الرئيسية / تقارير صحفية وسياسية / «نيويوركر»: خطة بن سلمان – كوشنر لتغيير الشرق الأوسط… ودور بن زايد في الترويج لولي العهد وشكوى بن نايف للملك سلمان / هل صفع السعوديون سعد الحريري؟ وكيف فشلت خطة الإطاحة به

«نيويوركر»: خطة بن سلمان – كوشنر لتغيير الشرق الأوسط… ودور بن زايد في الترويج لولي العهد وشكوى بن نايف للملك سلمان / هل صفع السعوديون سعد الحريري؟ وكيف فشلت خطة الإطاحة به

السيمر / الخميس 05 . 04 . 2018 — في دراسة مطولة نشرها موقع «نيويوركر» وأعدها ديكستر فيلكنز بدأها بحديث عن جارد كوشنر، صهر ومستشار الرئيس الأمريكي الذي قال إنه جلس بعد أيام من حفل تنصيب دونالد ترامب للبحث في كيفية إعادة تشكيل الشرق الأوسط، خاصة أن ترامب وعد أثناء الحملة الانتخابية بتغيير واسع للمنطقة. ويقول إن ستيفن بانون، أحد كبار مسؤولي إدارة ترامب أخبره: «خطتنا هي إبادة حقيقية لتنظيم «الدولة» في العراق وسوريا- ليس استنزافها، إبادة ووقف التقدم الفارسي وإجبار دول الخليج على وقف دعم الراديكالية الإسلامية». واعترف بانون بأنه متفق مع كوشنر في مبادرة الشرق الأوسط رغم خلافاتهما في عدد من القضايا. ويتحدث فيلنكز عن تكليف كوشنر، الذي لا خبرة له إلا بالعقارات وإدارة صحيفة شعبية «نيويورك أوبزيرفر» بملف الشرق الأوسط، حيث تعلم كما واحد عمل معه من التجربة وبسرعة، «فهو ليس خبيراً في هذا الأمر ولكنه تعلم من أصحاب القرار في ذلك الجزء من العالم، فقد تقرأ عدداً من الكتب وهذا ليس مثل التعلم من الحديث مع كيسنجر وبترايوس».

خريطة
وفي قاعة المؤتمرات في البيت الأبيض جلس كوشنر مع مساعدين في مجلس الأمن القومي «أخرجنا خريطة لتقييم الوضع» حسب مسؤول دفاعي سابق. وبالنظر إلى الخريطة توصلوا إلى أن جزءاً كبيراً من الشرق الأوسط الحديث يقع تحت سيطرة إيران من لبنان والعراق وسوريا. «وضعنا هذا جانباً» «وقلنا، ماذا بعد، عمادنا هي إسرائيل والسعودية ولن ننجح في الخليج بدون السعودية». وعنى هذا التخلي عن مدخل باراك أوباما الذي ابتعد عن السعودية بسبب نظامها القمعي ومعاملتها المرأة وقرر التقارب من إيران. وقال لجيفري غولدبيرغ عام 2016 من «أتلانتك» إن هناك ضرورة لأن توجد إيران ودول الخليج طريقة للتشارك في المنطقة و«التعايش في إطار سلام بارد». وقال المسؤول الدفاعي السابق إن ترامب وكوشنر لم يؤمنا بهذا بل قالا: «أي شيء يمكننا عمله لتقوية العلاقة مع السعودية سنقوم بعمله» حتى لو اقتضى بناء تحالف جديد مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الشاب الطامح المؤثر والذي كان وليا لولي العهد ولديه خطة لتغيير البلد وتبني سياسة خارجية حازمة حيث وصف الملالي في إيران بأنهم مثل النازيين. والسؤال الذي طرحه المحللون في تلك الفترة إن كان بن سلمان إصلاحياً حقيقياً أم أنه يستخدم لغة الإصلاح لتقوية مكانته.

صداقة
ووجد كوشنر في بن سلمان صديقاً حيث تحادثا على الهاتف وعبرالبريد الإلكتروني. وكما قال مسؤول أمريكي سابق «ينظران للعالم بالطريقة نفسها ويعرفان طريقها في عالم التكنولوجيا والمال». وقام كوشنر بزيارة للرياض وكانت واحدة من ثلاث زيارات حيث قضيا ساعات طويلة في النقاش.
وكان بن سلمان يخوض معركة على السلطة التي خشي المسؤولون الأمريكيون أن تزعزع استقرار المنطقة، إلا أن بانون أخبر الكاتب بأن كوشنر وبن سلمان أرادا من ترامب إيصال رسالة لقادة المنطقة مفادها أن الوضع القائم يجب تغييره. وقال بانون: «قلنا لهما، وقال لهما ترامب:« سندعمكما ولكن نريد تحركاً، تحركا». وكان ولي ولي العهد الأكثر رغبة في الاستماع للرسالة. وقال المسؤول الدفاعي السابق: «كان التفكير يقوم على البحث عن عامل تغيير». و«هنا جاء محمد بن سلمان حيث قررنا تبنيه كعامل تغيير». إلا ان مستقبل بن سلمان ومنذ طفولته «الخاصة» كما يقول محبوب محمد الباكستاني الذي عمل لدى العائلة لم يكن واضحاً بسبب طريقة الحكم التي نشأت بعد وفاة مؤسس المملكة عبد العزيز بن سعود 1953 حيث تداول الابناء السلطة. وفي عام 2015 توفي ابنه الملك عبدالله حيث تولى السلطة الأمير سلمان الذي أدار منطقة الرياض أكثر من 40 عاماً. وخلال هذه الفترة لعب سلمان دور المشرف على العائلة وكما يقول المؤرخ رشيد الخالدي، من جامعة كولومبيا: «كان المشرف على العائلة وعمل على ضبط كل فرد فيها وكان لديه ملف عن كل واحد منها». وبعد أقل عام من السلطة قام بعزل شقيقه ولي العهد الأمير مقرن وتعيين ابن أخيه الأمير محمد بن نايف، الذي أدار الداخلية والأمن منذ 15 عاماً ثم عين بعده ابنه الأمير محمد ولياً للعهد. ومع أن عزل ولي العهد كان خطوة غير مسبوقة إلا أن اختيار بن نايف كان موفقاً نظرا لدوره في مكافحة القاعدة وعلاقاته التي بناها مع المسؤولين الأمريكيين، وكما قال مسؤول بارز في مكافحة الإرهاب عمل مع إدارة أوباما: «كان الشخص الذي يقصد في مكافحة الإرهاب». وكان سلمان ذكيًا في اختياره بن نايف لأنه أقل تهديداً للآخرين من العائلة نظراً لأن عائلته تتكون من ابنتين فقط. ويعلق الكاتب أن اختيار محمد بن سلمان كان يحمل معه مخاطر جديدة. فهو شاب ولكنه ابن الملك المفضل. وينقل الكاتب سفير الولايات المتحدة في الرياض، جوزيف ويستفال (2013- 2107) كيف كان الملك سلمان يقدم ابنه ويسجل ملاحظات في كل مرة. وقال الملك سلمان إن ابنه حضر كل الاجتماعات المهمة. ويعلق السفير السابق: «عرفت أن هذا الرجل لن يكون مجرد مستشار صامت للملك». ويضيف أن بن سلمان لم يكن يتردد في التسليم على النساء والنظر إليهن وكيف أنه كان مرتاحاً مع العادات الغربية بخلاف أنه لم يتعلم في الجامعات الغربية مثل إخوته الذين حصل أحدهم على شهادة دكتوراه من جامعة أوكسفورد.

«أبو رصاصة»
ويقول الكاتب إن محمد بن سلمان استخدم وضعه لإثراء نفسه. وحسب أشخاص يعرفونه قام بزيارة عدد من رجال الأعمال وطلب منهم وضع أموال في استثمار خاص به. « فقد كان ابن سلمان» حسب أحد أصدقائه «ولا يستطيع أحد رد طلبه». وحسب قصة يتم تداولها في الرياض فقد طلب بن سلمان من سلطة الأراضي مساعدته في تملك عقار. وعندما رفض المسؤول عن الملف تلقى مغلفاً وفيه رصاصة. وصار بن سلمان يعرف بـ «أبو رصاصة». ويقول صديق للأمير أن القصة صحيحة مع أن السفارة السعودية في واشنطن رفضت التأكيد على صحتها. ويشير الكاتب إلى أن بن سلمان عين في مراكز أخرى منحته قوة وسيطرة على اقتصاد وأمن البلاد وملفات خارجية. ولكن البلد الذي يصدر النفط فقط ويستورد كل شيء من الطعام للماء الصحي اعتمد على فكرة أن سعر النفط سيظل على ما هو إلا أن الضغوط الإقتصادية أصبحت ملحة وستكون أسوأ في المقبل من الأيام. ومن هنا جاءت رؤية 2030 التي تطمح لنقل السعودية من عصر النفط وتم تصميمها بمعونة شركة العلاقات العامة والإستشارات الأمريكية ماكينزي أند كو. وسافر بن سلمان إلى الصين وروسيا وأمريكا مروجا للخطة. ويلاحظ الكاتب أن سلطات بن سلمان الواسعة منحته الفرصة للتعبير عن طموحاته اللامسؤولة. مشيراً إلى أنه كتب أثناء زيارة أوباما الأخيرة للسعودية في نيسان (إبريل) 2016 الإجابات لوالده على «آي باد». وفي لقاء آخر قال أوباما للملك إنه لا يستطيع الدفاع عن السعودية في أمريكا بسبب سجنها لمدن وإعدامها رجل دين شيعياً حيث نهض بن سلمان فجأة وقال موجهاً كلامه للرئيس الأمريكي: «أنت لا تفهم نظامنا القضائي. ويمكننا تزويدك بشرح». وعندما عين الملك سلمان الأمير بن نايف وليا للعهد لم يكن ينوي جعله ملكاً بل مسؤولاً عن تصريف الأعمال حتى يصبح ابنه ملكًا. وقال محلل سعودي: «اعتقد أنه كان ينتظر اللحظة المناسبة حتى يكون محمد بن سلمان جاهزاً» خاصة أن بن نايف كان يحظى بشعبية داخل العائلة. وعمل الرجلان في العلن بشكل جيد إلا أن التوتر كان يغلي تحت السطح حيث سمحت سلطات بن سلمان له لأن يخفف من سلطات ابن عمه، مثل إلغاء مجلس المستشارين الذين كانوا يتعاملون مع بن نايف مباشرة. وحسب مسؤول أمريكي: «كان بن سلمان وبشكل عملي يوقع أوامر باسم الملك».

الإطاحة بمرسي
ويقول الكاتب إن جهود تقوية قاعدة بن سلمان لقيت دعما من الخارج، من ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد والحاكم الفعلي للإمارات والذي يعتبر من الموالين للأمريكيين في المنطقة واشترى أسلحة أمريكية بمليارات الدولارات. ومنذ البداية عارض بن زايد تعيين بن نايف وليًا للعهد بسبب خلاف قديم بينهما. ففي برقية سربها موقع «ويكيليكس» تعود إلى عام 2003 شبه فيها بن زايد الأمير نايف، والد محمد بالقرد قائلاً إنه دليل على «صحة نظرية داروين». وقال المسؤول الأمريكي: «بعد هذا لم تكن هناك إمكانية لعلاقة بين بن زايد وبن نايف». وفوق كل هذا وجد بن زايد في بن سلمان شخصية شابة نشطة حيث جمعهما معاً الخوف من الربيع العربي ومخاطر تنظيم الدولة ودعم كلاهما جماعات وكيلة لهما في كل من سوريا والعراق إلا أن التدخل الأكبر كان في مصر حيث دعما إطاحة نظام محمد مرسي عام 2012 واعتبرا وصول الإخوان المسلمين للسلطة كابوسا. ونقل عن مسؤول أمريكي قوله: «عندما انتخب مرسي زاد السعوديون والإماراتيون من سرعة المحرك» وبدأ الأمير بندر بن سلطان، مسؤول المخابرات السعودية بالعمل مع الآخرين في حكوماتهم للتخلص من مرسي. واتصل محمد بن زايد بوزير الدفاع عبد الفتاح السيسي ووعده بعشرين مليار دولار حالة أطاح بمرسي. وبدأوا بدعم حركة «تمرد»، وحسب الكاتب استخدم بن سلطان والسيسي محمد دحلان، عضو حركة فتح لنقل الأموال والرسائل للمتعاونين في الجيش المصري. وقال الدبلوماسي السابق أن الدعم الخارجي كان مهماً لنجاح الإنقلاب «بالنسبة للسيسي كان في حاجة لوعد بأنه سينجح لو تحرك». وفي تموز (يوليو) أطاح الجيش بمرسي وبدأ حملة قمع ضد مؤيدي الإخوان وحسب الدبلوماسي ريتشارد كلارك، المستشار في شؤون مكافحة الإرهاب في عهد أوباما: «كان أمراً فظيعاً، فظيعا» و»ما فعله السعوديون والإماراتيون لا يمكن نسيانه».

حملة ترويج
ومع توسع تأثير بن سلمان توطدت العلاقة بينه وبن زايد حيث صارا يتحدثان عبر الهاتف بشكل يومي، وأصبح بن سلمان يطلق على الإخوان «قوى الشر» فيما اعتبر بن زايد العدو الأكبر لبلده. وبعد تولي بن سلمان وزارة الدفاع زاد التوتر مع إدارة أوباما حول اليمن. ففي آذار (مارس) 2015 أعلم المسؤولون الإماراتيون والسعوديون أنهم يحضرون لعملية عسكرية ضد الحوثيين في اليمن. وحسب مسؤول سابق في وزارة الخارجية «أخبرنا محمد بن سلمان أنه يريد دعمنا ولكنه قرر الذهاب على أي حال. ورفضت الإدارة الدعم في البداية إلا أن توني بلينكين، نائب وزير الخارجية سافر إلى الرياض للقاء ببن سلمان «وأخبرني أن هدفه هو محو التأثير الإيراني في اليمن» وهو ما فاجأه لأن سحق المتعاطفين مع إيران يعني حمام دم «قلت له يمكنك عمل الكثير من الأمور للتقليل أو تخفيف التأثير الإيراني، لكن سحقهم؟».
ومع زيادة تأثير بن سلمان بسبب الحرب بدأ بالدفع في اتجاه التخلص من محمد بن نايف. ففي صيف 2015 أرسل عادل الجبير، وزير الخارجية إلى نانتكيت حيث كان وزير الخارجية جون كيري يقضي عطلته الصيفية. وكان الجبير يريد معرفة رد فعل كيري حالة قيام بن سلمان بإزاحة ابن عمه عن ولاية العرش. وحسب مسؤول سابق «كان بن سلمان يحاول اللعب مع كيري» و «كان يريدنا أن نكون معه». وقال كيري إن الإدارة لن تقف مع طرف. وفي الوقت نفسه كان بن نايف يحاول الوصول إلى جون برينان، مدير سي آي إيه للحصول على دعمه. وخشيت إدارة أوباما من ان يتحول الصراع على العرش لمعركة دموية. وفي واشنطن قام بن زايد بحملة لوضع بن سلمان في ولاية العرش. ويقول بن رودس، نائب مديرة الأمن القومي في عهد أوباما أن السعوديين والإماراتيين «كانت لديهم عملية علاقات عامة كفوءة جدًا» وكانوا مسؤولين عن تشويه سمعة أوباما كشخص ضعيف في الشرق الأوسط. وقام سفير الإمارات يوسف العتيبة بتقديم بن سلمان لمسؤولين سابقين مثل ديفيد بترايوس، مدير سي آي إيه السابق وتوم دولينون، مستشار الأمن القومي السابق في عهد اوباما. ووصف العتيبة بن سلمان بأنه «سيحكم السعودية لنصف قرن». وأسهم العتيبة في تنظيم كتابة عدد من مقالات الرأي المؤيدة لابن سلمان. وتعاون مع فرانسيس تاونسند، مستشارة جورج دبليو بوش لمكافحة الإرهاب. وكانت جهود العتيبة جزءا من حملة علاقات عامة استأجرت فيها الإمارات شركات أخرى نيابة عن بن سلمان. وقال المسؤول الأمريكي صاحب العلاقات بالمنطقة: «دفعت أبو ظبي لكل شركات العلاقات العامة التي روجت لبن سلمان في أمريكا». وشعر محمد بن نايف بالقلق لما رآه تدخلاً خارجياً وكتب رسالة للملك سلمان اطلع عليها الكاتب. وورد فيها: «نواجه مؤامرة كبرى». و»تم الكشف عن مؤامرة إماراتية لمفاقمة الإنقسام داخل العائلة المالكة» وأضاف أن «بن زايد يقوم حالياً باستخدام علاقاته القوية مع الرئيس الأمريكي لتحقيق أهدافه».
ويقول الكاتب إن العرض المسرحي لنقل السلطة أخفى وراءه ما جرى لبن نايف عندما استدعي قبل ليلة من الإعلان (21 حزيران (يونيو) 2017) لمقابلة الملك ومصادرة هاتفه والطلب منه التنحي عن الولاية. وعندما رفض ظل واقفًا لساعات بشكل عاد إليه ألم مزمن بسبب محاولة اغتياله عام 2009. وهدده الحرس بالإعلان انه مدمن على المخدرات وهو ما ينفيه مسؤول امريكي. وفي الفجر وافق على التخلي حيث وضع تحت الإقامة الجبرية وعبد الطريق أمام بن سلمان للعرش. وشهدت الأشهر التي تبعت الإطاحة بإبن نايف سلسلة من الإجراءات التي شملت اعتقال من يراه بن سلمان تهديداً له. فيما حظيت «إصلاحاته» بتطبيل غربي وعلى رأسهم توماس فريدمان، من نيويورك تايمز.

تغير سياسة ترامب
ويعتقد الكاتب أن زيارة بن زايد غير المعلنة لنيويورك واجتماعه بكوشنر ومايكل فلين في برج ترامب حيث كان بن زايد يرتدي حذاء رياضياً وبنطال جينز وكان حراسه مسلحين، كانت وراء اهتمام كوشنر بالتعاون مع السعودية. وكانت العجلة وراء تنظيم زيارة ترامب للسعودية: لتهديد إيران وإعادة وضعية أمريكا في العالم الإسلامي والتعبير عن الموقف من بن سلمان، رغم معارضة كل المؤسسة الأمريكية من الخارجية والدفاع والمالية خشية المحاباة في مسألة الحكم في السعودية. واستقبل السعوديون ترامب كملك حيث أنفقوا 68 مليون دولار. وفي القمة وعد السعوديون والقطريون وغيرهم بمكافحة التطرف ووافق السعوديون على تعاون في مكافحة الإرهاب. ومع أن الصفقات التي أعلن عنها غير ملزمة إلا أن بانون أصر على تغيير السياسة الأمريكية تجاه السعودية. وأثبتت الأحداث المتلاحقة أن الطرفين قاما بعدد من القرارات منها نقل السفارة وإطاحة بن سلمان ببن نايف والمواجهة مع قطر والتي بدأت بعملية قرصنة على وكالة الأنباء القطرية في 23 أيار (مايو) 2017 ويقول الكاتب إن الولايات المتحدة لديها علاقة مضطربة مع قطر وهي التي طلبت من الدوحة استقبال خالد مشعل، مسؤول المكتب السياسي عندما قرر مغادرة سوريا عام 2012. وتستقبل أيضاً بعثة لطالبان حيث يمكن للدبلوماسيين الأمريكيين التحاور معها. وتستقبل قطر أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط، ومول القطريون بناءها ولا يزالون يدفعون معظم تكاليف إدارتها. وقال وزير الخارجية القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني «قمنا بكل هذه الأشياء بناء على طلب الأمريكيين او بالتنسيق معهم». ويقول مسؤول في الخارجية إن ريكس تيلرسون وزير الخارجية السابق «غضب جداً» و «لم يصدق قيام السعوديين وغيرهم بأمر كهذا»، وحاول جيمس ماتيس، وزير الدفاع التدخل لرفع الحصار عن قطر حيث قال لمحمد بن سلمان «الوقت ليس وقت حرب».

محاولة دبرت في ليل لإزاحة الأمير
وعبر الأمريكيون عن خشيتهم من تطور الوضع حيث أرسلوا طائرات بدون طيار لمراقبة الحدود. وتوصل المسؤولون الأمريكيون بعد المطالب التي تقدمت بها دول الحصار أن بن زايد وبن سلمان يخططان للإطاحة بحكومة قطر. وأخبر دبلوماسي أمريكي سابق الكاتب «كانوا واضحين ان هدفهما هو استبدال الأمير» و «أعتقد انهما كانا يخططان للغزو». وعلق قائلاً: «لو نظرت إليها من الناحية المالية فالغزو له أسبابه». وأرسلت حكومة تركيا تعزيزات عسكرية. ويرى الكاتب أن الخطة صودق عليها وراء الأبواب المغلقة في قمة الرياض. ويقول مسؤول أمريكي بارز أنه تلقى مكالمة في منتصف الليل من العتيبة يخبره أن أمراً ما يحدث «وغضبت» و»حاولت إقناعه بالعدول». وعندما قال المسؤول إن الخارجية لم تصدر أي موقف، قال العتيبة إنه اخبر البيت الأبيض.
وقال مسؤول سابق في الإستخبارات الأمريكية إن السعوديين والإماراتيين لم يكونوا ليتحركوا بدون إشارة من أمريكا «أعتقد أنهم فهموا أن البيت الأبيض أعطاهم الضوء الأخضر». ولم يكن الدبلوماسيون الأمريكيون يعرفون ما يجري بين البيت الأبيض وملكيات الخليج، فبعد عام من وصوله للحكم لم يعين ترامب سفيراً للسعودية. وبعد أشهر قال بانون في خطاب «لا اعتقد بوجود مصادفة بحصول الحصار على قطر بعد اسبوعين من القمة» في الرياض. ويشير الكاتب لاعتقاد القطريين بمصادقة كوشنر على الحصار لرفضهم عروض عائلته الاستثمار في مبنى عقاري بنيويورك والحملة التي شنتها شركة «أس سي أل» المرتبطة بكامبريدج انالتيكا والمرتبطة ببانون ضد قطر. وفي النهاية توصلت المخابرات الأمريكية إلى أن القطريين كانوا يقولون الحقيقة وأن ما نسب للأمير كان مفبركاً.

«الحريري… صفع في الرياض بدون توقف»
يكشف فينلكنز أن بن سلمان حصل في قمة الرياض على الضوء الأخصر لإزاحة سعد الحريري عن السلطة وفكر بشقيقه بهاء. وكان السعوديون الذين يواجهون صواريخ الحوثيين يأملون بقيام الحريري بوقف سيطرة حزب الله على مؤسسات الدولة. إلا أن زيارة علي ولايتي وصورته مع الحريري أغضبت بن سلمان «وشعر أن عليه فعل شيء» حسب مسؤول. ومن هنا تمت دعوة الحريري إلى الرياض وبدلاً من استقبال حافل واجهه الأمن السعودي واحتجزه لإحدى عشرة ساعة، وحسب مسؤولين أمريكيين «وضعه السعوديون على كرسي وبدأوا بصفعه بدون توقف» (وهو ما ينفيه المتحدث باسم الحريري). وعندما تدخل المسؤولون الغربيون ومنهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي قابل بن سلمان، وهدد هذا بقطع العلاقات التجارية إن لم توقف تعاونها مع إيران، فرد ماكرون بهدوء إن بلاده تتعاون بناء على التجارة الحرة مع أي طرف تريد. وهو ما أدى لتراجع بن سلمان. وفشلت خطة الإطاحة بالحريري بعدما توحد اللبنانيون وراءه بشكل أجبر ولي العهد السعودي على الإفراج عنه.

القدس العربي

اترك تعليقاً