السيمر / الأربعاء 07 . 06 . 2017
سولاقا بولص يوسف
شعب كردستان المظلوم غبن حقه في تقرير مصيره بالرغم من اقرار هذا الحق قبل حوالي قرن من الزمان في معاهدة سيفو وتنكر معاهدة سايكس بيكو لهذا الحق بعد الحرب العالمية بتقسيم كردستان بين اربعة دول مجاورة هي تركيا وايران والعراق وسوريا مما اشعل الثورات الكردية والكردستانية لعقود قدم خلالها الشعوب الكردستانية مءات الالاف من القرابين وخاصة شعب كردستان العراق زمن نظام البعث الذي كان اكثر دموية وابادة حتى للمسالمين من الشعب الكردستاني .وبعد سقوط نظام البعث ضلت مخلفاته وتركته الثقيلة وثقافته وتربيته الخاطئة المنحرفة باقية في نفوس العراقيين جميعا الا ما ندر منها الشوفينية وازمة الثقة خاصة بين العرب والاكراد وخاصة وان الطرفين مقصرين في معالجة التركة هذه واعادة اللحمة مما تفاقمت الازمات بين المركز والاقليم الى حد المطالبة بالانفصال بدلا من راب الصدع وايجاد الحلول لمصلحة الشعبين بسبب استمرار طغيان المصالح الشخصية والفئوية على مصلحة عموم الشعب. حق تقرير المصير للشعوب مكفول في الدساتير والقوانين الدولية بما فيه الاستقلال وخاصة لشعب مثل شعب كردستان المتكون من حوالي اربعين مليون نسمة على ارض مشتركة وبحدود مصطنعة وخاصة قلما يوجد شعب ضحى في سبيل قضيته كشعب كردستان طيلة قرن من الزمان. ولكن هل الظروف الذاتية والموضوعية مواتية لاعلان الاستقلال الان؟ القائد الحقيقي ان كان في السلطة او خارجها من قادة الاحزاب والمنظمات والنخب الواعية والمثقفة ومن طليعة المجتمع عليه الا يكون ذيليا للجماهير ولا منعزلا عنها بل يقرا الواقع جيدا ويرسم لها الطريق الصحيح للوصول لاهدافها بعقلانية وحنكة سياسية انطلاقا من مصلحة الشعب العليا وليس من مصلحة شخصية او فئوية ولكن مع الاسف ان كل القادة في العراق الا ما ندر هم ذيليين لقواعدهم ومعزولين عنها في نفس الوقت بحيث كل همهم وغمهم هو كيف يدغدغون مشاعر المواطنين ويرضون نزواتهم وارائهم مهما كانت غير واقعية او مغلوطة او في غير صالحهم فالمهم كسب اكبر عدد منهم للانتخابات خاصة في الوقت الذي هم معزولين عن هذه الجماهير في ابراجهم العاجية وعيشهم الرغيد وحفلاتهم وسفراتهم لا يتخلون عن امتيازاتهم وتضخم ثرواتهم على حساب الشعب في احلك الضروف ولا ينزلوا لمستوى شعبهم ومواطنيهم للاطلاع على معاناتهم ومشاكلهم لتوجيههم وايجاد الحلول الافضل التي تخدم مصالحهم.
العلة الرئيسية هي في ثقافة الفساد الطاغية في المجتمع الموروثة من نظام البعث (كما تكونوا يولى عليكم) فالشعب يخلق القادة .فهنا نذكر قول الشاعر (انما الامم الاخلاق ما بقيت فان هموا ذهبت اخلاقهم ذهبوا).الشعب العراقي المغلوب على امره منذ مئات السنين تحت نير السلطان العثماني بل منذ 1الاف السنين من الحكم الجائر وخاصة العقود الاخيرة من حكم البعث تلقى تربية ليست خاطئة فقط وانما منحرفة خربت نفوس العراقيين اكثر فاكثر. داب حكم البعث منذ البداية على عسكرة المجتمع وتكريس ثروة البلد لخدمة الحزب القائد وراس النظام لشراء الذمم في الداخل والخارج وتربية الجيل الحالي منذ الطفولة على حب (القائد الضرورة)اكثر من محبة الائمة والامبياء وعلى ان يتقمصوا شخصيته المنحرفة ويتمثلوا بها وبشعاراتها المافيوية (فاز بالملذات من كان جسورا) (القوي دائما الحق معه وان كان على باطل)ولكل من يحب صدام(غفور رحيم ولغيره شديد العقاب).ومصلحة الحزب القائد والقائد الضرورة فوق النظام والقانون وتكريس ثروة البلد ووزاراته لخدمة ديوان الرئاسة والفتات للشعب لعقود ادى الى ترسخ الانطباع لدى المواطنين بان جميع ممتلكات الدولة ليست ملك الشعب المقهور البائس والمقموع بل ملك الطاغية صدام وعائلته لذا هب الجميع لنهب ممتلكات الدولة حال سقوط النظام في سنة 2003 وسنة 1991 بعد انتفاضة ايلول في كردستان حال سحب النظام لاداراته من كردستان ولم تتمكن الادارات الجديدة من ضبط الاموروخاصة وانها غير متهيئة لهكذا اجواء من الفلتان الامني الذي طغى في البلد خاصة بعد حل الجيش والقوى الامنية من قبل الامريكان ان كان في بغداد او في كردستان فالجميع وقع في فخ النهب والسلب الذي كرس الفساد المؤسس له من قبل حكم البعث الى ان استفحل .وحتى المسؤولين ان كانوا عراقيين او امريكان وقعوا في فخ الفساد فقاموا بالمنافسة فيما بينهم على نهب ممتلكات راس النظام واعوانه وممتلكات الدولة قاطبة حالهم حال اي مواطن عادي. فاستمرت المنافسة هذه على نهب ثروة البلد من قبل المسؤولين لاشخاصهم واحزابهم لحد الان وكان البلد خيمة تحترق والشاطر ينقذ ما يتقذ لنفسه وحزبه قبل غيره. واي شعب من الشعوب لو مر بهكذا ظروف لكان حاله نفس حال شعب العراق الا مثلا الشعب الياباني الكافرالذي ربى جيله الحالي منذ الطفولة على القيم الاخلاقية والانسانية والوطنية والتازر بحيث عندما وقعت( السونامي) وتهدمت البنايات وتبعثرت الممتلكات والغالي والنفيس قام المواطنين بحراستها والمحافظة عليها وباسعاف المحتاجين. والان بعد ان وصل البلد لحافة الهاوية على جميع المسؤولين اعادة النظر بانفسهم وبكل الامور خاصة بالبداية الخاطئة منذ سقوط نظام البعث وتصحيحها. وكل ما جرى يتحمله الجميع وخاصة الامريكان وعدم تحميل الاشخاص تبعة ما جرى ويجري من فساد وانما الكل في الهوى سوى والعلة في نظام اللا دولة المبني على الفساد منذ البداية ولنقل الانسان ليس ملاك بل يضعف امام المغريات وخاصة اذا كان اكثرية الشعب افسدته تربية وثقافة البعث الذي شرعن للفساد لعقود فيتقبل الفساد بكل اشكاله ولو ليس هناك تبرير لمن ضحى بالغالي والنفيس ولم يركع لنظام البعث ليركع للفساد. لذا علينا الا نلتهي بانفسنا فيقول الفاسد للفاسد انت فاسد وان لم يكن فاسدا فيفسد كل من يتولى المسؤولية في هكذا اجواء بل نتصالح ونتسامح مع انفسنا ومع الشعب ككل وليس محاولة تدوير المسؤولين لانفسهم بحجة المصالحة السياسية والتسوية الوطنية اوالتسوية السياسية وحكومة الاغلبية والنظام الرئاسي والاقاليم والاستفتاء على الاستقلال وغيرها مما يتمخض عن عصر ادمغة المسؤولين الفاشلين لاعادة توزيع الادوار فيما بينهم لاجل الاستمرار في الحكم وعدم المسائلة عن فشلهم وفسادهم السابق.فاي من هذه البرامج لن ينجح بوجود الفساد . لذا نحتاج الى اصدار قانون العفو العام عن الفاسدين بعد استرداد اموالهم الحرام .وتنظيم الية لاسترداد الاموال المنهوبة بدون خلق ازمات جديدة ليطمئن الجميع ونبدا بصفحة جديدة من بناء دولة مؤسسات المواطنة وسيادة القانون قوية وحصر السلاح بيد الدولة ليكون البلد بمركز ثقل واحد . بذلك لا نحتاج لادارة كل منطقة من قبل اهاليها لو كانت الحكومة المركزية او حكومة كردستان قوية ديمقراطية عادلة بدون فساد. فالنعمل جميعا لاجل حكومة مركزية قوية وحكومة كردستان قوية فعندها تحل جميع المشاكل والازمات بسهولة. كان لكردستان فرصة ذهبية لتاسيس حكومة ديمقراطية حقيقية بروحية المواطنة وبمؤسسات لا يشوبها الفساد تحكم بالعدالة والمساوات وبعدم تسلط احزاب السلطة عندها تكون مدعومة ومسنودة من قبل شعبها والاستناد الى الشعب ما بعده سند .لا يوجد عائلة في كردستان لم تضحي في سبيل القضية الكردية والكردستانية تحت نفس القيادة التي تحكم الان اليس من المفروض ان يكون لها شعبية لا تقل عن 95 %؟ وان يتمنى التركمان واليزيدية والسورايي :(كلدان سريان اشوريين)* وغيرهم من الانظمام اليها والاعتزاز بها . عندها لن تتمكن لا تركيا ولا ايران او غيرهما من الاعتداء عليها وياتيها الدعم من جميع دول العالم اكثر بكثير مما هو عليه ومن دون اية ازمة مع المركز وسهولة حلها ان وجدت. عشت في كركوك زمن الثورة الكردية وكنا نجمع الارزاق ونرسلها الى الثوار وكان لي الكثير من الاصدقاء التركمان الذين كانوا يقولون بانهم اكراد في الاصل وتحولوا الى التركمان زمن الاحتلال العثماني وان اكثرية نفوس كركوك كانو من الاكراد ويشهد بذلك احصاء 1957 . والتركمان عانوا من نظام البعث كما الاكراد وغيرهم فلا يعقل ان يتحالف التركمان مثلا مع العرب وليس مع الكرد في كركوك واين العلة في عدم تمكن حكومة كردستان من كسبهم؟ لذا على حكومة كردستان ان تراجع نفسها وتجري اصلاحات حقيقية للقضاء على الفساد وبناء مؤسسات ديمقراطية وعدالة اجتماعية وتنمية اقتصادية واسترداد الاموال المنهوبة وعدم السماح لرجال المؤسسات ان يكونوا رجال اعمال في نفس الوقت. وترميم البيت الداخلي وتقوية الجبهة الداخلية وحل مشكلة المناطق المتنازع عليها والتنسيق مع اكراد الدول المجاورة وتقوية العلاقة معها قبل اجراء اي استفتاء للاستقلال.والشعب الكردستاني يستحق ادارات تليق بتضحياته الجسام وتتمثل بالبرزاني الخالد. وخاصة لا داعي لصرف اموال للاستفتاء الذي نتيجته معروفة لان الشعب الكردستاني تواق لدولته الديمقراطية المستقلة لكنها ليست من اولوياته الان قبل ان يطمئن على وضعه المعاشي والاداري والامني لان الفدرالية او ربما الكونفدرالية كافية للقيام بكل متطلبات الشعب ولخدمته كما يجب. والاستقلال ليس بهذه الدرجة من الالحاح والعجلة وخاصة بوجود ازمة ثقة بين المركز والاقليم لان المركز لا بد ان يكون العمق والحليف للدولة الكردستانية لتداخل مصالح الشعبين لقرون.و باعتبار لا يمكن الاطمئنان لاي من دول الجوارالاخرى المعادية للاكراد. ماذا لو قطع الاتراك مرور نفط كردستان من خلال تركيا مثلا وهو العصب الحيوي الرئيسي لكردستان وخاصة ليس لنا ميناء يربطنا بالعالم مثلا.