السيمر / السبت 04 . 11 . 2017
عبد الجبار نوري *
في جلسة يوم الثلاثاء 31 – 10-2017 جرى التصويت المبدئي على مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 88/1959 بالبديل ” مشروع قانون الأحوال الشخصية الجعفري ” وأرسل إلى مجلس شورى الدولة ثم يرسل إلى مجلس الوزراء لأقراره ، وكان تحدياً للرأي العام الشعبي العراقي الرافض لهذا المشروع القابل للجدل وكذلك أعتُبر أهانة للحراك الجماهيري الرافض لمثل هذه المشاريع المأزومة ، كقانون الأحوال الشخصية الجديد والذي بمثابتة رصاصة رحمة إلى ماتبقى للحياة المدنية ، والعودة للطائفية بجريمة مشرعنة ، والظاهر هناك وراء أثارة هذا المشروع الطائفي ثانية الذي رُفض في الطرح السابق جملة وتفصيلاً والأنتخابات قريبة فالجهات الراعية للمشروع الجديد أعتبروها مادة أجتماعية ذات طابع ديني تطرح في الأعلانات الأنتخابية بديماغوجية دعائية سمجة بغية تحويل مسار توجهات الناخبين ، وبالمناسبة قد كتبتُ في هذا الموضوع مقالة موسومة ( المرأة في أسر العبودية المعاصرة ) بتأريخ 8-3-2015 لأهمية هذا الحدث الجلل في حياة المجتمع العراقي .
من عيوب القانون الجديد وتداعياته: أنهُ يمنح رجال الدين في الأوقاف الدينية سلطة مطلقة في التحكم بتزويج الفتيات القاصرات بعمر 9-13 وربما سيتجاوز الأمر وفق هذا التكييف القانوني تزويج فتيات بعمر 7سنوات ، حيث ينص القانون في المادة 16 سن البلوغ 9 سنوات هلالية للبنت و15 سنة هلالية للولد ( حسب الظرف المناخي المداري للعراق ) ، ويجبر القانون الزوجة على السكن مع أهل زوجها وهي نكسة لمكتسبات المرأة العراقية التي حصلت عليها قبل نصف قرن بفاتورات سجن وأعتقال وفصل من الوظيفة ، فالقانون( نكسة للمرأة العراقية ) لأرجاعها لعصر الجواري والجاهلية وحريم السلطان ، ولكل فرد يرجع إلى دينه أو مذهبه في تطبيق الأحوال المدنية ، وربما تطالب المذاهب الأخرى بقانون أحوال يمثلهم ، لذا رأت منظمة هيومن رايتس أن القانون يغذي الطائفية ، فالقانون وتكريساً لها ، وعند التطبيق يتجاوز السلطة القضائية وهي أضعاف للفصل بين السلطات ، وهو أهانة لملف حقوق النسان المنصوص في المواثيق الأممية ، ويتعارض مع مباديء الديمقراطية في خرق الدستور في مادته 2 أولاً ( ج) التي تنص على أنهُ لا يجوز سن قانون يتعارض مع الحقوق والحريات الأساسية الواردة في الدستور العراقي ، ويشكل مخالفة صريحة لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1325 المتعلق بتعديل التشريعات التميزية ضد المرأة والذي يؤكد على المساواة بين الجنسين ، ثم لم يلتفت إلى مكونات الشعب العراقي ليس فقط من نواحي الطائفة بل هناك ديانات وطوائف أخرى ، وبالتالي فهو مسعى آخر لتكريس الأنقسام الأجتماعي في العراق وتعزيز الطائفية و( شرعنتها ) بالقانون ، وهو أنتهاك خطير لحقوق الأنسان وحقوق المرأة بالذات ، والكارثة الكبرى القانون الجديد ألتزم ( الصمت ) المطبق أزاء جرائم الشرف وختان البنات وتأجير الأرحام للحصول على الأم البديل .
وهي محاولة للألتفاف على قانون رقم 88/ 59 الذي كان عاملا مساعدا على التقارب بين الطوائف المذهبية وجسور تفاهم بين فقهاء تلك المذاهب ، والذي يعتبر أهم أنجازات ثورة تموز 1958 على الصعيد الأجتماعي والذي يعتبر من أكثر القوانين عدالة ورقياً وتمدناً في المنطقة ، لكون جميع فقراته جاءت مطابقة في المشتركات الفقهية المتفق عليها بينهم ، فكان القانون المذكور حقاً ضد التحكم الذكوري ، وفك عزلة المرأة وكسر قيودها ومحو ما أدينت بها من تعسف وظلم ( قبرك دارك — واجباتك مربية مرضعة خادمة توفري الحق الشرعي للرجل في المتعة الجنسية ) ، وجمع القانون 88/59 أهم الأحكام الشرعية المتفق عليها في الزواج والطلاق والأرث والتبني ، فأعطى الحق لكلا الزوجين في طلب التفريق عند أستحالة العيش معاً .
أخيرا / — فيا للعار ماذا جاء به العهد الديمقراطي في العراق الجديد في عهد الأسلمة السياسية ؟؟؟ وليعلم الجميع أن مجتمعاتنا بحاجة إلى ثورة سوسيولوجية جمعية لأزاحة الرواسب القبلية ومحو الذكورية السائدة واللحاق بالأمم المتقدمة في عالم العصرنة الحداثوية المتسارع ، وتقع مسؤولية التصدي لمثل هذه القمبلة الصوتية العدوانية البغيضة على عاتق الشيوعيين والديمقراطيين ومنظمات حقوق الأنسان والمجتمع المدني في تثقيف وتنوير المجتمع العراقي بسلبيات وتداعيات هذا القانون المجحف والمستلب لشرائح المجتمع العراقي بالخصوص حقوق المرأة في العراق .
* كاتب عراقي مقيم في السويد