السيمر / فيينا / الخميس 02 . 01 . 2020
أياد السماوي
عام مضى وعام جديد قد بدأ .. لم يكن العام المنصرم هو الأسوأ في حياتنا كما يقول أخي الصحفي حمزة مصطفى .. فقد عشنا أعواما وسنين مليئة بالحزن والألم والمرارة في عهد الديكتاتور المقبور صدّام كانت أكثر ألما من العام المنصرم وأكثر مرارة .. نعم كان العام 2019 من الأعوام السيئة في مرحلة ما بعد صدّام , لكنّه لم يكن أسوأ من عام داعش وما حصل في هذا العام من مجازر بشرية هزّت ضمير الإنسانية .. لست بصدد الحديث عن معاناة العراقيين في العام المنصرم ولا عن الانتفاضة الشعبية الهادرة التي تفجرّت في الأول من تشرين الأول الماضي , ولا عن جريمة قتل العراقيين العزّل المطالبين بالإصلاح والتغيير بدم بارد , ولا عن عجز الطبقة السياسية الحاكمة في إيجاد مخرج للأزمة السياسية والدستورية التي رافقت استقالة عادل عبد المهدي , ولا عن قرقوز مجلس النواب الذي رشّح نفسه لرئاسة الوزراء والذي يطالب بمحاكمة هادي العامري .. وإنّما أردت أن استّهلّ العام الجديد بالشكر لله تعالى على حماقة الرئيس الامريكي وعدوانه السافر على قواتنا المسلّحة العراقية في اللوائين 45 و 46 المرابطين على الحدود العراقية السورية , وسقوط أكثر من مئة شهيد وجريح في هذا العدوان الغادر .. وكما يقول المثل ربّ ضارّة نافعة …
فبالرغم من فداحة العدوان على سيادة العراق وقوّاته المسلّحة , إلا أنّ هذا العدوان الغاشم قد وفرّ كلّ المبررات الشرعية والقانونية والأخلاقية لتشريع قانون الوجود العسكري الأجنبي في العراق .. كما فتح الباب على مصراعيها لإعادة النظر في الاتفاقية الأمنية الموّقعة بين العراق والولايات المتحدّة الأمريكية عام 2008 .. كما أعطى المبرر للطلب من قوات التحالف الدولي مغادرة الأراضي العراقية لانتفاء الحاجة لمبررات وجودها .. والحقيقة أنّ هذا العدوان قد حفزّ الجميع للذهاب إلى مجلس النواب من أجل تشريع قانون الوجود العسكري الأجنبي في العراق , حيث لم يعد لرئيس مجلس النواب بعد الآن أن يحتفظ بمشروع هذا القانون في أدراج مكتبه .. وهنالك من يقول أن وجود قوات التحالف الدولي في العراق ضرورية للتصدّي لداعش التي بدأت تنشط خلال الأشهر الأخيرة الماضية .. وهذا القول يعيدنا إلى حقيقة الدور الذي الذي قامت به قوات التحالف الدولي في الحرب على داعش .. وليعلم الجميع أنّي لست منحازا لجهة على حساب جهة أخرى , لكنّي على اطلاع كامل ودقيق عن دور قوات التحالف الدولي في حربها على داعش .. واستطيع أن أقدّم بالأدلة الدامغة أن طائرات التحالف الدولي الأمريكية كانت تستهدف قوات الحشد الشعبي أكثر مما هي فلول داعش , خصوصا عندما كانت قوات الحشد الشعبي تحاصر وتنقّض على فلول داعش المهزومة في ساحات المعارك , كانت الطائرات الأمريكية تهبّ مسرعة لفك الحصار عن داعش وتوّجه ضرباتها لقوات الحشد الشعبي تحت ذريعة القصف الخطأ , وقد تكررّت هذه الحالة عشرات المرات .. وفي كثير من الأحيان كانت قيادة الحشد تشترط على القيادة العامة للقوات المسلّحة عدم إشراك طيران التحالف الدولي , لأنّها تعرف مسبقا أنّ قوات الحشد الشعبي ستكون هي المستهدفة وليست داعش ..
هذه هي حقيقة قوات التحالف الدولي التي يتبّجح بها البعض ويعتبرها أنّها من أوقف زحف داعش على بغداد ومدن العراق الأخرى , علما أنّ قوات التحالف الدولي لم تتشّكل ولم تبدأ طلعاتها الجوّية إلا بعد مرور أكثر من أربعة أشهر من سقوط محافظات الغرب العراقي ووقوف داعش على أبواب بغداد .. فخلال هذه الفترة استطاعت قوات الحشد الشعبي وبمساعدة الجمهورية الإيرانية حصرا , أن تحررّ طريق بغداد سامراء ومحيط بغداد وتحرير آمرلي وجرف الصخر , وأبعدت شبح سقوط العاصمة بغداد بيد داعش .. لست بصدد فتح ملّف قوات التحالف الدولي في العراق .. لكنّي أقولها وبكلّ صراحة وشجاعة , أنّ وجود القوات والقواعد الأمريكية في العراق تحت أي عنوان وأي مبرر , ستكون له آثارا سيئة على القرار السياسي العراقي وعلى أمن واستقرار العراق .. وما دامت هذه القوات والقواعد منتشرة في شمال وغرب العراق , فإنّ انتهاك سيادة العراق وأجوائه من قبل إسرائيل وتوجيه الضربات للحشد الشعبي , سيبقى قائما ومستمرّا .. وقد حان الوقت لرحيل كلّ القوات الأجنبية من العراق ..
في 02 / 01 / 2020