الرئيسية / مقالات / بحر بيروت صار أسود

بحر بيروت صار أسود

السيمر / فيينا / الاثنين 05 . 08 . 2020

سليم الحسني

بكتْ بيروت. عصفَ الموت فيها. مبسمها الضاحك اختفى، وصار البحر أسود.
هل رشقها الشيطان بجمرته؟

لِمَ لا. فهذا الصوت المسموع من بيروت، يعرفه رجل طاعن في السن من هيروشيما. وهذه القسوة يعرفها طفل في العراق وآخر في اليمن وثالث في سوريا ورابع في غزة.

قال رجل سياسة: حادث عرضي، لا أثر فيه لفاعل.

قل عامل نجا من الموت: لا أدري.

قالت أمٌ تفقد أبنائها بالجوع والقتل كل يوم: علّمني الحزن أن أبحث عن الشامتين، ولقد رأيتهم منذ أول لحظة… سكتتْ لم تكمل كلامها، مات للتو في حضنها طفلها الجائع.

روحٌ حائرة دارت على مرفأ بيروت. قضتْ الليل تفتش بين الدمار. لم تنظرْ الى الأشلاء. لم تبحث في الوجوه. لم ترفع حجارة. كانت حائرة حزينة. نشيج هامس يتردد مع أنفاسها. ما الذي يُشغلك أيتها الروح المسكينة؟
قالت: ابحث عن عود ثقاب ألقاه الشيطان.

لا ينطفئ هذا العود، لا تنطفئ هذه الجمرة. تُشعل حريقاً في بغداد. تقتل أثنين عند المطار. تفجّر رعباً في كل مكان. تصنع هيروشيما في بيروت.

سكتتْ الروح. بكت بيروت مرة أخرى. بكاؤها في الصباح كان أشد. صار البحر أسود أكثر.
قال أبٌ يفقد أبناءه بالجوع والقتل كل يوم: علمني الحزن أن أحذر من أبناء الشيطان.
٥ أغسطس ٢٠٢٠

اترك تعليقاً