السيمر / فيينا / الخميس 21 . 08 . 2020
خالد الناهي
أثبتت تجارب الحياة أن حلو الكلام دون ان يرتبط بعمل, لا يحقق نتيجة وفي الغالب يؤدي الى فقدان الثقة بين المتكلم والمتلقي.. ولا فلاح دون صدق وترابط بين الخطاب والفعل..
ماحدث في تشرين الماضي كان تحولا مفصليا في عراق ما بعد٢٠٠٣.. تظاهرات واحتجاجات كبيرة ومتنوعة, وجماهير رفعت شعارات كثيرة تطالب بالإصلاح الحكومي, وتدعوا لتشجيع الصناعة الوطنية, ومحاربة ومحاسبة الفاسدين, فيما اخذ قسم من الشعب يلف نفسه بالعلم العراقي, او يرسم وشما على وجهه وجسده للعلم العراقي وغيرها من التعبيرات التي تدل على وطنية كبيرة.. ولو شكليا.
حراك شارك به الجميع من طلبة العلوم الدينية, ومن كل فئات وقطاعات المجتمع وصولا حتى لمن توثف بأنها “بنت ليل أو بائعة هوى” وكان الجميع يطالب بتغير الحال وكل له اسبابه وأهدافه.. لكن يبقى المعلن لهذه التظاهرات بانها لأجل الوطن والمواطن..
بالمقابل وجدنا هناك تفاعلا كبير حصل من المرجعية وبعض قيادات البلد مع هذه التظاهرات المطلبية, بل ان المرجعية ومن خلال خطب الجمعة وعلى لسان وكلائها ساندت التظاهرات وأعلنت ذلك جهارا, لدرجة انها قالت ان العراق ما قبل تشرين ليس كما بعده, وان كانت وصف (السلمية) لم يفارق كلمة ( التظاهرات) في جميع خطبها, أي أنها ساندت التظاهر والمطالبة بالحقوق وليس أعمال التخريب والقتل.
خرج علينا السيد عمار الحكيم قبل أيام بتغريدة مشابهة لكلام المرجعية، حين تحدث عن الهوية الوطنية قبل تشرين وما بعدها, مطالبا بترسيخ الهوية الوطنية وتعزيزها.
المواقف الثلاثة ( الشعب, المرجعية, الحكيم) من خلال طرحهم يبدوا ظاهرا أنهم يريدون بناء وطن.. لكن يبقى هذا مجرد طرح, ولو استبعدنا المرجعية من التشكيك باعتبارها جهة دينية ليس لها مصلحة في خداع الرأي العام, وأثبتت مصداقيتها والشواهد على مواقفها الوطنية أكثر من أن تحصى، لا يمكننا ان نستبعد الطرفين المتبقيين ( الشعب والحكيم) دون أن نضعهم تحت المجهر..
باعتبار الشعب ولأكثر من مرة لم يختر ممثليه على أساس الوطنية, إنما تبعا لعوامل المحسوبية والعشائرية والحزبية كان لها أثر كبير في اختيارهم, مما جعل مخرجات العملية السياسية على هذا النحو المشوه والفاشل..
أما الحكيم فهو مشارك في العملية السياسية التي جاءت بعد التغير, بل وفاعل فيها وله ثقله السياسي, بالرغم من قلة تمثيله البرلماني والحكومي.
وصولا لهذا الواقع صار واجبا، على الشعب والحكيم أن يثبتوا أن ما يطرحونه من شعارات, ليس مجرد كلام في الهواء, ويجب أن نتلمسه من خلال ما سيقوم به الشعب من مشاركة فاعلة في الانتخابات القادمة وليس المشاركة فحسب, إنما من خلال اختيار ممثليه..
اما الحكيم فسنعرف نواياه من خلال مرشحيه الذين سيطرح اسماءهم في قائمته الانتخابية, وكذلك تحالفاته التي سيدخل بها لخوض الاستحقاق القادم..
لغاية الان سننظر لما طرحوه ونقول لهم “افلحوا ان صدقوا”.. وننتظر ونرى.