الرئيسية / مقالات / وثيقة الجادرية.. بداية ام نهاية؟

وثيقة الجادرية.. بداية ام نهاية؟

السيمر / فيينا / الاثنين 25 . 11 . 2019

محمد جواد الميالي 

أنطلقت في ٢٥ أكتوبر المنصرم، تظاهرات حاشدة في بغداد ومدن الجنوب، رافعين شعار السلم والسلام.. مطالبين بتوفير الخدمات والإصلاحات، وتطالب بإقتلاع  رؤس  الفساد، التي عاثت الخراب في البلد، تحت شعار “نازل أخذ حقي” .. ورغم أنها بدأت سلمية, لكن شابها العديد من حالات العنف.

الغريب أن مدن ومحافظات  السنة، عرباً وكرداً، لم يبرحوا مكانهم ولم يتظاهروا، كأن على رؤسهم الطير و أن لا فساد عندهم! ..بل وكأنهم يعيشون في باريس وليس العراق.. لماذا يسودهم هذا الصمت، تجاه ما يثار في بلدنا من تظاهرات؟ هل عُمِرَتْ مناطقهم.. أم أستعادوا حقوق أراملهم وقتلاهم.. أو بالآحرى لا يريدون وطنا كالآخرين؟!  كل هذا وأكثر يجعل الشك والحيرة يدبان في قلوبنا.. هل هناك شيئاً يخص مدن الشيعة؟ هل يريدون فتكاً بمحافظات الحشد والمرجعية؟ 

كلها تبقى تساؤلات لها وجهان من الإجابة، بين مؤيد للتظاهرات رافض لفكرة المؤامرة، بحجة أنها تنبع من مرض نفسي، وبين رافض لعنف  الإحتجاجات  مؤيد لفكرة المؤامرة، ودليله إختصاصها بمدن الجنوب فقط..

“نطالب بأسقاط النظام” هذه العبارة التي فاجأت الجميع، لما يتبعها من هرج ومرج لو تحققت و دخلنا حقاً في الفراغ الدستوري، الذي حاربه وبشدة رئيس الوزراء، وقال أنه مستعد للإستقالة لو كان هناك بديل.. وهي نقطة تحتسب له ولحنكته السياسية.. لو فهمها المدركون لبواطن الأمور.

إذاً وعلى طريقة علم الرياضيات، فإن المعطيات تؤكد أن مدن السنة والكرد موافقين على النظام البرلماني، لأنهم لم يشاركوا في الإحتجاجات، أو بالآحرى هذا ما صرح به قادتهم، وكذلك بعض الناشطين في مدنهم.. إذاً لا يمكن أن نذهب إلى إسقاط نظام دولتنا، الذي سيفتح الباب على مصراعيه أمام التدخل الخارجي والحرب الأهلية ربما..

المرجعية الدينية في النجف قالت في آخر خطبتها، يجب أن تكون هناك إصلاحات واقعية، وتحت سقف زمني محدد.. إذا الكل لا يقبل بإسقاط النظام، وإنما يطالب بإصلاحات حقيقية تغير حالنا إلى الأفضل.

التطور هنا يعتمد على ما ستفعله الحكومة، لتلبية مطالب المتظاهرين السلميين والمرجعية، تجاه حزمة الإصلاحات المناطة بسقف زمني وتطبيقها فوراً، لذلك كان لابد منهم التجرد ولو إعلامياً من أي تعنصر حزبي، والعمل من أجل إنقاذ الوضع الراهن، فكان إجتماع الجادرية هو مخاض لا يستهان به.. بحزمة إصلاحات عديدة، وصلاحيات كاملة لعادل عبد المهدي، بشرط أن يحقق كل الأهداف المشروعة بظرف خمسة وأربعين يوماً، و إلا فالإقالة والإنتخابات المبكرة هما الحل الوحيد المتبقي.

خمسة وأربعون يوما، ستكون هي الحد الفاصل والملاذ الأخير للمتشبثين بالسلطة، فأما تحقيق المطالب المشروعة للشعب المنتفض، والتي أهمها تعديل قانون الإنتخاب، الذي جعل السلطة عبارة عن ورث لبعض العوائل، وإصلاح منصة القضاء، التي لم تكن يوماً منصفه في محاسبة الفاسدين، وإعادة هيكلة مفوضية الإنتخابات، التي ما أن تنتهي أصوات الإقتراع، حتى تتراشق الإتهامات حولها.

ظلام الساسة بدأ ينجلي بهتافات المتظاهرين، وأياديهم التي طالما سرقت، بترتها لهم خطبة المرجعية..  ما بقيت من فتراتهم  إلا أيام معدودات، فأما إصلاح شامل للنظام السياسي، أو لن يكون أمام الشعب سوى خيار خلعهم من منصات السلطة لأنه دائماً وأبداً، هو مصدر السلطات.

اترك تعليقاً