السيمر / الأربعاء 15 . 08 . 2018
رجاء الهلالي
عالمنا العربي، ومنذ عقود، صار واضحا عليه تفكك المواقف، وتداخل المتبنيات شيئا فشيئا، حتى وصل الحال الى ما نحن عليه الان، نحارب إرهابا مدمرا تحت مسميات إسلامية، ونتبنى مواقف الدول التي تحتضنه وتدعمه، نستقتل لحماية أمننا القومي بكل الطرق المتاحة، حتى تحولت بعض دولنا العربية الى قواعد لحماية مصالح المستعمر، الذي بات يمتص خيراتنا ويستمتع لمشاهد الاقتتال، بل راح يخلق العداوات والمشاحنات والتشنجات ويؤطرها بإطار المصالح فصار هو الرابح.
لم تتوقف سلسلة أفلام الرعب التي تستشعرها امريكا من شبح إيران، فأصبحت تتصيد المواقف، وتتحين السبل لضرب هذه الدولة، ذات الثقل الإستراتيجي في معادلة الشرق الأوسط، فأصبحت كالكابوس الذي يقض مضاجع ترامب ومن يتوافق معه في المصالح.
كان خيار الحرب لدى ترامب من ابعد الاحتمالات لأنه يعد انتحارا، فغادر لغة التهديد وإتجه يشرعن ضرب إيران داخليا من خلال ضرب اقتصادها وتجويع شعبها، ليثقل كواهل الجماهير لتنتفض.
الموقف الأخير للسيد حيدر العبادي رئيس وزراء العراق “منتهي الولاية” لم يكن بالحسبان، فما الذي جعله يرى الأمور بعين واحدة، ويغمض الأخرى؟ فعينه على المصالح أملاً بولاية أخرى، جعله يغمض العين الأخرى عن الثقل الاستراتيجي لإيران الجارة، فلا شي يقف أمام الطموح في السلطة، والدعم الامريكي آت على طبق من ذهب، فرضا أمريكا غاية تدرك بتفهم مصالحها.
الاصطفاف في خندق العقوبات ضد إيران، في تصريح ناري للسيد العبادي، قال فيه ” ان حكومته ستلتزم بتطبيق العقوبات ضد إيران” ؛ جوبه برفض شامل لدى الأوساط العراقية كافة ، واعتبره البعض أحادي الجانب، لأنه لا يمثل رؤية العراقيين، ولا ندري على أي من الأسس استند في التعاطي مع موضوع خطير كهذا، فما يستورده العراق من البضائع الإيرانية الجيدة والرخيصة الثمن التي تمثل حاجة حقيقية للمواطن العراقي، مقارنة بغيرها يعادل ستة مليار دولارا سنويا، ونسبة ما يقارب نصف انتاجية الكهرباء في المحطات العراقية، تعتمد على الغاز الإيراني، ناهيك عن الثقل السياحي الذي يدعم اقتصاد العراق، من خلال وفود الزائرين الايرانين الى الديار المقدسة، كما لا يستهان بالدور الكبير لإيران ضد عصابات داعش الارهابية على العراق ودول الجوار.
حسابات غير منصفة استند إليها السيد العبادي وإرتكب خطأً فادحا حين أعلن الولاء المطلق لأمريكا، وهذا قد يجعله يخسر حياته السياسية، والكرسي الموعود، وحين أدرك ذلك متأخرا عاد الى معادلة مسك العصا من الوسط، التي كانت في محاولته الأخيرة لمغازلة طهران معترفا فيها بعمق العلاقات بين إيران والعراق، وضرورة المحافظة عليها، معولا على إيضاح سوء الفهم، في زيارة لكسب الود، بينما أغلقت العاصمة الإيرانية أبوابها بوجهه، فكان ردا دبلوماسيا يخفي وراءه الكثير.