السيمر / الاحد 28 . 02 . 2016
عبدالرضا الساعدي
أخيرا اتفق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأمريكي باراك أوباما على بيان مشترك لوقف إطلاق النار في سوريا، باعتبار موسكو وواشنطن ضمن مجموعة الدعم لوقف العمليات القتالية في سوريا.
روسيا تقول أنها ‘‘ستقوم بالعمل اللازم مع السلطات الشرعية في دمشق. ونأمل أن يقوم الجانب الأمريكي بالمثل مع حلفائه والمجموعات التي يدعمها”. طبعا الرأي الروسي يؤكد أن “على جميع الأطراف المتحاربة في سوريا أن تؤكد استعدادها للالتزام بوقف العمليات العسكرية..أما فيما يتعلق بتنظيم “داعش” و”جبهة النصرة” وغيرها من التنظيمات المصنفة إرهابية من قبل مجلس الأمن الدولي، فأكد بوتين أن العمليات العسكرية ضدها ستستمر.
ويقول الرئيس بوتين بهذا الصدد “أنا مقتنع بأن عملنا المنسّق مع الجانب الأمريكي من الممكن أن يسهم في تغيير الأوضاع المتأزمة بصورة جذرية في سوريا.. ويجب أن نعمل من أجل تسهيل وصول المساعدات الإنسانية لجميع من يحتاجها من المواطنين السوريين، والأهم أن هناك إمكانية لإطلاق الحوار السوري السوري في جنيف تحت رعاية الأمم المتحدة”. مؤكدا أنه “باتت لدينا فرصة سانحة لوضع حد للعنف وإراقة الدماء في سوريا”.
وأضاف “هناك أمثلة كثيرة في التاريخ المعاصر على أن النشاط أحادي الجانب، من دون تفويض من الأمم المتحدة، وبهدف تحقيق المصالح السياسية الضيقة أو الآنية، يؤدي إلى نتائج مأساوية، وعلى سبيل المثال الصومال والعراق وليبيا واليمن. وعلى هذا الأساس، جاء الاتفاق الروسي الأمريكي حول وقف إطلاق النار في سوريا، وتطبيق هذا الاتفاق بالتعاون مع جميع دول مجموعة دعم سوريا، ليصبح مثالا على خطوات المجتمع الدولي الموجهة ضد الإرهاب والقائمة على معايير القانون الدولي ومبادئ الأمم المتحدة “.
الإعلان هذا _ بحسب المحللين والمختصين _ لم يبق حجة بيد أي من المعارضين للمشاركة في الحوار السياسي السوري ـ السوري تحت الرعاية الأممية في الوصول إلى صيغة لتشكيل حكومة وطنية. كما ‘‘إن اتفاق وقف إطلاق النار سيضع النقاط على الحروف في المشهدين السياسي والعسكري لمستقبل هذا البلد ولأوضاع المنطقة والعالم ربما ..
الاتفاق يأتي بعد انتصارات كبيرة وباهرة للجيش السوري في تحرير أراضيه من دنس الإرهابيين ، حقق خلالها إنجازات مادية ومعنوية في الميدان العسكري ، وسيحقق إنجازا على الصعيد السياسي والدبلوماسي من موقع القوة ، كما انه من الناحية العملية سيكشف المجموعات الإجرامية المتطرفة، التي تقتل السوريين من كل مكوّنات المجتمع تحت شعارات متعددة أو فقط بهدف السلب والنهب والعبث بأمن المواطن. لاسيما وأن «داعش» و «جبهة النصرة» لا يشملهم قرار مشروع وقف إطلاق النار.
وكذلك يعطي انطباعات واضحة للعالم أن سوريا صاحبة حق في قضيتها محاربة داعش والإرهاب ، كما أنها من موقع الصمود والنجاح العسكري مستعدة لمبادرات من هذا النوع لإيقاف نزيف الدم ووضع الخطوات الكفيلة بإعادة الأمن والإستقرار في المنطقة والعالم ، وهو ما ينعكس على الجوانب السياسية والاقتصادية والدبلوماسية في علاقاتها مع العالم العربي والخارجي ، وتأثير ذلك على إحلال الهدوء والسلام والاستقرار عموما.
المهم بالموضوع هو التساؤلات المشروعة من بينها (هل اتفاق وقف إطلاق النار قابل للتطبيق ومدى تأثيره ؟
الاتفاق هذا يؤكد ضرورة إيجاد حل سياسي للأزمة السورية يبدأ بوقف إطلاق النار وتقديم المساعدات الإنسانية إلى جميع المناطق المنكوبة. كما أنه يوقف الهوس والنوايا التآمرية من خلال كبح التوتر والتهديدات بالتدخل العسكري البري التركي ـ السعودي، حيث أعلنت تركيا على لسان رئيس وزرائها أحمد داود اوغلو عن عدم وجود نية لدى الدولتين بأي تدخل بري في سوريا.
انتصارات الجيش السوري مع نجاح روسيا في الاختبار الصعب والمهم في المحافظة على دعمها للسلطة الشرعية في دمشق وعدم تفريطها بالعلاقات السياسية والاقتصادية والتعاون العسكري مع دول الخليج وفي مقدمتها السعودية والإمارات وقطر.. ربما سيحقق دورا مهما في إعادة العلاقات بين الجمهورية العربية السورية ودول العالم.
(وما لفت نظر المراقبين السياسيين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أجرى اتصالاً هاتفياً قبل إعلانه عن الاتفاق الروسي ـ الأميركي لمشروع وقف إطلاق النار في سوريا مع الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني تناول معهما الوضع في سوريا ومشروع اتفاق وقف إطلاق النار، وضرورة وضع حد لمأساة الشعب السوري وحل الأزمة السورية.
ويرى أصحاب الرأي والمتابعين لهذا الشأن ‘‘ إن هذا الاتفاق الروسي الأميركي يعد الإنجاز الثاني الناجح بعد توقيع اتفاقية مينسك 2 حول تسوية الأزمة في أوكرانيا للتفاهم الروسي الأميركي وقدرته على حل النزاعات في العالم، ما يقرب عودة العلاقات الطبيعية بين الدولتين العظميين ضمن نظام عالمي متعدد الأقطاب تم وضع أساسه الاتفاق المذكور، الأمر الذي ينتظره العالم أجمعه.