الرئيسية / مقالات / كلام حول جريمة غسل العار

كلام حول جريمة غسل العار

السيمر / فيينا / الاحد 01 . 03 . 2020

اسعد عبدالله عبدعلي

اشتبه الاخ الاكبر بسلوك اخته الصغيرة الطالبة الجامعية, حدث كل هذا عندما رأى شباب الحي وهم يتهامسون عنها كلما مرت امامهم, كان يعاني تلك الايام من ضغط الشرف والعار فكل شيء اصبح على المحك, مجتمعه عشائري لا يقبل بالسكوت, بدأ يشكل بكل شيء من حوله, ومع ضغط الوساوس تحولت صورة اخته من الملاك الطاهر الى شيطان خبيث, في النهاية لم يجد حلا اخر الا ان يحمل سكين المطبخ ويقوم بطعن اخته مرارا انتصارا لشرف عائلته.

فيما بعد بينت التحقيقات ان الضحية باكر وبريئة, وكان شباب الحي يتهامسون ويتمنون الفوز بقلبها وزواجها لعفتها.

قضية قتل البنت لحماية شرف العائلة بشكل مخالف للقانون والشرع, وامتثالا تاما لشريعة القبيلة, والتي تعتبر المرأة جالبة للعار, ولا حل لقضايا الزنا الا قتل البنت, اما الزاني فلا يوجد قانون عشائري يجيز قتله, فقط عليه غرامات كبيرة عليه دفعها والاغلب عشيرة البنت لا تطالب بهكذا غرامات.

نحاول فهم كيف تحول المجتمع عن الشريعة الاسلامية وضرب بها عرض الحائط! والتزم بتشريع وضعي صنعته القبائل.

هنالك راي مهم للدكتور علي الوردي ومفاده: ان العراق وقع تحت الاحتلال العثماني نحو ست قرون (600 سنة ولك ان تتخيل ), عمدت السلطة العثماني على دعم التخلف والجهل وتدمير البلد, وقامت بتغذية عوامل الانحطاط الحضاري, فانتشرت القيم العشائرية, وانتشرت العصبية القبلية ضعفت الدولة وانتشرت مشاهد الثأر والنخوة والضيافة والغزو وغسل العار, واحترام المكر والشطارة على حساب الثوابت والاخلاق.

لقد اعتاد الناس ان ينظروا الى الرجل الذي لا يغسل عاره نظرة احتقار شديد! حتى انهم لا يردون له تحية, ويعتبرونه مخنثا, بل تافها لا يستحق الاحترام, فيصبح هذا الانسان مسيرا لارتكاب جريمة الشرف ليستعيد مكانته داخل بيئته, او ان يعيش باقي حياته ذليلا مهانا معزولا, لذلك يفعل ما يريده المجتمع منه والضحية دوما هي الانثى في مخالفة صريحة لشريعة الاسلام وللقوانين الانسانية.

الغريب في القضية ان الانسان يدرك ان فعلته قد تدفعه الى النار فهو قاتل النفس التي حرم الله قتلها الا بالحق, والحق يحتاج لقاضي ومحكمة شرعية وشهود تفتي بقتل المتهمة او براءتها, لكن هو يتجاوز كل هذا ويعطي لنفسه حق تنفيذ قرار يرضي القبيلة, ويبعد عنه تهم المجتمع  بالتخنث والتفاهة والضعف, فهو يخالف الدين ليرضي مجتمعه! ويدفع نفسه نحو نار الجبار كي يعود لمكانته في عشيرته, مع اننا نجده ملتزم دينيا طوال حياته, يستمع لكلام العلماء ويداوم على زيارة الاضرحة ويصوم رمضان, لكن عند نقطة الضغط المجتمعي يتفكك كل هذا الالتزام ويصبح اداة مسيرة لفعل الجريمة.

اننا امام عادة سيئة نتيجة الجهل, علينا ان نعود الى الاسلام ونحكمه في مثل هذه القضايا, وان نهجر جنون قوانين العشائر التي عمدت الى تسفيه الامر ودعم الانحطاط الحضاري والقيمي.

اترك تعليقاً