السيمر / السيمر 14 . 11 . 2018
واثق الجابري
أزمة تشكيل الحكومة الجديدة ليست طارئة، وهي دليل على أزمات سياسية معتادة، تشير الى تفاقم الخلل وعدم إدراك المخاطر، وغياب الجدية لإستقرار البلد، بصراع مكشوف.
بعد أن تعهدت القوى السياسية على إطلاق يد رئيس الوزراء بإختيار وزراءه، وشخصت المحاصصة والحزبية الضيقة كمسبب للفشل والتعطيل والتبعية، وأنها سعي لتحقيق مصالح حزبية أكثر من الوطنية، والخلاف ما يزال يدور حول بقية كابينة عبدالمهدي الوزارية، ويحتدم الصراع على وزارتي الدفاع والداخلية.
لا بأس أن يرشح الشيعة وزير للداخلية والسنة وزير للدفاع، حسب تقسيم المكونات، لا تقطيع المحاصصة والإستئثار الحزبي، ولو أطلق اليد لرئيس الوزراء لإختار من المكونين أفضل من الشخصيات المطروحة.
ما تزال الأزمات تتوالى وتصدع العمل السياسي، والشارع يطرح سؤال من باب التذمر والإستياء، ودوران الإتجاهات السياسية، والغلبة الفئوية الساعية لتعطيل أمنية الأغلبية الشعبية، وإستقواء قوى بذرائع الإستحقاق الإنتخابي لتحقيق أهداف خاصة، ولها كلمة الفصل في تقرير مصير الدولة؛ تعمد بعض القوى على زحزحتها من أسسها المبنية على المساواة والعدالة، وبناء المؤسسات وإحترام القانون والإنسان والمواطنة، وقسمت المؤسسات الى دويلات متصارعة، وشكلت عائق أمام بناء دولة مستقرة مزدهرة، وصارت المؤسسات البديلة هي من تغذي النهب والفساد من ميزانية الدولة، ومن جيب مواطن فقد الكهرباء والماء الصالح، وشبابه يبحثون عن فرصة عمل نهبها المقربون.
في هذه الموصفات يراد إختيار وزير داخلية ودفاع، وتصر القوى السياسية على كشف كل أوراقها للتمسك بشخصيات، حولت معتقدات الوطن الى عصبيات يعتاشون عليها، وأذكوا الإنتماءات الفرعية والهويات المتقاطعة، وقدموا أنفسهم حماة قديسين، في حين كان جل عملهم لأحزابهم وعوائلهم، وأصروا على أن تكون الحكومة طبخة عجيبة، تجني الربح على كبار طباخي السياسة، وتكسب الربح غير الحلال من المناصب، ومن الوزرات التي يفترض أن تكون مستقلة لتعلقها بأمن وسيادة الدولة.
إن منظومة المحاصصة الحزبية،بتناقضها متفقة على تقاسم المكاسب، ومستمرة بالدعم الخارجي ومرتدية ثوب التبعية للإستقواء على الداخل بالإستجداء من الخارج، غير قادرة على بناء وطن، ومخالفة لشروط رئيس الوزراء، في إختيار وزراء ليسوا نواب أو وزراء سابقين أو رؤوساء أحزاب، فيما فالح الفياض رئيس حزب ووزير سابق، وجمع بين الحزبية وإستقلالية المنصب الأمني، وكأن الدولة بقرة حلوب لأن الكبار هم من يقررون، وصيغ المحاصصة يجري تداولها دون خجل ولا وازع ضمير ولا رادع للمحاسبة.
الإصرار على شخصيات بذاتها، قضية تحتاج الى دراسة التفكير السياسي لدى بعض القوى، وإختبار مصداقية الشعارات مع الأفعال.
تصر بعض القوى على ترشيح شخصيات مرفوضة من القوى السياسية والشارع، وكأنها تدعم حكومة عبدالمهدي إعلامياً، وتضع الخنجر في خاصرته، وتسعى لجعل العملية السياسية تعود الى التناقضات والصراعات وبسياسة فرق تسد، ويصاب الساسة بوباء التشبث والعناد لكسر شوكة الآخر، وبما أن وزارتي الدفاع والداخلية من أهم الوزرات، ويتعلقان بسيادة الدولة، لمواجهة خطر تضييع النجاحات، لذلك فشخصية الوزير المكلف بهذا الواجب تحتاج الى دراسة تاريخية، وجعل منصبة سبب لوئام سياسي، وبذا يكون وزيري الداخلية والدفاع قيد الدراسة الوطنية والرضى الشعبي، وإلا سيراوح العراق في أزماته، ويخضع لمخاطر الفئوية الحزبية.