السيمر / الثلاثاء 08 . 01 . 2019
رسل جمال
في السادس من كانون الثاني من كل عام، يتذكر العام ان يحتفل بالقيادة الميدانية لساحات القتال، انه عيد تأسيس الجيش العراقي الباسل، تلك الماكنة العملاقة التي اعتادت تسير فوق الألغام غير مبالية، فمنذ تاسيس الجيش العراقي في عشرينيات القرن الماضي،حرص على ان يطبع بصمة واضحة في حروب ومعارك المنطقة، من الشرق إلى الغرب، والمتتبع لتاريخ الوطن العربي الحديث والمعاصر سيتأكد من كلامنا هذا بالأرقام، فالجيش العراقي وقف جنباً إلى جنب مع اخوانه العرب في معاركهم القومية مع العدو الصهيوني ، أما مقابر جنودنا الأبطال في فلسطين وهضبة الجولان خير شاهد لهذا السجل المشرف من البطولات، ورغم ذلك التاريخ الطويل من التضحيات والدماء، الا هناك جدلية شائكة بقيت عصيه الفهم للمفكر العراقي بين سلطة الحكومة وبين قوة الجيش بوصفه اليد الضاربة، والعصا التي تلوح بها الدولة لمن يسيء الأدب خارجياً وداخلياً، اذ ترسخت بالأذهان مشاهد القمع والضرب للمتظاهرين، خصوصا في ستينيات القرن الماضي، اكثر الفترات ضجة ودموية! وساد السؤال التالي؛ هل الجيش هو عبارة عن قوة صماء لأتعرف سوى تنفيذ أوامر السلطة؟، أم انها جزء لا يتجزء من النسيج المجتمع ومن هنا تبرز لنا قضية اكثر تعقيد، إذا كان الجيش اكبر من كونه مجموعة أفراد تنفذ الأوامر بصرامة تامة، أي انه يملك حس مجتمعي قد يحرك ذلك الكيان ويغير مسرى الأمور وفق المصلحة العامة! حتى لو جاءت خلاف الأوامر العليا، ومن هنا جاء مفهوم الانقلاب العسكري الذي شهدته المنطقة في فترة من الزمن، اذ أخذ مجموعة من الضباط في مصر والعراق وغيرها من البلدان التي كانت ترى ان عجلة الحياة السياسية تمضي بشكل متعرج وغير مرضي! ان المنظومة العسكرية ماهي الا نتاج مجتمع، فهو يضم الأب والابن والأخ، أي هو جزء لصيق من المجتمع ولا يمكن التعامل على انه كائن منفصل عن هموم المجتمع، قال لي والدي رحمه الله ذات مرة، ان الجيش اشبه بمصهر لأخلاق الرجال، يدخلونه مختلفين ويخرجون منه وهم على نسق واحد، من حيث النظام وغيرها من الخبرات، يدخلونه غرباء ويتسرحون منه وهم اخوة وأشقاء. ان النظام العسكري الإلزامي بعد التغيير الذي شهده العراق، والتحول الذي طرء على المجتمع اصبح حاجه تربوية اكثر من كونه ضرورة أمنية و البيب تكفيه الإشارة ! اذ جاء قرار حل الجيش العراقي بمنتهى الطيش، بعد دخول القوات الأمريكية على خط الأحداث، وفي وقت كان الوطن اشد حاجة لمؤسسة الجيش، لمسك الأمن والنظام الداخلي، واقتضت الحاجة إلى اعادة تشكيل الجيش العراقي وهي عملية ترميم للجيش اضافة إلى استحداث تشكيلات جديدة في الجيش العراقي، مثل قوات مكافحة الإرهاب وقوات التدخل السريع. أما عند دخول داعش الإرهابي الأراضي العراقية، عندها أصبحت الحالة الأمنية على المحك وصار لزاما ايجاد قوة ساندة للجيش، من هنا انطلقت فتوى المرجعية المقدسة تلبية لنداء الوطن، فانبثقت قوة (الحشد الشعبي ) قوة شعبية دفعها حب الوطن والغيرة على ترابه إلى التخندق في السواتر الأمامية وجه لوجه مع اقذر عدو عرفه التاريخ، على قلة العدة والتدريب، الا ان أبطالنا سطروا الدروس للعالم ليتعلموا كيف تكون الفروسية في الميدان. هكذا هو الجيش العراقي كطائر العنقاء، ينهض كل مرة من بين ركام الهزيمة، وهو أقوى واشد بأساً .