السيمر / الأربعاء 28 . 11 . 2018
هشام الهبيشان / الأردن
تزامناً مع التقارير الإعلامية التي تتحدث عن ان إرهابيي تنظيم جبهة النصرة قاموا بنقل ما يقارب50 صاروخاً جرى تعديلها من قبل خبراء غربيين في أحد مقرات التنظيم الإرهابي قرب سجن إدلب المركزي حيث باتت هذه الصواريخ تحمل رؤوساً مزودة بمادة الكلور،وتؤكد هذه التقارير الإعلامية أن عملية النقل تمت على خمس دفعات وتوزعت في ريف إدلب الجنوبي الشرقي حيث تم تسليم تنظيم ما يسمى “أجناد القوقاز” الإرهابي 10 صواريخ في منطقة تل السلطان وما يسمى “جيش العزة” الإرهابي عددا من الصواريخ المماثلة في بلدة كفرزيتا شمال غرب مدينة حماة بنحو 38 كم وتنظيم ما يسمى “حراس الدين” المبايع لتنظيم “القاعدة” الإرهابي عددا من الصواريخ تم نقلها إلى مدينة مورك شمال مدينة حماة بنحو 30 كم فيما تولى تنظيم جبهة النصرة نقل وتسليم مجموعتين من الصواريخ لإرهابيي ما يسمى “الحزب التركستاني” وجهات أخرى لا تزال مجهولة، ونفس هذه التقارير تؤكد أيضاً وصول شحنة اسلحة ضخمة “مضادات دروع وطائرات ” لجبهة النصرة الإرهابية في ادلب ومحيطها ،عبر الحدود التركية .
وهنا ، من الواضح أن حجم التسليح الوارد في الفترة الاخيرة للنصرة الإرهابية ومن معها في ادلب ومحيطها ، يتزامن مع استعدادات الجيش العربي السوري لتحرير ادلب المحافظة ومحيطها،مع قرب نعي اتفاق سوتشي الروسي – التركي ،ووصول هذه الأسلحة ، ما هو الا نقطة البداية لتعويم جبهة النصرة الإرهابية من جديد، هكذا يقرأ معظم المتابعين، والمؤكد هنا أن هناك مخططات عسكرية تم الأنتهاء منها “في ادلب ومحيطها ” ومن باب أرضاء الأمريكي قد يذهب التركي لمنح أوراقه بالشمال السوري للأمريكي ويصبح شريك للأمريكي بمد مناطق نفوذ تركية – أمريكية … تمتد من اقصى جنوب شرق سورية “التنف ” وصولاً لاقصى شمال سورية “جرابلس “… والأكراد ليسوا عائقاً بحال التفاهم التركي – الأمريكي ، وماجرى بمنبج سيجري بمناطق اخرى ، وهنا فـ الواضح أنهم يستعدون “الأمريكي والتركي “وعبر أدواتهم فعلياً لعملية عسكرية تمتد من جبهات مثلث ريف حماه الشمالي الغربي وريف اللاذقية الشمالي الشرقي وحلب الجنوبي الغربي …. لقطع الطريق على عمليات الجيش العربي السوري في عموم هذه المناطق “وخصوصاً بعد تأكيد وصول مضادات للطائرات والدروع لجبهة النصرة ومحيطها بادلب ومحيطها “.
ومن خلال تفاصيل ما جرى من أحداث وتغيرات عسكرية رافقت وستلحق وصول شحنة الاسلحة الضخمة لجبهة النصرة الإرهابية في ادلب ومحيطها ،يقرأ بعض المطلعين والمتابعين هنا لمسار الاحداث العسكرية بالمحافظة ككل وعلى مختلف ساحات المعارك المنتظرة في الشمال السوري، أن الهدف من وراء هذا الدعم العسكري للنصرة الإرهابية، هو إتاحة الفرصة أمام بعض أجهزة الاستخبارات عسكرياً وأجهزة الإعلام سياسياً وإعلامياً لإعادة تبييض وتعويم جبهة النصرة من جديد وترتيب أوراقها بالداخل السوري وتجميع قواها بالشمال السوري، لإسقاط مفاهيم جديدة على دور الجبهة بسورية، والسعي لإعادة إحياء وشرعنة دورها كمثل للمجاميع الراديكالية المسلحة بسورية.
اليوم من الواضح أن مسعى بعض الدول «تركيا – أمريكا» لإعادة تعويم جبهة النصرة من جديد، قد ينجح مرحلياً ببعض المناطق بشمال سورية “عمق ادلب ” ، وهذا النجاح لن تسقط مفاهيمه ، على المدى المتوسط والبعيد ،فـ المعارك الكبرى التي من المنتظر أن بنجح بها الجيش العربي السوري في تحرير مساحات واسعة من مناطق ريف حماة الشمالي والغربي واللاذقية الشمالي الشرقي وحلب الجنوبي الغربي ،والتي هي بمعظمها تخضع لسيطرة جبهة النصرة، ستسقط أي مشروع تركي – أمريكي ،لخلط الاوراق بمجمل المعادلة العسكرية في الشمال والشرق السوري ، وموضوع تسليح جبهة النصرة الإرهابية ، يتم التعامل معه من قبل الدولة السورية ،بمنطق الحرفية والعمل الاستخباراتي المسبق ، فالضربات لمستودعات ولقوافل الاسلحة المستمرة في ادلب وعمق امدادها المرتبط بالحدود التركية ،سيحد بشكل كبير من قدرة النصرة ومن معها على المناورة طويلاً بادلب وعمقها الاستراتيجي ، فـ بمجرد تحرير الجيش العربي السوري لمحيطها الاستراتيجي ” مثلث ريف حماه الشمالي الغربي وريف اللاذقية الشمالي الشرقي وحلب الجنوبي الغربي” ستنهار باقي الجبهات بادلب وعمقها سريعاً .
وعند الحديث عن محيط ادلب ، فهذه الجبهة شهدت معارك كبرى وخصوصاً ببلدات تتصل جغرافياً بعمق ادلب الاستراتيجي، فهناك وعلى مشارف بلدات جسر الشغور واريحا وسراقب وخان شيخون وغيرها “بعمق ادلب وريفها” دارت معارك كبرى، ويبدو واضحاً من أن تصعييد معارك الجيش العربي السوري في عموم هذه المناطق في المستقبل القريب ، سيكون له آثر كبير على وآد المشروع التركي – الأمريكي قبل ولادته .
ختاماً، إن عملية تعويم وتسليح جبهة النصرة شمال سورية ترتبط بمجريات ومخططات واسعة وشاملة يسعى التركي كما الأمريكي إلى إنجازها بالمراحل المقبلة، مع العلم أن هذه المخططات التي يسعى التركي والأمريكي لإنجازها لها مجموعة محددات ظرفية وزمانية ومكانية، وليس من السهل التنبؤ بمسار حركتها أو طبيعة وكيفية الحسم فيها، وخصوصاً بعد تهديد جبهة النصرة الإرهابية وتحت غطاء التركي والأمريكي لفتح معارك واسعة في عموم ريف حلب الجنوبي الغربي والعودة لتهديد حلب المدينة من خاصرتها “الغربية “، والهدف من هذه المعارك كما يتحدثون هو منع أي فرصة تسمح باختراق ما ينجزه الجيش العربي السوري يعطي القيادة السياسية السورية أوراق قوة جديدة، ومن هنا سننتظر مسار المعارك على الارض وخصوصاً بالأيام الأربعة المقبلة، لنقرأ مسار المعارك بوضوح بعيداً من التكهنات، مع تأكيد أن الجيش العربي السوري ينتظر ساعة الصفر لانطلاق معركة تحرير محيط محافظة إدلب ، وهو الآن يخوض معارك دفاعية “تكتيكية “على مشارف بلدات ريف المحافظة، وفي الإطار ذاته، فالجيش العربي السوري حصّن ريف حماه الشمالي الغربي وريف حلب الجنوبي الغربي ،خشية من أي اختراق لمحيط معسكر جورين العسكري وخاصرة حلب المدينة الغربية الاستراتيجية مستقبلاً، ويستمر بتوجيه ضربات محكمة وبحرفية عالية لتحركات جبهة النصرة بعمق ادلب وأريافها .