السيمر / الاحد 29 . 07 . 2018
مصطفى منيغ / المغرب
لم يعد للصمت عشاق ، فزمن مصارحة الشعب بالحق دق، لتتعالى فوق ألأجساد أعناق ، لن يخشى أصحابها بعد الآن تهديد الغرق ،إن تَرَفَّعوا مبتعدين عن تصفيق النفاق ،وتحولوا لتطبيق الوعي مواقف تَحذِفُ ذُلَّ ما سبق.
… طبعاً الخطاب المُرتقب سيدر الرماد علي رؤوس لم يعي الملك جيداً أن أصحابها يتقنون المعاملة وفق الظرف المُعاش أما ضمائرهم مَلَّت الانحناء لمخلفات السراب والشرب من سائل مخدر وعت بمفعوله العقول وقد رأت بعد 19 سنة أن التلاحم مع الشعب هو الأصل وما عدا ذلك يدخل في ماضى كان بلا مستقبل على نفس نهج ما مَرَّ سيكون بما سيُطيَّق .
… لم يصبر شعب على فساد حكامه كما صبر الشعب المغربي رغم حقه المسلوب، ولم تصمت أمة أهان مَن اختبأ وراء إمارة المؤمنين الإسلام كما صمتت في هذا الحيز الترابي المنكوب ، ولم تتعنَّت بالقهر والجور والتبذير وسوء التدبير والنهب والتسيب “قلة” في دولة بشطرها التنفيذي المدني في الألفية الثالثة كما هو حاصل الآن في هذا البلد الذي على ضَيْعَةِ مخلوق واحد محسوب ، ترى ما الباقي أن يقذف بمن خلقتهم أمهاتهم أحراراً لأنياب مجموعة كل شيء قبيح لها منسوب ؟؟؟، مدفوعة ممَّن لا يعترف بأية قوانين ولا يحترم أي دين المهم والأهم وأهم الأهم عنده ملأ جيوب .
…أحفاد قارون القرن الواحد والعشرين إن لم يعيدوا للمغاربة أرزاقهم ويتصالحون في توبة بينة مع عقيدتهم ويتحملون المسؤولية بجدية يلمسها الواقع أنها بإتباع ما يسمو بهذا الوطن لما يستحقه من اكتفاء ذاتي في كل المجالات وفق المطلوب ، فلينتظروا ما سيصدره الشعب في حقهم من قرار ستعتبره الإنسانية جمعاء بالصائب . إنه لقول متبوع بفعل جماعي سيُترجم بعون الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم ذو الجلال والإكرام وليس باللعب ، وَعَهْدٌ بدموع أرامل و يتامى حرب الصحراء، وعرق عبيد استخراج الفسفاط وحرمان مشردي مُلاَّكِ ذهب “طاطا” وأشلاء مناجم “جرادة” وآلام آلاف الضائعين غرقى قوارب الموت مكتوب.
…فإن كان الخطاب جامعا للحطب المُخصَّص لتدفئة “حراك” الحسيمة فليعلم قارؤه أن المغرب شمالا وجنوبا شرقا وغربا بما يسود فيه من عربدة الفاسدين المسكوت على جرائمهم قد احترق ولا زال دخان أبعاده لعواصم دول “الفيتو” يجوب ، إذ نعلم أن النظام المغربي إن اشتد غضب الشعب سكن للترقيع ناشدا التهدئة بعدها مع نفس سياسة التهميش والإقصاء يذوب ، فالأحسن أن يضع الخطاب “الحسيمة” ومِن حَوْلِها “الريف” بكل مدنه وقراه نموذج عودة ملك لإصلاح حقيقي يمهد به أنه لا زال قادراً على تغيير ما يطالب الشعب بتغييره وفي المقدمة الحكومة الحالية التي انتهى عمرها الافتراضي سياسيا لتطوى صفحة التآمر على هذا الشعب المنصور بالله الذي أظهر بالمقاطعة الناجحة أنه سيد نفسه متى أراد بأنجع أسلوب ، وليس بالماء على الرمال مسكوب .
في سياق المجهود المنتسب كالعادة للملك (في مجال السياسات الخارجية) تأتي القارة الإفريقية (في ذات الخطاب) محطة توقف لينطقَ بجمل مختارة (على قلتها) بدهاء في التستر لينسلخ الموضوع ويظل الشكل يتراقص مع خيال المستمعين ربحا للوقت والهاءً للعامة ببيانات لا مجال لها لترقيع الجلباب بأكثر من خيط حتى لا تفقد كلية ميزة الإرتداء ، خاصة بهذه المناسبة التي قد يسترجع فيها نظام الحكم مكانته الأصلية ، أو يدشِّن توجهه للهاوية، مادام الأمر وصلت حقائقه ليس افريقيا وحسب بل شملت الجهات الأربع من حيث المنفعة المحددة في توسيع توزيع مواد قابلة للتداول المصرفي ، في شكل تعزيز إقامة شبكة بنكية تتنافس على جلب واستثمار ودائع مالية هامة افريقية محلية، تصبح عنق زجاجة للهيمنة على اقتصاديات بعض دول القارة المعنية ، بكيفية تقنية تساعد على تواجد مستمر كفاعل تنموي مَظْهَرِياً ، يقتنص فوائد مادية بموجب اتفاقات رسمية كغطاء قانوني جوهرياً ، مما يجعل الرابح من العملية ككل ، شركات معروفة قائمة في المغرب أو مستحدثة في أكثر من دولة افريقية أفرزتها الزيارة الملكية الشهيرة المطولة للقارة نفسها ، التي لم يكن هدفها فقط العودة لعضوية الاتحاد الإفريقي قصد قطع الطريق الدبلوماسي على نجاح تقدم جبهة “البوليساريو” اتجاه فرض وجودها (فيما تدعيه) على الساحة السياسية الإفريقية ، بل لها ارتباط وثيق بتحركات ملك مهتم بترويج مبادراته الاقتصادية كرجل أعمال طموحاته عالية في كسب يليق بثروته الشخصية التي يحاول من تسعة عشرة سنة الوصول عن طريقها لأولى صفوف أغنى أغنياء العالم ،. لذا الاقتصادي الراغب دوما في الكسب المادي الغير محصور الاصفرار بعد الرقم المحترم الذي يسحبها خلفه وبالعملة الصعبة، صعب عليه التركيز في قضايا سياسية جد حساسة تتعلق بمصير قضية المغرب( دولة وشعبا) الأولى ، المرتبطة أساسا بالوحدة الترابية وبقاء النظام المغربي نفسه ، لذا ارتُكِبت أخطاء فادحة من غير الميسور استدراك خسائرها المادية والمعنوية ، منها المخطَّط السري المعمول (ساعتها) لتجميد الحكومة الشرعية عن دواعي لا يليق أن تذكرها دولة في حجم المغرب الزاخر بعلماء وفقهاء وعباقرة القانون كقانون لا يستحمل استخلاص اجتهادات تخص بعض فقرات فصوله لتتمشى على هوى قرارات فردية تُؤخذ دون الرجوع لذوي الاختصاص حتى لا يتم رفضها جملة وتفصيلا ، بعدها تعيين رئيس البرلمان بتلك الطريقة العجيبة الغريبة التي ضربت آخر مسمار على نعش الديمقراطية المغربية ليصبح الوطن رهبن تعليمات تُنَصِّبُ فيه مَن شاء صاحبها أو تقذف بمن شاءت للسجون بأحكام قاسية دون أن يرفع أصبعه بالاحتجاج أحد ، وكل ما وقع ، بما في ذلك موافقة البرلمان المغربي على القانون الأساسي للإتحاد الإفريقي، كان مثار استغراب خبراء القانون الدولي و إقرار الكثير من سياسيي ومفكري الدول المتحضرة على جعل المغرب خارج نطاق الدول الراغبة في بناء سياسة حكمها خلال الألفية الثالثة على مسار ديمقراطي بمشاركة المغاربة أحزابا كانوا أو نقابات أو منظمات أو مجتمع متمدن مكيف مع متطلبات العصر القائمة على التمكن من الحقوق للقيام بالواجبات . (المقال القادم تحت عنوان : خطاب سفينة بلا ركاب)
سفير السلام العالمي
مدير مكتب المغرب لمنظمة الضمير العالمي لحقوق الإنسان
في سيدني _ استراليا