السيمر / الثلاثاء 22 . 03 . 2016
عزيز الحافظ
يحتفل بعض العالم اليوم بعيد الأم .. ذاك الكائن الدافق نبضا متسارعا للمودة والحنان والحب وكل الصيغ العطوفية في كون قواعد لغتنا العربية…
ولكني هنا اعذر الام العراقية أنها ليست بهذا المدار الهندسي لعيد الام لسبب بسيط…
لان المقاسات الفيثاغورسية…. كلها من أسس وجذر تكعيبي وقسمة ولاضرب… وجمع ولاطرح….. كلها بعيدة عن مثالية الأم العراقية الاشهق والابهى من فيثاغورس كله!
الأم العراقية مقبرة للاحزان… منذ شظف العيش ومنذ كان رغيف الخبر الواحد يتداوله الاولاد وهي تنظر ببهجة لافواههم جذلى وتنام وهي طاوية خاوية ..
الام العراقية منذ ظهور حركات التحرر اليسارية في المجتمعات العربية والسياسة التي أبهرت الشباب وقتها وهي تفقد من أرضعتهم من در صدرها العظيم… لتلبس الاسود حتى تبدله بالابيض الكفني… حاملينها لقبرها بدون صرخة كتومة… كل صبرها لحظة بلحظة لذاك الذي لم تعلم حتى تراب قبره.. متمنية ان تزوره.. لتذرف على ذاك التراب المجهول…الدموع التي تذرفها كل يوم وتمسحها بفوطتها السوداء كل يوم حتى وهي تعّد الطعام للاحياء… فالام العراقية لاتنسى ابدا حزائنها واولادها وحتى غيابهم في سفر.. ايضا يجلب لقلبها كل أفلاك الحزن الشمسية..والدمع للاسف يلازمها ولاينساها واعظم خصومها الكونية هو الفرح والسرور…
ثم توالت الثورات في العراق بغض النظر عن المسميات الثورية رجعية- تقدمية… وايضا كواكب من الشباب ذهبوا للابد…وانعكس ذاك على شهوق دموعها وفتات قلبها المتشظي في الصدور التي تحمل طبع اصابعها من الالم… فقد تعودت الام العراقية لطم الصدور عند كل نشيج حزائني… متلازمان لايفترقان كف اليد وصدرها الروؤم….
وفي كل ثورة تحصد الابناء ينعكس ذاك الحصاد القاسي على الام العراقية دمعا منهمرا وسهر لليالي لاينتهي حتى تفارق الحياة… فلم ار اما بهذا الشموخ… تضحك كالجراح وتبتسم كالصبر الكتوم… الا الام العراقية…
ثم تزداد وتيرة الفجائع بالحرب مع ايران … ملايين القصص كلها تستحق أن نشير لها منها من فقدت وليدها الوحيد ومنها من لم تجد ابنها لحد الآن فكيف تتنفس أوكسجينا لاتشاركها العين به مكتحل برؤية من غذت وربت وهدهدت وسهرت وإذا به سراب أبدي وغياب سرمدي….
عانت الام العراقية مالم تعانيه ؟آخرى…. مع جلّ إحترامي لكل نساء الكون ولكن مرضعات العراق تعلمت حتى الايادي التي هدهدت وليداتهن .. أن تبكي بنغمة الغراق…مع الجفون الذابلات…
الام العراقية معجونة بالحزن وتلال الصبر من الفقر ومن البعاد ومن الانتظار فكم لوعة لوقسناها باي جهاز طبي تحملن؟ والله حتى القياس الطني قليل بحقهن؟؟؟؟
اي ام تنام والدمع يلازمهن 30 سنة؟ حتى الميكانيكية في الحياة وقفت لهم اجلالا واحتراما فقد تحطم غينيس عند ما شهقن شهوقا وشهقا على الفقد الذي هو ذاكرتهن..
أقول احيي الام العراقية؟ ليست اصابعي مؤهلة أبدا لتلك التحية بل خلايا الجسد خلية خلية…تقف إجلالا للوهب الانساني الذي لازم معاناتهن وخفايا دمعهن وحنانهن وعطفهن ورأفتهن وصبرهن فوالله لوتحدثت القبور لكانت تبكي مع الاجساد النسائية التي حوتهن…لانهم تركن الحياة ودمعة الاحزان في كل مقلة….
اما اليوم فاي ام عراقية تحتفل واولادها يهبون الروح والرحيق فداءا للوطن .. كل لحظة تنتظر طرق الباب….والمشهد .. لايحتاج لسيناريو ومشهد مسرحي…
لاأريد تعكير عيد الام اليوم… فالام العراقية ليست ضمن امهات الاعياد… الام العراقية تعانقت مع الموت وهي حية وحملت اسلحة الصبر الام العراقية جبل من النهوض أشهق من إهداء وردة… ومع الاسف لايوجد من يمسح دمعها ابدا… لان اليد الرؤوم التي تمسح الدمع هي يدها فقط…
فلها الحياة ولنا فقط… الكلمات لاغير