السيمر / فيينا / الاثنين 02 . 09 . 2019
اياد السماوي
لست من دعاة نشجب وندين ونستنكر ونرفض .. ولم استسغ يوما كلّ بيانات الشجب والإدانة والاستنكار والرفض .. بل اعتبر كلّ هذه البيانات إن لم ترتبط بموقف جدّي وعملي هو نوع من التواطئ مع المعتدي وطريقة لامتصاص الغضب والتخدير .. فكم من بيان إدانة واستنكار وشجب أصدرتها المنظمات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي أدانت فيها جرائم إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني والعالمين العربي والإسلامي ؟ فهل توّقفت إسرائيل يوما عن اعتداءاتها وعدوانها الدائم على العرب والمسلمين ؟ وهل استطاعت قرارات الأمم المتحدّة ومجلس الأمن الدولي على إرغام إسرائيل على الانسحاب من الأراضي العربية المحتلّة ؟ من الذي أرغم إسرائيل على الانسحاب من الجنوب اللبناني ؟ هل هي بيانات الشجب والاستنكار ؟ أم هي أرواح الشهداء ودمائهم الطاهرة والتضحيات بالغالي والنفيس ؟ وهل احترمت أمريكا مشاعر العرب والمسلمين يوما ومنعت إسرائيل عن عدوانها الدائم على العرب والمسلمين ؟ إذن فما فائدة بيانات الشجب والاستنكار لما أقدمت عليه قناة الخارجية الأمريكية ( الحرّة ) القذرة من إساءة بالغة لأهم مؤسسة دينية في العراق ؟ هل قناة ( الحرّة ) الفضائية هي قناة مستقلّة حقا ولا سلطة للخارجية الأمريكية عليها ؟ أليست الخارجية الأمريكية هي من يشرف على برامجها ؟ وهل هنالك ترابط في استهداف هذه القناة للحشد الشعبي والمرجعية الدينية ؟ متى نقتنع أنّ المرجعية الدينية العليا والحشد الشعبي هما من أفشلا مشروع أمريكا وإسرائيل والسعودية في الشرق الأوسط ؟ وإلى متى نبقى نعتقد أنّ أمريكا يمكن أن تكون صديقا للعراق ولا تتآمر عليه مع إسرائيل والسعودية لتقويض نظامه القائم وزعزعة أمنه واستقراره ؟ وما قيمة بيانات الشجب والاستنكار لما أقدمت عليه قناة الخارجية الأمريكية في استهدافها للمرجعية الدينية العليا ؟ وما هو الرّد المناسب لهذا الاعتداء الصارخ على مقام مرجعية العراق الدينية ؟ …
لقد أثبتت الأحداث أنّ الوجود العسكري الأمريكي في العراق ليس من أجل مساعدة العراق في التصدّي لداعش الأمريكية الإسرائيلية السعودية , بل أنّ الهدف من هذا الوجود العسكري هو لإعادة احتلال العراق مرّة أخرى والتحّكم في إدارة سياساته الداخلية والخارجية بما ينسجم مع المشروع الأمريكي الإسرائيلي السعودي في الشرق الأوسط , والتصدّي للمقاومة الإسلامية الرافضة لهذا المشروع والتي يمّثلها كل من إيران وسوريا وحزب الله في لبنان والحشد الشعبي في العراق وأنصار الله في اليمن , والضغط على الحكومة العراقية بحل الحشد الشعبي وإنهاء دوره من خلال تذويبه في المؤسسات الأمنية الأخرى وإعادة السيطرة على الحدود العراقية السورية لمنع وإيقاف المساعدات العسكرية الإيرانية إلى سوريا وحزب الله في لبنان , وإسقاط هيبة ومنزلة المرجعية الدينية العليا في نظر أبناء الشعب العراقي من خلال تجنيد بعض الجراء الذين جندّتهم مخابرات أمريكا وإسرائيل لتشويه سمعة المؤسسة الدينية وتشويه صورتها المقدّسة عند أبناء الشعب العراقي .. وليعلم الشعب والحكومة العراقية أنّ أمريكا وإسرائيل لن يغفرا يوما لهذه المرجعية التي أفتت بالجهاد الكفائي ضدّ داعش وأوقفت مشروع أمريكا وإسرائيل والسعودية في الشرق الأوسط .. وعليه فليس أمامنا من ردّ مناسب لهذه الإساءة البالغة سوى إنهاء الوجود العسكري الأمريكي في العراق وإلغاء الاتفاقية الأمنية المعقودة بين بغداد وواشنطن المعروفة بصوفا .. فهذا هو الرّد العملي على قناة وزارة الخارجية الأمريكية …