السيمر / السبت 15 . 09 . 2018
رسل جمال
مع بدأية كل عام هجري جديد, يخيم السواد أرض السواد, إعلاناً عن بدء موسم الدموع والأحزان, ذكرى أستشهاد الأمام الحسين (عليه ألسلام) في كربلاء المقدسة, أن ألتاريخ في جريانه ألمستمر يرتب نفسه بنفسه, ويعيد عرض مشاهده مرة بعد أخرى في أكثر من زمان ومكان, لا لشيء الأ ليعتبر ألناس من حوادثه, فهو معلم يلقى دروسه بشكل متواصل ومتصل.
أن كربلاء بعنفواها وغليان تلك ألدماء في ساحتها, لا تختلف عن أنتفاضة البصرة كثيرا, ألا أن الطف امتلكت قائداً أخذ على عاتقه حامل تلك الثورة بتبعاتها الجسيمة, وبذل في سبيلها حتى رضيعه , أما البصرة فلم تحظى بذلك القائد, الذي يوحد الجهود ويرص الصفوف, لذلك كُثر من ركب موجة تلك التظاهرات وحرفها عن مسارها الصحيح.
أن القضية الحسينية قضية سياسية بعباءة عقائدية, أذ خرج الحسين بنفر قليل من أهله وصحبه, لمواجهة طاغية عصره, بعد أن رأى كيف تدهورت أوضاع البلاد, فالسياسة بمعناها الواسع والعام والشامل, لا تعني تدبير المؤامرات أو المناورات اوحتى الفوز بلعبة الأنتخابات, إنما السياسة الحقيقة هي العمل على توفير الخدمات الأساسية للناس, من بنى تحتية ورعاية صحية, وضمان أستقرار حياتهم, وأدارة مصالحهم العامة على أتم وجه, فعندما يختل المعنى الحقيقي للسياسة, تصبح الظروف مؤاتية لقيام ثورة للمطالبة, بأبسط حقوق الناس المشروعة بعيش كريم.
ان الحسين لم يخرج للمطالبة بولاية ثانية أو ثالثة لكرسي الحكم, بل أراد بخروجه أن تستقيم أمور الناس, بعدما تقهقرت هيبة الخلافة المحمدية, إلى أدنى درجات الأنحدار, فكثرت ألرشا, وعم ألخراب, وانتشرت الأوبئة, وانشغل الحكام بملذاتهم الخاصة, وتركوا أدارة الدولة لأخطبوط الفساد, يعيث فيها كيفما يشاء, كذلك أهل البصرة لم ينتفضوأ عبثاً, بل كانت تظاهراتهم للمطالبة بالماء!
كذلك الامام الحسين, أخر ما كان يطلبه هو الماء,أنها مقاربات ومقارنات, تدور في ذات الدائرة, وشرارات تنتظر الاشارة لتبتدء حريقها المشروع للأصلاح.
الطف هي النهاية الدراماتيكية لملحمة كربلاء الخالدة, ونقطة تحول في التاريخ الاسلامي, كذلك البصرة ربما ستكون الانعطاف والنهاية لسلسلة معاناة أستمرت 15 عاماً, أذا تم معالجة ألازمة وفق أسلوب جديد, يغادر النمطية في المعالجة.