السيمر / الخميس 09 . 06 . 2016
محمد الحنفي
إلى:
ــ الرفاق في الشمال الشرقي للمغرب المنظمين لمخيم تافوغالت في صيف 2011.
ــ أعضاء المخيم من شبيبة حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي.
ــ الشباب المغربي والعربي المتنور.
ــ كل اليساريين الذين يسعون باستمرار إلى تغيير الواقع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي.
ــ كل الديمقراطيين الساعين إلى تحقيق الديمقراطية من الشعب وإلى الشعب.
ــ من أجل العمل على جعل الديمقراطية مطلبا شعبيا.
ــ من أجل مواجهة الأصولية كمصدر لأدلجة الدين بصفة عامة وكمنطلق لأدلجة الدين الإسلامي بصفة خاصة.
ــ في أفق مجتمع ديمقراطي تصير فيه المعتقدات اختيارا للإنسان وشأنا فرديا وتصير فيه الأصولية في ذمة التاريخ.
ــ من أجل صيرورة الواقع مجالا لتكريس التحرير والديمقراطية والاشتراكية.
أية ديمقراطية نريد؟:….2
وما قلناه عن رفض الطبقة الحاكمة، ومن يدور في فلكها، الالتزام بالعمل بالديمقراطية الليبرالية، نقوله، كذلك، في رفض هذه الطبقة الحاكمة، الالتزام بالأخذ بالديمقراطية الاشتراكية، بل إن هذه الطبقة، وكل من يدور في فلكها، وجميع عملائها، يعلنون العداء المطلق للاشتراكية، والاشتراكيين، وللديمقراطية الاشتراكية، التي لا تعني، في عمقها، إلا الأخذ بالمضامين الاقتصادية، والاجتماعية،، التي لا تعني إلا التوزيع العادل للثروة، ووضع حد للاستبداد الاقتصادي، الذي تمارسه الطبقة الحاكمة، ومن يدور في فلكها، مما يترتب عنه حرمان الشعب المغربي، وطليعته الطبقة العاملة، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، من خيرات الشعب، التي ينتجونها، وبمضامينها الاجتماعية، التي لا تعني إلا تقديم جميع الخدمات الاجتماعية بالمجان، إلى جميع أفراد المجتمع، على أساس المساواة فيما بينهم، كما هو الشأن بالنسبة للتعليم، والصحة، والسكن، والشغل، والترفيه، وغيرها من الخدمات الاجتماعية الأخرى، التي تشعر جميع أفراد المجتمع، بإنسانيتهم التي لا حدود لها، وبمضامينها الثقافية، التي لا تعني إلا تمكين جميع المكونات الثقافية، من التفاعل مع الواقع، لضمان تطورها، وتطور الواقع، في نفس الوقت، ولضمان استمرارها في الوجود، بالإضافة إلى ضمان التفاعل، فيما بين مختلف المكونات الثقافية، من أجل إنتاج القيم الثقافية المحققة لوحدة المجتمع، وتحقيق كرامة الإنسان المغربي، ووحدة أهداف التحرر، والديمقراطية، والاشتراكية، وبمضامينها السياسية، التي تقتضي أن تصير جميع المؤسسات القائمة في المجتمع المغربي، منفرزة عن إجراء انتخابات حرة، ونزيهة، انطلاقا من دستور ديمقراطي شعبي، وتحت إشراف هيأة مستقلة، تحرص على احترام إرادة الشعب المغربي، وصولا إلى اختيار الحكام، الذين يلتزمون بتفعيل احترام مضامين الديمقراطية الاشتراكية، التي تقوم في ظل الدولة الاشتراكية، ذات الطبيعة العلمانية، التي تعمل على تحييد الدين، وعلى إبعاده عن السياسة، وحتى يتفرغ أفراد المجتمع، إلى تدبير أمرهم بأنفسهم، وفي إطار المساواة فيما بينهم، في الحقوق، وفي الواجبات.
ومعلوم أن الطبقة الحاكمة، ومن يدور في فلكها، ودولتها الرأسمالية التبعية، لا بد أن ترفض الديمقراطية الاشتراكية، ولا بد أن تكيل لها العداء المطلق، لأنها:
1) ترفض التوزيع العادل للثروة، التي ينتجها العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، والتي يحرمون منها، لتتكدس بين أيدي الطبقة الحاكمة، المتكونة بالأساس، من التحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، والمدعومة من قبل باقي المستغلين، وسائر المستفيدين من الاستغلال المادي، والمعنوي، ومن قبل كل عملائها، الذين يتمتعون بمختلف الامتيازات، التي تمكنهم من الاستفادة من اقتصاد الريع المخزني، الذي يقتطع من ثروة الشعب، التي يحرم منها.
2) ترفض الالتزام بتقديم الخدمات الاجتماعية، كالتعليم، والصحة، والسكن، وغيرها، بالمجان، إلى جميع أفراد المجتمع، مهما كان جنسهم، أو لونهم، أو معتقدهم، أو لغتهم، أو انتماؤهم العرقي. فكل شيء بالنسبة للطبقة الحاكمة، صار بمقابل، سواء تمت خوصصة القطاعات الخدماتية، أو لم تتم؛ لأن هدفها من الحكم، ومن استعبادها، واستبدادها، واستغلالها لمجموع كادحي الشعب المغربي، هو الاستبداد بثروات الشعب المغربي، بعد السيطرة عليها، وتسخيرها في نشر كل أشكال الفساد السياسي، بهدف السيطرة على المؤسسات المختلفة، بما فيها المؤسسات المسماة منتخبة: الجماعية، والتشريعية، التي تسخر لخدمة مصالح الطبقة الحاكمة، ومن يسبح في فلكها.
3) ترفض أن تتفاعل مختلف الثقافات فيما بينها، وتسعى، باستمرار، إلى تسييد ثقافتها، موظفة من أجل ذلك، كل الإمكانيات المادية، والمعنوية للدولة المغربية، بالإضافة إلى إمكانياتها الخاصة، من أجل محاصرة، وقمع الثقافات النقيضة للثقافة السائدة، حتى لا تقوم ببث القيم الثقافية، التي تقف وراء انتشار أشكال الوعي المتقدم، والمتطور، الذي قد يتحول إلى وعي طبقي، نقيض للوعي الزائف، الذي تبثه الثقافة السائدة، المدعومة ماديا، ومعنويا، من قبل أجهزة الدولة المغربية، باعتبارها دولة طبقية، ومن قبل الطبقة الحاكمة، وكل من يدور في فلكها.
4) ترفض أن تأخذ السياسة مجراها الحقيقي، انطلاقا من دستور ديمقراطي شعبي، ومن قوانين انتخابية قامعة لكل أشكال التزوير، التي عودتنا على القيام بها، الطبقة الحاكمة، عن طريق أجهزة دولتها الطبقية، وإجراء انتخابات حرة، ونزيهة، تحت إشراف جهات محايدة، يتم التوافق عليها، من أجل إيجاد مؤسسات تمثيلية حقيقية، من الشعب، وإلى الشعب؛ لأن سياسة من هذا النوع، قد تفرز مؤسسات منتخبة، مخلصة للشعب المغربي، وحريصة على خدمة مصالح كادحيه، وهو ما لا ترغب فيه الطبقة الحاكمة، لكونه يتناقض مع مصالحها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، مما يجعلها تلجأ إلى اعتماد سياسية قائمة على الاختيارات، اللا ديمقراطية، واللا شعبية، التي تدفع في اتجاه تزوير إرادة الشعب المغربي، لإيجاد مؤسسات مزورة، لا تخدم إلا مصالح الطبقة الحاكمة، وباقي المستغلين، وسائر المستفيدين من الاستغلال.
ولذلك، فرفض الديمقراطية الاشتراكية من قبل الطبقة الحاكمة، نابع من طبيعتها، ومن عدائها للاشتراكية، وللديمقراطية الاشتراكية، التي تعتبر، وحدها، التعبير الفعلي عن الديمقراطية، بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، مما يجعلها، في العمق، رافضة للديمقراطية، مقابل حرصها على الأخذ بديمقراطية الواجهة، لتضليل الشعب المغربي، وللكذب على الرأي العام الوطني، والدولي، الذي يصير متوهما، بأن الطبقة الحاكمة في المغرب، تحترم الديمقراطية دون ذكر طبيعتها.
هل هي ديمقراطية الواجهة؟
وهل هي الديمقراطية الليبرالية؟
وهل هي الديمقراطية الاشتراكية؟
خاصة، وأنه قد آن الأوان، لأن تتحدد مواصفات الديمقراطية، التي يجب احترامها من قبل الجميع، وعلى المستوى الدولي.
وبعد وقوفنا على أنواع الديمقراطية، وعلى التزام الطبقة الحاكمة، ومن يدور في فلكها، بديمقراطية الواجهة، وعلى رفضها للديمقراطية الليبرالية، وللديمقراطية الاشتراكية، نعيد طرح السؤال من جديد:
ما هي الديمقراطية التي نريد؟
إننا في ظل دولة رأسمالية تابعة، يسود فيها الملك، ويحكم، باعتباره جزءا لا يتجزأ من الطبقة الحاكمة، المستبدة بالاقتصاد، وبالاجتماع، وبالثقافة، وبالسياسة، ونظرا للتحولات التي يعرفها العالم، بما في ذلك الشرق، والغرب، على حد سواء، ونظرا للاهتزازات العميقة، التي عرفتها البلاد العربية، في إطار ما صار يعرف ب (الربيع العربي)، حسب البعض، أو (الحراك الشعبي)، حسب البعض الآخر، مما حمل قوى أصولية، ذات طابع إرهابي، إلى سدة السلطة، لتبرهن أنها أكثر رجعية، وأكثر تخلفا، وأكثر استبدادا، من الأنظمة الفاسدة، التي تم إسقاطها، كما حصل في تونس، وفي مصر قبل 30 يونيو 2013 وفي ليبيا.
فهذه القوى الأصولية، كسابقاتها، تحالفت مع الرجعية العربية، المتمثلة في دول الخليج العربي، ومع الصهيونية، المتمثلة في دولة إسرائيل، ومع أمريكا، ضد شعوب البلاد العربية، التواقة إلى الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، والكرامة الإنسانية. وهؤلاء الأصوليين، الذين تربعوا على سدة السلطة، في العديد من البلاد العربية، صاروا يعتبرون ما وصلوا إليه، بإرادة الله، الذي صاروا يحكمون باسمه، كما صاروا يعملون على استئصال كل مظاهر التقدم الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي. وهو ما يعني: الإقبال على الدخول في عصر الظلمات، الذي لا ندري متى تغادره البشرية، خاصة، وأن هؤلاء الأصوليين، الذين استغلوا الديمقراطية، كما يستغلون الدين الإسلامي، من أجل الوصول إلى السلطة، يعتبرون أكثر عداوة للديمقراطية، التي يعتبرونها منتوجا غريبا، يقود إلى الكفر، والإلحاد، والمقتنعون بالديمقراطية، حسب زعمهم، هم مجرد كفار ملحدين.