السيمر / الأربعاء 16 . 11 . 2016
زيد شحاثة
يحتاج الإنسان, في مرحلة ما من حياته, أن يراجع ما مر به, ويعيد رسم طريقه في الحياة, تصويبا وتقويما, للمرحلة السابقة, وما فيها من نتائج, بناء على ما أتخذه من قرارات.
يغفل الغالبية عن هذه المراجعة, رغم أهميتها, للحماية من الإيغال في الخطأ, لانشغاله بدوامة الحياة ومسؤولياتها, أو لتمتعه بما لديه من خيرات, أو لأسباب تتعلق بالوعي الذاتي للشخص.
تحصل تلك المراجعة أحيانا, نتيجة لصدمة وظرف, او مشكلة وحدث كبير, يتعرض له الإنسان.. لكن أهم ما نحصل عليه, من تلك المراجعة, هو بداية جديدة.. تتيح لنا الإنتفاع والتمتع بما بقي من أعمارنا, في تحقيق أهدافنا الحقيقية, التي أوجدنا الخالق لأجلها في الحياة.
قد يوفق بعضنا, فينال فرصة المراجعة, والأخر لا يوفق لتقصيره, فتمر عليه الفرصة وتفوته, وهو غافل عنها.. إلا نحن العراقيون, ففرصتنا مستمرة سنويا, هل تعرفون ذلك؟!
من وفق للوقوف والإطلاع, على زيارة أربعينية الأمام الحسين, عليه وأله أفضل الصلوات, ولو من باب المشاهدة والإطلاع, للاحظ تغيرا كبيرا, في المزاج العام, وتحسنا في التعامل, وظهور أغلب الصفات الحميدة التي يفترض بالإنسان حملها, وتنحي الصفات السيئة, وربما إختفاءها, ويستمر هذا الأثر, لما بعد إنتهاء مراسيم الزيارة, ولو لمدة معنية.. فهل هذا ناتج من الزيارة فقط؟, وان تلك الطباع الحميدة, ظاهرية فقط؟ أم أنها موجودة وتحتاج لمن يظهرها وينميها؟
صعب ان يتصرف إنسان, بعكس طباعه الحقيقية, وإن نجح في ذلك, فلفترة قصيرة جدا, وبعدها تنكشف شخصيته الحقيقية.. وهذا يعني من دون شك, أن كثيرا ممن يخدم ويشارك, في التظاهرة الحسينية خلال الأربعينية, يملك في مكامن نفسه, بذور الخير, والصفات الحميدة, وهو يحتاج إلى فرصة, وعوامل مساعدة ليظهرها فقط.
كثير ممن يتهم, الحوزة الدينية, والمؤسسات المهتمة بالشأن المجتمعي, بالتقصير في إصلاح المجتمع, وهو إتهام غير موضوعي, لأن موضوع إصلاح مجتمع, ليس مسؤولية جهة بعينها, وإنما هو مسؤولية تضامنية, ولكل دور فيها, واهمها دور الفرد نفسه.. فلا يمكن إصلاح, من لا يريد إصلاح نفسه.
دورنا نحن العراقيون, يختلف عن بقية الأمم والقوميات, المشاركة في الزيارة, لأننا أكثر تماسا وإنغماسا بالحدث, بل المسؤولون عنه, حتى ما بعد نهايته.. هذه المسؤولية, التي تنوء بها حكومة دولة لجسامتها, ينفذها أفراد بجهدهم الذاتي, وبشكل منظم دون اتفاق, ومرتب دون تخطيط, وتغطية دون تمويل مركزي, هي فرصة.. فرصة حقيقية لنا, لنراجع أنفسنا, ونقوم حياتنا.
زيارة الأربعين, فرصة حقيقية, متكررة سنويا, لنعرف أين نحن الأن, وإلى أين نتجه بحياتنا القادمة.