتمدن يد المواساة ، وتفهموا وميزوا بين ناديه (الضحية) وداعش (الجلاد )
المجد كل المجد لك يا أبنة العراق المناضلة و العفيفة { ناديه مراد }