السبت 15 . 10 . 2016
مفيد الجزائري
حين انتهيت من قراءة ما نشره المهندس الاستشاري عبد الصاحب الناصر يوم 4 تشرين الاول الجاري في موقع “السيمر” الالكتروني تحت عنوان “ياطريق الشعب، الحشد الشعبي ليسوا اعداءكم” شعرت بالذهول ازاء هذه القدرة العجيبة على افتعال شيء من لا شيء بعد تشويهه، وتحويله في الحال الى “قضية”، بل واطلاق الاتهام في هذه الـ “قضية” وحتى ادانة “المتهم” في اللحظة ذاتها!
ما حدث هو ان “طريق الشعب” حملت في عددها الصادر يوم الخميس 29 ايلول المنقضي مقالا افتتاحيا عنوانه “معركة الموصل ومستلزمات الانتصار”، واستهلته بالآتي : “تحرز قواتنا المسلحة والقوى والتشكيلات الداعمة لها من المتطوعين والبيشمركة وابناء العشائر والتحالف الدولي (خط التأكيد من عندي – الكاتب) انتصارات جديدة على داعش كل يوم، وتضيّق المساحة التي يسيطر عليها التنظيم الارهابي … الخ” .
هذا الاستهلال ازعج الاخ الناصر: كيف نذكر كل القوات المشاركة في هذه الحملة الوطنية الباسلة ولا نشير الى “اسم الحشد الشعبي”؟ فـ “الحشد الشعبي ليسوا اعداء لكم، وكان على الاقل ان تضعوهم بمستوى البيشمركة لتكونوا منصفين ومساوين في دعوتكم للاستعداد لمعركة الموصل ..”.
من الواضح ان الاخ الناصر لا يتابع جريدتنا وما تنشر من مقالات وتصريحات واحاديث وتقارير حول الاوضاع في البلد وتطوراتها، وبضمنها ما يتعلق بالحرب على داعش والارهاب عموما.. وانه انطلق في ادعاءاته من مقال وحيد، وحكم بناء عليه.
فلو كان يتابعها جيدا للاحظ اننا نستخدم في ما ننشره اسم “الحشد الشعبي” احيانا، وتعبير “المتطوعين في الحشد الشعبي” احيانا اخرى، و”المتطوعين” فقط في احيان ثالثة. ذلك ان منتسبي الحشد الشعبي هم بالفعل متطوعون، استجابوا غداة الغزو الداعشي في 2014 لدعوة المرجعية الدينية الى “الجهاد الكفائي” ضد ذلك الغزو، وحملوا السلاح منخرطين في تشكيلات المتطوعين لخوض الكفاح وصد عدوان داعش ودحره.
ورغم استخدامنا احيانا عبارة “الحشد الشعبي” فاننا نرى ان كلمة “المتطوعين” ادق تعبيرا، لانها تشمل منتسبي التشكيلات المنضوية تحت لواء مؤسسة الحشد، كما تشمل منتسبي التشكيلات التي بقيت خارجه، مثل “سرايا السلام”.
ولعل هذا بالضبط هو ما جعل المرجعية الدينية، ممثلة بخطيبي الجمعة في الصحن الحسيني السيدين عبد المهدي الكربلائي واحمد الصافي، تطلق تعبير “المتطوعين” على تلك التشكيلات المقاتلة جميعا.
ويحق لي هنا ان اتساءل: هل لم يلاحظ الاخ الناصر ذلك، ام انه يتجاهل اصلا خطب المرجعية الاسبوعية على لساني السيدين الكربلائي والصافي، مثلما يستنكف عن متابعة ما تقوله “طريق الشعب” وتنشره؟ واذا كان من الحريصين على سماع اقوال المرجعية، فلا بد انه يعرف موقفها في هذا الشأن، المعلن مرات ومرات. فلماذا إذن يتجاوزها وخطيبيها ولا يصب جام غضبه غير المشروع الا على “طريق الشعب” ورئيس تحريرها؟ هل لأننا “حايط نصيّص” حسب التعبير الدارج؟
والمعيب ايضا ان يعمد الاخ الناصر، وهو ينقل في مقاله بعض استهلال افتتاحيتنا التي يهاجمها ويهاجمنا بذريعتها، الى تشويه ما ينقل. فهو يغير المعنى منذ السطر الاول حين يحذف حرف (الواو) بين كلمتي “المتطوعين” و”البيشمركة”، فيضيّع كلمة “المتطوعين” الواردة بمعنى الحشد الشعبي وغيره من المستجيبين لنداء المرجعية ، ويشوه الامر كله بايراد التعبير الملتبس “المتطوعين البيشمركة”!
لكن المعيب اكثر ان يخوض الاخ الناصر في موضوع “الاستحياء” وينزل الى مستوى الطعن في حيائنا، لمجرد اننا ذكرنا في مستهل افتتاحيتنا التحالف الدولي ضمن التشكيلات التي تدعم قواتنا المسلحة. ولا وقت اضيعه بالطبع في الرد على هذه وغيرها من الترهات التي يحفل بها مقاله، وبضمنها الكلام المتهافت المكرور المشوّه لحقيقة علاقة الحزب الشيوعي العراقي مع حركة التحرر القومي للشعب الكردي وقياداتها.
لكن ما لا يمكن ولا يصح السكوت عنه، هو المسعى الخبيث الذي يطبع المقال من عنوانه حتى آخر كلمة فيه، والرامي الى استعداء الاخوة في الحشد الشعبي ضد “طريق الشعب” والحزب الشيوعي، وتحريضهم عليهما.
صحيح ان هؤلاء الاخوة ليسوا بحاجة الى من يبصّرهم بهويات اعدائهم واصدقائهم، لكن عدم تأشير هذا الجهد الشرير من طرف اخينا الناصر ومن يقفون وراءه ووراء المقال، ليس ممكنا في اي حال.
ختاما .. اعود الى ما قاله الاخ الناصر في حقنا ظلما وهو ينهي مقالته، واقتبسه حرفيا لأرجعه اليه:
“قليلا من الانصاف والشجاعة في قول الحقيقة” يا اخانا عبد الصاحب الناصر. “نعرف عن السقوط حين يتهاوى ، لكننا لا نعرف كيف ان هذا السقوط يتسارع وبهذه السهولة؟”.
بغداد في 10/10/2016